الأخبار السياسية

رئيس الجمهورية في مقال لصحيفة الواشنطن تايمز: نولي أولوية للإسكان والرعاية الصحية وخلق فرص العمل

أكد فخامة رئيس الجمهورية الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد أن الموقع الجغرافي للعراق قد منحه دورا محوريا في المنطقة، فضلا عن كونه نقطة التقاء للثقافات والاقتصادات.
وقال السيد الرئيس في مقال لفخامته نشرته صحيفة الواشنطن تايمز يوم 4 شباط 2025 “نحن نولي الأولوية للإسكان، والرعاية الصحية، وخلق فرص العمل، بدلاً من الإنفاق على الحروب المكلفة والنفقات غير المجدية، ونركز على التنمية المستدامة وتحقيق رفاهية المواطنين”.
وفي ما يلي نص مقال فخامته:

السياسة الخارجية للعراق تعتمد على الحوار، لا على الانحياز

لطالما منح موقع العراق الجغرافي كنقطة التقاء للثقافات والاقتصادات دورًا محوريًا في المنطقة. في عالم غالبًا ما ينقسم بسبب المصالح المتنافسة وصراعات النفوذ، تنتهج السياسة الخارجية للعراق مسارًا مختلفًا يقوم على الحوار والتعاون والاحترام المتبادل. إنها سياسة تسعى إلى مدّ الجسور بدلاً من تعميق الانقسامات، ولحل التحديات من خلال الشراكة بدلاً من المواجهة. كان هذا النهج محورًا رئيسيًا في كلمتي خلال المنتدى الاقتصادي العالمي لهذا العام في دافوس، حيث دعوت لتوضيح رؤيتنا.

شهد العراق في تاريخه الحديث تحديات كبيرة. فعلى الرغم من وفرة موارده المادية والبشرية، تعرضت بلادنا لدمار هائل جراء الدكتاتورية والحروب والقمع. ترك النظام البعثي والحروب التي تلته آثارًا عميقة، مما أدى إلى تدمير البنى التحتية، وشل الخدمات الأساسية، وتعطيل مسيرة التقدم في مجالات حيوية مثل التعليم والصحة وإدارة الموارد المائية. كما أن العقوبات والعزلة الدولية فاقمت هذه المعاناة، وجعلت التحديات أكثر تعقيدًا.

جلب سقوط صدام حسين في عام 2003 مجموعة جديدة من التحديات، مثل التجزئة السياسية، والحروب الطائفية، وصعود تنظيم داعش في عام 2014. هذا التنظيم الإرهابي جلب واحدة من أحلك فصول تاريخنا، حيث احتل مساحات واسعة من الأراضي، ودنس المواقع التراثية، واستهدف المدنيين الأبرياء، ودمر المجتمع المدني. ولكن من خلال الوحدة والتضحيات الهائلة، تمكن العراق من هزيمة هذا التهديد بحلول عام 2017، مستعيدًا أراضيه وآماله. قليلة هي الدول التي تمكنت من هزيمة تهديد إرهابي بهذا الحجم، وهذه المعركة لم تجعل العراق والمنطقة آمنين فحسب، بل العالم بأسره أيضًا.

لكن هذا النصر الكبير جاء بثمن أكبر. فقد قُتل عشرات الآلاف من المدنيين، وتشرد الملايين، ودُمّرت البنية التحتية بشكل أكبر، وتوقفت الخدمات، ونفدت موارد اقتصادنا. لكن السنوات الثماني الماضية كانت نقطة تحول حاسمة، حيث حقق العراق تقدمًا كبيرًا في مجالات الأمن والاستقرار والتنمية. تم اتخاذ خطوات لتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، وتحقيق تقدم في توفير الخدمات، والزراعة، والتعليم، وتنويع مصادر الدخل، وإعادة تأهيل البنية التحتية.

نحن نولي الأولوية للإسكان، والرعاية الصحية، وخلق فرص العمل، بدلاً من الإنفاق على الحروب المكلفة والنفقات غير المجدية. نركز على التنمية المستدامة وتحقيق رفاهية المواطنين. وقد أسهمت التحسينات الأمنية في تشجيع الاستثمار والنمو الاقتصادي. على سبيل المثال، أصبحت قضايا الحفاظ على البيئة، وتحديث أنظمة المياه، والزراعة المستدامة من الأولويات في بلد يعتمد بشكل كبير على الأنهار في الزراعة. في الوقت نفسه، نحن نواكب التحول الرقمي ونحدث بنيتنا التحتية، كما نعمل على توفير الفرص الاقتصادية لتصحيح التحديات المزمنة التي تعرض لها البلد.

للمجتمع الدولي دور أساسي في هذه التحولات، فقد استُغلت المنطقة لفترة طويلة. حان الآن الوقت لتشكيل شراكات قائمة على المنفعة المتبادلة. دعم هذه المنطقة لا يعد فقط ضرورة أخلاقية، بل أيضًا استثمارًا حكيمًا في تحقيق الاستقرار والازدهار العالمي.

