التسول الإلكتروني عبر مواقع التواصل الاجتماعي في العراق والعقوبات القانونية


*الحقوقية انوار داود الخفاجي*
شهد العراق في السنوات الأخيرة انتشار ظاهرة التسول الإلكتروني عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يستغل بعض الأفراد والمؤسسات المزيفة تعاطف الناس لجمع الأموال بطرق غير قانونية. ومع تطور وسائل الاتصال، أصبح من السهل استغلال هذه المنصات لجذب المتبرعين بحجج وادعاءات كاذبة. في هذا المقال، سنسلط الضوء على أساليب التسول الإلكتروني في العراق، وأبرز القضايا المرتبطة به، والعقوبات القانونية المفروضة على ممارسيه.
تعتمد عمليات التسول الإلكتروني على استغلال العاطفة الإنسانية، إذ يتم نشر قصص مؤثرة مع صور لأطفال مرضى، أو أسر فقيرة، أو أشخاص بحاجة إلى عمليات جراحية عاجلة، بهدف إثارة التعاطف والحصول على التبرعات. وتتنوع هذه الأساليب كما يلي:
*الصفحات والمجموعات المزيفة*
يقوم المحتالون بإنشاء صفحات على “فيسبوك” و”إنستغرام” تحمل أسماء جمعيات خيرية وهمية، وينشرون من خلالها قصصًا مفبركة لحالات تحتاج إلى مساعدة مالية.
*التواصل المباشر عبر الرسائل*
يلجأ بعض المتسولين الإلكترونيين إلى إرسال رسائل مباشرة إلى المستخدمين، يدّعون فيها الحاجة إلى المساعدة العاجلة، ويطلبون تحويل الأموال إلى حسابات مصرفية أو عبر خدمات التحويل المالي مثل “ويسترن يونيون”.
*الفيديوهات المزيفة*
يعتمد بعض المحتالين على نشر مقاطع فيديو لأشخاص يدّعون الفقر أو المرض، بهدف التأثير على المشاهدين ودفعهم إلى التبرع دون التحقق من صحة المعلومات.
*استغلال الحسابات المخترقة*
في بعض الحالات، يتم اختراق حسابات أشخاص معروفين، واستخدامها لطلب المساعدة المالية باسم صاحب الحساب الحقيقي، مما يزيد من فرص وقوع الضحايا في الفخ.
في العراق انتشرت هذه الظاهرة بشكل واسع، مستغلة الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها العديد من المواطنين. وتفاقمت المشكلة مع زيادة استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث أصبح من السهل ترويج حملات التسول الإلكتروني دون رقابة كافية وأشارت تقارير إعلامية إلى أن بعض العصابات المنظمة تقف وراء هذه العمليات، إذ تقوم بإدارة عشرات الحسابات المزيفة، مستغلة المواطنين الذين يبحثون عن فرصة لفعل الخير.
في ظل تفشي هذه الظاهرة، بدأت السلطات العراقية باتخاذ إجراءات صارمة للحد منها، من خلال ملاحقة المتورطين وفرض عقوبات قانونية تشمل:
▪︎ قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969وفقًا للمادة 390، يُعاقب بالحبس لمدة تصل إلى شهر كل من يمارس التسول في الأماكن العامة.
▪︎ إذا كان المتسول يدّعي الإصابة بعاهة أو مرض للحصول على المال، يُعاقب بالسجن لمدة قد تصل إلى ثلاثة أشهر.
▪︎ قانون الجرائم الإلكترونية حيث تُصنف عمليات التسول الإلكتروني ضمن “جرائم الاحتيال الإلكتروني”، حيث يتم معاقبة الأشخاص الذين يستخدمون الإنترنت لجمع الأموال بطرق غير قانونية بالسجن أو الغرامة المالية.
▪︎ إجراءات مكافحة الجرائم المالية حيث قامت وزارة الداخلية العراقية بمراقبة الحسابات المشبوهة، وإغلاق الصفحات التي تتورط في عمليات الاحتيال الإلكتروني ويتم تتبع المعاملات المالية المرتبطة بحملات التسول غير القانونية، واتخاذ إجراءات قانونية ضد المتورطين.
وللتصدي لهذه الظاهرة، يجب على المواطنين توخي الحذر عند التبرع عبر الإنترنت، والتأكد من أن الجهة المستفيدة موثوقة ومسجلة رسميًا. كما يجب الإبلاغ عن أي حالات مشبوهة للجهات الأمنية، وتجنب مشاركة المعلومات الشخصية أو المالية مع جهات غير معروفة.
في خلاصة القول التسول الإلكتروني ظاهرة خطيرة تهدد الاستقرار الاجتماعي في العراق، وتستغل تعاطف المواطنين لتحقيق مكاسب غير مشروعة. ومع تزايد انتشارها، أصبح من الضروري فرض رقابة مشددة على هذه الأنشطة، وتوعية المجتمع بمخاطرها، لضمان عدم وقوع المزيد من الضحايا في شِباك المحتالين.