الأخبار المحليةتقارير وتحقيقات

دور المجتمع والعشائر والقانون في حماية المرأة إذا كانت ضحية للتشهير والابتزاز من مجموعة رجال

*الحقوقية انوار داود الخفاجي*

تواجه المرأة في المجتمعات المحافظة، ومنها العراق، تحديات كبيرة عند تعرضها للتشهير أو الابتزاز، خاصة إذا كان الفاعلون مجموعة من الرجال. قد تجد نفسها وحيدة في مواجهة مجتمع يحمّلها المسؤولية، بدلًا من أن يكون سندًا لها. يلعب كل من المجتمع، العشائر، والقانون دورًا محوريًا في حمايتها، لكن التفاوت في تنفيذ هذه الأدوار قد يكون عاملًا في استمرار الظلم الذي تتعرض له النساء في مثل هذه القضايا.

*التشهير والابتزاز عندما تتحول المرأة إلى ضحية بلا حماية*

التشهير والابتزاز من أخطر الجرائم التي تهدد النساء، حيث يستخدم الرجال أدوات مختلفة مثل وسائل التواصل الاجتماعي، التهديد بنشر صور خاصة، أو تشويه السمعة عمدًا بهدف السيطرة على الضحية أو إذلالها. في كثير من الأحيان، تتجنب الضحية التبليغ خوفًا من الفضيحة، أو بسبب عدم ثقتها في قدرة القانون والمجتمع على حمايتها.
المشكلة الكبرى تكمن في رد فعل المجتمع، حيث غالبًا ما تُلقى اللوم على المرأة بدلاً من معاقبة الجناة. حتى لو كانت الضحية مجبرة على موقف معين، فإنها تجد نفسها محاصرة بين تهديد المبتزين وخوفها من انتقام عائلتها أو نظرة الناس إليها.

*دور القانون في حماية المرأة*
يعتبر القانون العراقي الابتزاز والتشهير جرائم يعاقب عليها، حيث تنص المادة 432 من قانون العقوبات على معاقبة كل من يستخدم التهديد أو التشهير ضد شخص آخر بقصد الابتزاز أو الإضرار بسمعته. كما توجد قوانين تجرّم نشر المحتوى الخاص دون إذن، إلا أن المشكلة تكمن في التنفيذ.
غالبًا ما تواجه النساء صعوبات في تقديم الشكاوى، حيث قد تتعرض الضحية لضغوط اجتماعية أو تُجبر على التنازل عن حقها خوفًا من العواقب. كما أن بعض الجهات القضائية قد تتعامل مع هذه القضايا ببطء أو تساهل، مما يمنح الجناة فرصة للإفلات من العقاب. لذلك، هناك حاجة إلى تعزيز آليات حماية الشهود وسرية المعلومات لضمان أن النساء يستطعن التبليغ دون خوف من الانتقام.

*دور العشائر بين الحماية والقمع*
تلعب العشائر دورًا مزدوجًا في مثل هذه القضايا. في بعض الحالات، تتدخل العشائر لإنصاف المرأة ومعاقبة الجناة وفق الأعراف العشائرية، مما يوفر للضحية حماية قد لا تجدها في القانون. ومع ذلك، في حالات أخرى، قد تتحول العشائر إلى عامل ضغط على المرأة لإجبارها على السكوت عن القضية، أو حتى معاقبتها بحجة أنها “جلبت العار” للعائلة.
بعض العشائر تسعى إلى تسوية الأمور من خلال ممارسة الضغوط عليها وعلى أسرتها للتنازل عن القضية مقابل تعويض مادي. هذه الممارسات تعكس الحاجة إلى إصلاحات ثقافية تضمن أن العشيرة تكون عنصر حماية وليس قمعًا.

*دور المجتمع في التغيير وحماية النساء*
يعد المجتمع القوة الأكبر التي يمكنها التأثير على مصير النساء في مثل هذه القضايا. إذا ساد الوعي بأن المرأة ضحية لا مذنبة، فسيكون من الأسهل عليها مواجهة المجرمين والمطالبة بحقها. التوعية عبر الإعلام، المدارس، والمساجد، يمكن أن تساهم في كسر وصمة العار التي تلحق بالضحايا وتوجيه الغضب نحو الجناة بدلًا من الضحية.

كما أن دعم الأسر لنسائها وعدم التسرع في لومهن يمكن أن يغير مسار هذه القضايا. إذا شعرت المرأة بأنها مدعومة من قبل أسرتها ومجتمعها، فستكون أكثر جرأة في اللجوء إلى القضاء والمطالبة بحقها.

في الختام إن التصدي لقضايا التشهير والابتزاز ضد النساء يتطلب تكاتف المجتمع، العشائر، والقانون لضمان بيئة آمنة للضحايا. على القانون أن يكون أكثر صرامة في ملاحقة الجناة، وعلى العشائر أن تكون عنصر حماية لا قمع، وعلى المجتمع أن يغير نظرته للضحايا ليكون درعًا لهن بدلًا من أن يكون سيفًا مسلطًا عليهن. بدون هذه التغييرات، ستظل المرأة معرضة للظلم، وسيبقى الجناة أحرارًا يمارسون أفعالهم دون خوف من العقاب.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار