الثقافية

عملاقا الفن عادل امام و اميتاب باتشان وجهان لعملة واحدة في النجاح والشهرة وصناعة الفن و الابتسامة و حب الجماهير لاكثر من نصف قرن

بقلم / احمد عبد الصاحب كريم :-

شهدت السنوات الاخيرة من ستينات القرن العشرين بروز شاب هندي جديد وسيم وخفيف الظل إسمه “اميتاب باتشان” والشاب كان يمتلك مقومات النجم  وسيم وجسده رياضي وهذا ما يؤهله لتأدية أفلام الحركة التي تتسم بها الافلام الهندية
بالإضافة لامتلاكه كاريزما وحضور كبير لكن مشكلته انه كان من أسرة ليست ثرية ولايمتلك واسطة في عالم بوليوود تجعله يأخد خطوات اسرع وكل ما يملكه هو موهبته فقط .

علي الجانب الآخر كان هناك شاب في مصر من الأوساط الشعبية إسمه عادل إمام لا يمتلك اي مقومات النجومية وفقاً لمقاييس السوق التجاري يعني لا يمتلك جسد رياضي يساعده في تأدية أفلام الحركة والاكشن ولا يمتلك وسامة رشدي اباظة أو عمر الشريف او احمد رمزي ولا يمتلك الحالة الفنية الصاخبة مثل إسماعيل ياسين وانما كان مجرد شاب عادي من الأوساط الشعبية بقفص صدري بارز تظن من الوهلة الأولى أنه مريض لدرجة أن الفنان الكبير عبد المنعم مدبولي قال في أحد اللقاءات أنه اختاره في دور دسوقي أفندي في مسرحية (أنا وهو وهي) لأن السمات الشخصية للدور أنه شخص فقير جداً لدرجة أنه لايستطيع ان يأكل ، ولكن نفس الوقت عنده شخصية وإحساس بالذات ، واستطاع عادل إمام ان يأخذ الدور في المسرحية ويتنقل في الأدوار الصغيرة والثانوية ويتميز لغاية حصوله على دور البطولة في فيلم (رجب فوق صفيح ساخن) عام ١٩٧٨ والذي حقق نقلة نوعية في عالم عادل إمام في شباك التذاكر

لغاية عام ١٩٧٥ كان أميتاب مجرد ممثل عادي يقوم بتمثيل افلام اعتيادية و لم يأخذ وضعه كنجم شباك جماهيري وكان الفيلم الذي حقق النقلة النوعية في حياته الفنية هو فيلم (الشعلة) عام ١٩٧٥ والذي حطم الإيرادات المالية واكتساب الافلام المنافسة في السينما الهندية واستمر عرضه في السينمات الهندية لسنين وتخطى حدود السينما الهندية ووصل الى السوق والشاشات العربية ولقب اميتاب باتشان منذ ذلك الحين (الفتي الغاضب للسينما الهندية) وتصدر إسمه كبطل جماهيري في أفلام الأكشن بالإضافة إلي افلام الحب والرومانسية وظل على هذا الحال طوال عقدين من الزمن من عام (١٩٧٥ لغاية ١٩٩٥ ) عندما بدء ظهور جيل الشباب الجدد

بعد نجاح (فيلم رجب فوق صفيح ساخن) أصبح عادل نجم شباك بإرادة الجماهير وهنا أدرك عادل امام شيء أساسي أن الجماهير هي اللاعب الأكبر في معادلة السينما وعليه أن يصنع أفلام تغازل أحلام الجماهير وخصوصاً البسطاء الذي كان يمثلهم وصنعوا منه نجم أو بطل لاحلامهم فعليه أن ينتصر علي الشـر كأي بطل سينمائي شعبي ولكن مقوماته الجسدية لا تؤهله لذلك فكيف سيتعامل مع هذه الفكرة ، لذلك عادل امام فرق عمل من المؤلفين والمخرجين والتي انقسمت لمرحلتين ، المرحلة الاولى مرحلة الأفلام التجارية فكان عنده مؤلفين أمثال (ابراهيم الموجي ، صلاح فؤاد ، لنين الرملي ، بسيوني عثمان)ومخرجين مثل (نادر جلال ، محمد عبدالعزيز) وهذه التوليفة صنعت افضل افلام عادل امام التجارية في فترة الثمانينات والتسعينيات وسبب النجاح ان المؤلفين والمخرجين كانوا يقومون بتفصيل أفلام تناسب شخصية عادل وبنيته الجسمانية بحيث أن المشاهد يصدق فعلا أن عادل إمام بتكوينه الجسماني هذا يستطيع ان يتغلب بيد واحدة على عصابة كاملة كما حصل في فيلم (سلام يا صاحبي) ولاما يوجد مانع ان يقوم بالغناء والرقص في أفلامه كما في فلم (حنفي الابهة) واستخدام ذكائه في ادخال الكوميديا و النكتة في افلامه

اما المرحلة الثانية او الفريق الثاني اللي اعتمد عليه عادل كان (وحيد حامد ، شريف عرفة) حيث كونا مع بعض ثنائي عملاق ساعد عادل إمام يبدأ تاريخه الفني الحقيقي في أفلام ( الارهاب والكباب ، المنسي ، طيور الظلام ، النوم في العسل ، اللعب مع الكبار)  وبالاخص فيلم اللعب مع الكبار والذي تم تصنيفه ضمن أفضل مائة فيلم مصري ،  وهذه المرحلة استطاع عادل إمام ان ينصب نفسه زعيم للفن المصري خصوصاً مع تدهور الحالة الصحية للملك فريد شوقي والذي كان الاب الروحي لصناعة الفن بصورة عامة خلال أكثر من ثلاثة عقود

نعود للفنان أميتاب بتشان بعد ما كان النجم الأوحد في السينما الهندية وكانت أفلامه تحقق الملايين بدأ الجمهور يمل من شخصية (الفتي الغاضب) خصوصاً مع تقدم أميتاب في العمر وإصراره علي أداء دور الفتى الشاب لدرجة أنه عمل فيلم عام ١٩٩٨ هو و جوفاندا وانه يحب و يتصارع علي حب مادهوري ديكست وكان عمره في هذا الوقت ٥٥ سنة عام وعلامات الكبر والشيخوخة ظاهرة في وجهه وكان يصبغ الشيب وكانت الممثلة مادهوري شابة في الثلاثينات من عمرها في نفس الوقت بدأ الجيل الجديد من الممثلين الشباب بزعامة شاروخان يأخدوا وضعهم كأبطال ونجوم شباك حيث قدم النجم شاروخان في ١٩٩٨ فيلم Kuch Kuch HOTA hai والذي حقق نجاح ساحق في هذا الوقت

في نهاية التسعينيات ظهر ما يعرف بالافلام الشبابية والتي كانت انطلاقتها بفيلم اسماعيلية رايح جاي عام ١٩٩٧ ثم افلام صعيدي في الجامعة الامريكية وعبود على الحدود في حين أن عادل إمام أصر علي أداء أدوار الشاب اللي لغاية هذا الوقت وقام بتقديم افلام جميلة جدا لكنها لم تحقق النجاح المطلوب كمافي افلام (الواد محروس بتاع الوزير عام ١٩٩٩ ، هالو أمريكا عام ٢٠٠٠)واللي كان الجزء الثالث من سلسلة أفلام ناجحة وهي بخيت وعديلة لكن ظهور افلام الشباب جعل من السهل علي الجمهور المقارنة بين الفئة العمرية التي يقدمها عادل امام والفئة العمرية التي يقدمها الشباب وظهر ذلك جلياً التقدم العمري لعادل إمام علي تلك الأدوار وهذا ما جعل الزعيم يأخذ خطوتين للخلف ليعيد ترتيب أوراقه من جديد (هنا يكمن عمل الاذكياء)

بعد فشل أفلام اميتاب في شباك التذاكر في نهاية التسعينيات قرر اميتاب القيام بخطوة جريئة جدا حيث قام  بتربية (سكسوكة بيضاء) ويترك شعره بالشيب بدون صبغه ليطل علي الجمهور لأول مرة بأدوار الجراند “Grand” ويعمل أفلام بطولة مشتركة مع شاروخان مثل mohabatain 2000 و kabi kushi kabi gam 2001, kabhi alvida naa kehna2006, وأفلام اخرى كتيرة ظهر فيها بالدور الثاني أو كضيف شرف مع المحافظة علي قيمة واسم أميتاب بتشان كإسم أول علي التترات واستطاع ان يعود مرة أخرى لنجاحه السابق وبتميز كبير

اماعادل امام وبعد الفشل في شباك التذاكر في نهاية التسعينيات وبداية الألفية تقريبا قرر عادل امام كما قرر اميتاب ان يعود للواجهة من جديد حيث قرر بعدم التعامل مع أي من فرق عمله السابقة سواء من المخرجين أو المؤلفين وقرر التعامل مع جيل جديد من الشباب من المؤلفين والمخرجين لتفصيل افلام تليق بمرحلته السنية فبدأ بفيلم (امير الظلام) واستطاع النجاح ولكن ليس بالشكل الكبير ، وكذلك شاهدنا لأول مرة ان ادل إمام يكون في دور الاب لشباب كبار في فيلم (التجربة الدنماركية) والذي حقق نجاح كبير والعودة كزعيم مرة أخرى لشباك التذاكر وبدء بسلسلة من الافلام المميزة ( مرجان احمد مرجان ، زهايمر ، السفارة في العمارة ، حسن ومرقص) ومعظم هذه الأفلام كانت من تأليف يوسف معاطي وإخراج ابنه رامي إمام أو علي إدريس ولكن في عام ٢٠١١ وانهيار السوق السينمائي توجه عادل إمام و بذكاء الى التليفزيون بعد غياب (٣٠) عام وقدم أعمال ومسلسلات ناجحة ( فرقة ناجي عطا الله ، العراف ، عفاريت عدلي علام ، مأمون وشركائه ، صاحب السعادة ، استاذ ورئيس قسم ، عوالم خفية ، فلانتينو)

في الحقيقة أن أميتاب بتشان وعادل امام هما وجهان لعملة واحدة جسدا قصة النجاح وحب الجماهير والمحافظة عليه على مدار أكثر من نص قرن .

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار