ماذا تعني ولادة الإمام المهدي (عج) للعالم الإسلامي؟


*الحقوقية انوار داود الخفاجي*
تُعد ولادة الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) حدثًا محوريًا في العقيدة الإسلامية، وخصوصًا لدى أتباع مذهب أهل البيت (عليهم السلام). فهو الإمام الثاني عشر، الموعود بملء الأرض قسطًا وعدلًا بعد أن ملئت ظلمًا وجورًا. وُلِد الإمام المهدي (عج) في الخامس عشر من شهر شعبان عام 255 هـ في سامراء، وغيّبه الله لحكمة إلهية حتى يحين وقت ظهوره.
ولادة الإمام المهدي (عج) تؤكد استمرار خط الإمامة الذي يشكل امتدادًا للنور الإلهي الذي وُهِب للبشرية عبر الأنبياء والأئمة المعصومين. فالإمام المهدي هو خاتم الأوصياء، وحامل لواء الهداية الإلهية، وهو الحجة الباقية التي تحفظ الأرض من الانهيار الروحي والفكري.
الإيمان بوجود الإمام المهدي (عج) يعزز عقيدة الانتظار الإيجابي، الذي يعني العمل على التهيئة لظهوره من خلال الإيمان الصادق، والعمل الصالح، وإصلاح النفس والمجتمع. كما أن ولادته تعني أن الأرض لن تخلو من حجة لله، مما يعزز الطمأنينة بأن العدل الإلهي سيتحقق مهما طال الزمن.
ولادة الإمام المهدي (عج) تحمل دلالات كبرى على المستوى الاجتماعي والسياسي. فهو يمثل الأمل في تحقيق العدالة المطلقة، حيث أن العالم اليوم يرزح تحت الظلم والاستبداد والتفرقة الطبقية. فكرة المهدي المنتظر تجسد رغبة الإنسانية في ظهور قائد عالمي يقيم الحق ويدحر الباطل، وهي فكرة تتلاقى مع الطموحات العالمية لمجتمع يسوده السلام والعدل.
كما أن الإيمان بظهوره يشكل دافعًا قويًا للمجتمعات الإسلامية للعمل على الإصلاح، والتمسك بالقيم النبيلة، وبناء مجتمع قوي ومتماسك، يكون مؤهلًا لنصرته. إنه ليس مجرد انتظار سلبي، بل تحضير مستمر من خلال العمل الصالح وبناء مجتمع قائم على المبادئ الإسلامية الصحيحة.
ولادة الإمام المهدي (عج) تذكر المسلمين بأهمية الصبر والتقوى في حياتهم. فانتظار الفرج لا يعني الجمود، بل هو فرصة لتزكية النفس، والتمسك بالأخلاق الرفيعة، والعمل على تحقيق الخير. كما أن الإيمان بالإمام المهدي يعزز الشعور بالمسؤولية الفردية والجماعية تجاه الإصلاح، ويحثّ المسلمين على أن يكونوا نموذجًا للأخلاق الفاضلة والسلوك المستقيم.
العالم اليوم يعاني من الحروب، الفساد، والتدهور الأخلاقي، مما يجعل ولادة الإمام المهدي (عج) رمزًا للأمل بمستقبل تتحقق فيه القيم الإلهية. المسلمون يعتقدون أنه عندما يظهر، سيقود البشرية نحو حياة يسودها العدل والسلام، حيث لا فقر، ولا ظلم، ولا تمييز.
الإمام المهدي (عج) ليس مجرد شخصية غيبية، بل هو حقيقة إلهية تترسخ في وجدان المسلمين، وتشكل مصدر إلهام لهم لمواجهة الظلم والسعي إلى العدل. إن ولادته تعني أن الخير لن يندثر، وأن هناك يومًا آتيًا سيتحقق فيه وعد الله لعباده المؤمنين.
وفي الختام ولادة الإمام المهدي (عج) تحمل رسالة عظيمة للعالم الإسلامي، فهي تأكيد على استمرار الهداية الإلهية، وتعزيز للأمل في مستقبل عادل، ودعوة للعمل على بناء مجتمع صالح. إنها ليست مجرد ذكرى، بل محطة تجديد للعهد بالالتزام بالقيم الإسلامية والعمل الجاد لنصرة الحق وانتظار الفرج بالعمل والإصلاح، وليس بالتقاعس والركون إلى اليأس.