رئيس الجمهورية: استصلاح الاراضي ضمان مستقبل مستدام للأجيال القادمة


أكد فخامة رئيس الجمهورية الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد، ان موضوع استصلاح الاراضي لم يعد مجرد ضرورة بيئية، بل اصبح مسؤولية أخلاقية تجاه الأجيال القادمة، وضمان مستقبل مستدام لنا ولأبنائنا.
جاء ذلك خلال محاضرةٍ القاها، اليوم الاربعاء 12 شباط 2025، في معهد العلمين للدراسات العليا بمحافظة النجف الأشرف، حيث كان في استقبال فخامته لدى وصوله السيد ابراهيم بحر العلوم المشرف العام على المعهد، والسادة رؤساء الاقسام فيه.
واضاف فخامته أن الحلول المستدامة لا تتحقق إلا من خلال العمل المحلي الفعال، موضحًا أن تحفيز المجتمعات يشكل الأساس لاستراتيجيتنا في التصدي للتحديات.
وتفضل فخامة رئيس الجمهورية بعد الانتهاء من المحاضرة، بالإجابة على أسئلة واستفسارات الأساتذة والباحثين التي تتعلق بملف المياه والتفاهمات مع دول الجوار بشأن حصة العراق المائية، مؤكدا حرص العراق على تبني حلول مستدامة تضمن الحقوق المائية وتعزز التعاون الإقليمي في هذا المجال.
كما دعا فخامته الى تخصيص موارد مالية إضافية لبناء السدود في العراق تعزيزًا للأمن المائي ومواجهة تحديات شح الموارد.
وفيما يأتي نص المحاضرة التي ألقاها السيد رئيس الجمهورية:
“السيدات والسادة الحضور
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسعدني أن أكون معكم اليوم بصفتي مهندسا متخصصا في إدارة المياه وذا خبرة تمتد لعقود، فقد كرست جزءا كبيرا من مسيرتي المهنية لمعالجة قضايا ندرة المياه وتطوير أساليب الاستخدام المستدام للأراضي.
نواجه اليوم الكثير من التحديات، وهي ليست مجرد قضايا نظرية؛ فهي واقع ملحّ يتطلب منا التحرك سريعا، وفق استراتيجيات تعمل على التصدي لهذه القضايا بشكل فعال مباشر، للوصول الى أرض أكثر استقراراً من خلال استصلاح الأراضي.
لقد فقدت 40 % من أراضي العالم خصوبتها، وهو ما يهدد استقرار بيئاتنا الاقتصادية والاجتماعية، فقد تسببت هذه الظاهرة في تراجع الإنتاجية الزراعية وتلوث المجاري المائية، بالإضافة إلى الجفاف المتزايد والمتسارع، مما يعرض الاقتصادات وسبل العيش في جميع أنحاء العالم للخطر.
العراق ليس استثناء من هذه التحديات، فما نسبته 39% من أراضينا تتعرض للتصحر، في وقت تعاني فيه مواردنا المائية، التي هي أساس الزراعة وسبل العيش، من ضغوط متزايدة.
والوضع يتفاقم بسبب التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة وانخفاض تدفقات المياه من الأنهار القادمة من دول الجوار. إلا أن الحكومة لا تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه التحديات، وتقوم باتخاذ خطوات حاسمة وملموسة لمواجهتها، من خلال سياسات فعالة تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة، والمبادرات الرئيسية التالية التي بدأنا بتنفيذها:
* الخطوة الأولى والأهم هي تحسين إدارة مواردنا المائية الحالية، عبر تعزيز كفاءة استخدام المياه، وتطوير أنظمة الري الحديثة، بالإضافة إلى جمع مياه الأمطار لاستغلالها في ري الأراضي.
* برنامج وطني اتحادي لمكافحة التصحر لمدة عشر سنوات: يركز هذا البرنامج على إعادة التشجير والحفاظ على التربة وتبني أساليب الزراعة المستدامة.
* توسيع مشاريع الحزام الأخضر: العراق بصدد إقامة مناطق عازلة حول مدننا، لتقليص خطر الزحف الصحراوي من خلال استخدام النباتات المحلية التي تتحمل الجفاف. وهذه الجهود هي جزء لا يتجزأ من استراتيجية التنمية الاقتصادية طويلة الأمد، سيما في مجالات الزراعة والطاقة وأمن المياه.
إن التنمية المستدامة هي الضمان الحقيقي للنمو المتوازن الذي يحفظ صحة بيئتنا للأجيال القادمة.
وفي إطار السعي لتحقيق التنمية المستدامة، يتحول العراق نحو استخدام الطاقة المتجددة، والعمل على تعزيز الزراعة الذكية مناخيا وتنويع المحاصيل، وتشجيع الزراعة العضوية والمتجددة، فضلا عن تشديد اللوائح القانونية الخاصة بممارسات استخدام الأراضي المستدامة، إن مواجهة تحديات المياه لدينا تستدعي التعاون عبر الحدود المشتركة.
العراق يشارك حاليا في مفاوضات مستمرة مع الدول المجاورة مثل تركيا وإيران، بهدف إبرام اتفاقيات عادلة لتقاسم مياه نهري دجلة والفرات، هذه المفاوضات تمثل أولوية استراتيجية لمستقبل منطقتنا. ويعمل العراق على المستوى الدولي جنبا إلى جنب مع المنظمات العالمية مثل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر ومنظمة الأغذية والزراعة (FAO) وبرنامج الغذاء العالمي (WFP) والبنك الدولي، من أجل تبني ممارسات زراعية مقاومة للتغير المناخي وضمان الحصول على التمويل والخبرات الضرورية لتحقيق النجاح.
ختاما .. نعلم أن الحلول المستدامة لا تتحقق إلا من خلال العمل المحلي الفعال، وتحفيز المجتمعات يشكل الأساس لاستراتيجيتنا في التصدي للتحديات.