تستند السياسة الخارجية للعراق إلى الحوار والتعاون، وليس الانقسام. تعزيز الحوار لا يعني أننا نختار طرفًا، بل يعني أننا نختار الطريق الذي يساعدنا على مواجهة التحديات. لقد عملنا جاهدين على إصلاح علاقاتنا مع دول الجوار، وحرصنا على أن نكون جزءًا من الحلول في النزاعات الإقليمية. رغم ذلك، ما زالت هناك تحديات قائمة في بعض المجالات، ومنها علاقاتنا مع تركيا. على الرغم من القوة الاقتصادية للعلاقات مع أنقرة، فإننا نواجه قلقًا من بعض السياسات التي تؤثر في سيادة العراق وموارده، خاصة فيما يتعلق بالمياه. نحن ملتزمون بحل هذه القضايا عبر الحوار، ونعمل على تحقيق مصالح مشتركة بين البلدين.

وعلى الصعيد الدولي، يبقى العراق ثابتًا في دعمه للقضية الفلسطينية. نحن ندين العدوان على المدنيين، وندعو إلى تحقيق العدالة وتقرير المصير. كما نرحب بوقف إطلاق النار، وندعم العمل من أجل سلام دائم. العدوان لا يؤدي إلى أي فائدة، بل يخلق دائرة من الكراهية التي لا تنتهي.

نحن نُعبر عن تضامننا مع سوريا ولبنان، ونتمنى لهما تحقيق حكومة شاملة وتعددية، والاستقرار في عموم المنطقة. فقد عشنا بشكل مباشر معاناة الحياة تحت وطأة الأنظمة القمعية. والأهم من ذلك، يرفض العراق أن يكون أداة في صراعات القوى الإقليمية أو الدولية.

غالبًا ما يُسأل عن تأثير الدول الأخرى في شؤون العراق الداخلية، وأجد أنه من الضروري أن أُؤكد للعالم أن العراق هو دولة ذات سيادة واستقلال. لا أحد يمكنه أن يملي علينا ما يجب علينا فعله. ونحن، في الوقت ذاته، نسعى لإقامة علاقات طيبة مع جميع جيراننا، بناءً على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤوننا الداخلية.

تستند سياستنا الخارجية إلى مصالح شعبنا ورؤيته للأمن والاستقرار في المنطقة، دون التأثر بالضغوط أو الطموحات الخارجية.

رؤية العراق تتماشى مع تعهد الرئيس ترامب بأن يكون “صانع سلام” وأن “يتوقف عن جميع الحروب”. نحن نسعى لتحقيق السلام والحوار، لا الاستمرار في الصراعات أو التدخلات الخارجية. هدفنا هو تعزيز التعاون، والتعلم من تجارب الآخرين الناجحة، بينما نشارك الدروس المستفادة من تحدياتنا.

رحلة العراق كانت طويلة وصعبة، لكن عزيمتنا لا تزال ثابتة. نحن مصممون على بناء مستقبل أكثر إشراقًا والمساهمة في استقرار وازدهار المنطقة. في بضع سنوات من السلام، حقق العراق ما لم يحققه في عقود من الاضطرابات.

العراق اليوم مفتوح أمام الفرص، سواء على مستوى الأعمال أو الوساطة الدبلوماسية، ويسعى جاهدًا للعب دور محوري في استقرار المنطقة. هدفنا أن نتمكن جميعًا من جني ثمار السلام والعدالة والتنمية المستدامة. العراق مستعد ليس فقط للقيادة والمشاركة، بل أيضًا لاحتضان مستقبل مشرق قائم على الأمل والتقدم، حيث يساهم بشكل فاعل في تشكيل عالم أفضل.

* عبد اللطيف جمال رشيد:
رئيس جمهورية العراق.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار
تحت شعار ( معاً نرسل رسالة أمل وتضامن لمرضى السرطان ) اختتام فعاليات السوق الخيري ‏في معهد التدريب ا... الاستخبارات العسكرية تلقي القبض على عددٍ من المتهمين وفق أحكام المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرها... رئيس مجلس الوزراء السيد محمد شياع السوداني يستقبل وفد الاتحاد الخليجي للإعلام رئيس الوزراء يوجه بدفع مستحقات النقل التلفزيوني لمباريات دوري نجوم العراق رابطة صناع المحتوى وخلية الإعلام الأمني تعقدان اجتماعاً لمناقشة القضايا المجتمعية والتصدي للظواهر ال... النجيفي يحصد لقب بطولة الجائزة الكبرى بالسعودية التجارة المباشرة بتجهيز المطاحن الحكومية والاهلية بالحنطة المحلية رئيسا هيئتي النزاهة والاستثمار يبحثان سبل توفير بيئة ملائمة لتسريع وتيرة الإعمار والبناء خالية من ال... لمناقشة العمل الأمني.. وزير الداخلية يترأس اجتماعاً موسعاً مع قادة الوزارة السوداني يبحث مع وفد الاتحاد الدولي للنقل الجوي/ (الاياتا) اجراءات رفع الحظر الجوي الأوروبي عن الخط...