الأخبار المحلية

تطور التعليم وتحقيق أهداف التحول الاقتصادي في العراق

بقلم أ.د. صباح محمد كريم كلو:-
يعتبر التعليم العالي من أهم الاستراتيجيات الوطنية التي تسعى الدول للنهوض به وتطويره باعتباره المدخل الرئيسي لإعداد الطاقات البشرية المؤهلة وهي أحد أهم الأسس التي يبنى عليها مستقبل الشعوب. وفي عصرنا الرقمي الحالي، تندرج أهمية تطوير نظم وجودة التعليم في الجامعات ومؤسسات ومعاهد التدريب الرديفة لها بالاعتماد على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في سياق الأهداف الإستراتيجية التي يسهم تحقيقها نجاح مهمة مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية وترجمة الفرص، ليس على مستوى التعليم بحد ذاته فحسب، بل بالنسبة لمفرزاته التي تسهم في دفع عجلة التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة.
أن الاستفادة من إمكانيات التكنولوجيا في تطوير نظام التعليم يعزز التفاعل والمشاركة في العملية التعليمية ويشجع على التعلم المستدام والمستقل وتقديم تجارب تعليمية محسنة وشيقة للمدرسين والطلاب، حيث يمكن استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة كالوسائط المتعددة والواقع الافتراضي والمعزز وأدوات التعليم التفاعلي عن بعد لجعل الدروس أكثر تفاعلية ومتعة. كما تسهم التكنولوجيا بتخصيص عملية التعلم وفقًا لاحتياجات الأفراد من خلال إتاحة طيف كامل من المواد التعليمية المتنوعة والمحتوى المخصص الذي يمكن للطلاب الاختيار منها بما يتناسب مع مستوى معرفتهم واهتماماتهم وتطلعاتهم المستقبلية.
ويمكن للجامعات الاستفادة من دمج التكنولوجيا في التعليم لدعم مسارات البحوث وتبادل الخبرات والتجارب وتوفير المقررات عبر الإنترنت وتنظيم ورش عمل تفاعلية. كما يمكن للطلاب بمساعدة تكنولوجيا البيانات الضخمة والحوسبة السحابية الوصول إلى مكتبات رقمية ضخمة والتواصل مع أساتذتهم بسهولة عبر منصات تفاعلية متخصصة، مما يزيد من مرونة التعليم الجامعي ويسهم في توسيع الفرص التعليمية ورفع مستوى جودتها ويرتقي بنهج الابتكار المطلوب لمستقبلها خصوصاً في مجال التعليم المهني والتقني.
وبحسب تجارب الدول المتقدمة، أدّى تبني التكنولوجيا الرقمية لجملة من التغييرات الإيجابية في مجالَي التعليم والتعلّم. وتوسّعت مجموعة المهارات الأساسية التي يُتوقع أن يتعلّمها الشباب، لتشمل قائمة من المهارات الجديدة اللازمة لاستكشاف العالم الرقمي وخوض تجاربه العملية بنجاح. وتعمل النماذج الرقمية الجديدة ضمن مختلف المجالات، بما فيها الفصول الدراسية ومختبرات الأبحاث وأنظمة الإدارة ومراقبة الجودة، مدعومة بالقدرات المتزايدة للتقنيات والابتكارات الجديدة في عالم الاتصالات وتقنية المعلومات كالذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، على إحداث تحول نوعي في صناعة التعليم، فالتحول الرقمي اليوم أحد أهم الأمور التي يتعامل معها قطاع التعليم كأولوية لضمان تخرج أجيال المستقبل من جامعاتهم بقدر كبير من جودة التعليم المتطابق مع واقع متطلبات سوق العمل والتعامل مع مختلف قضايا الرقمنة، العامل الأهم الذي سيصنع فارقاً في مستقبل تطوير التعليم.
حظيَ استخدام التكنولوجيا الرقمية خلال السنوات القليلة الماضية بأكبر الإمكانات اللازمة لتحول التعليم. واستمر نمو صناعة تكنولوجيا التعليم وركّزت بدورها على تطوير وتوزيع المحتوى التعليمي ونظُم إدارة التعلّم وتطبيقات التواصل واللغة والواقع المعزَّز وطرق وأدوات جديدة للاختبارات والوصول للمعلومات. وفي الآونة الأخيرة، شهدت أساليب الذكاء الاصطناعي تطورات مذهلة ساهمت بدورها في تعزيز أدوات تكنولوجيا التعليم.
على الرغم من أن أغلب الابتكارات التكنولوجية عبر التاريخ كانت مبادرات ممولة من الحكومات، إلا أن شركات تكنولوجيا القطاع الخاص باتت اليوم أحد أهم حاضنات ومحركات الابتكار، فهناك العديد من الشركات الخاصة التي أصبح اسمها رديفاً لتقنيات حديثة باتت جزءاً لا يتجزأ من واقعنا وحياتنا اليومية. وأبرز الأمثلة على ذلك شركات الذكاء الاصطناعي التي أصبحت اليوم الشغل الشاغل للحكومات ومجتمع الأعمال والأفراد على حد سواء. والملفت للاهتمام بأن الابتكارات التكنولوجية والتقنيات الحديثة لم تعد تقتصر على الغرب، إذ دخلت دول الشرق حلبة التنافس العالمية ضمن مجالات كثيرة أهمها صناعة أشباه الموصلات والرقائق والحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي.
من هذا المنطلق، أصبح تعزيز نهج الشراكة بين القطاعين العام والخاص أولوية بالنسبة للدول التي تخطط لرسم خارطة مستقبل اقتصادها الرقمي المستدام بالاعتماد على التكنولوجيا. وبات لزاماً التركيز على أولوية بناء نظام إيكولوجي شامل ومتكامل لتقنية المعلومات والاتصالات من خلال بناء جسور شراكات استراتيجية طويلة الأمد مع مختلف رواد التكنولوجيا وفق نهج منفتح يستوعب الشركات من مختلف الجنسيات. وقد أقر كافة الخبراء والاقتصاديين بأن المحور الأهم في بناء النظام الإيكولوجي المستهدف هو محور إعداد الكوادر البشرية التقنية المؤهلة للمستقبل. ومن هنا، يأتي اهتمام الوسط الأكاديمي بعقد شراكات استراتيجية مع شركات التكنولوجيا العالمية لتحقيق أهداف تطوير التعليم وصياغة مستقبله بالتماشي مع تطورات التكنولوجيا المتسارعة، ليكون رديفاً قوياً على طريق تعزيز كافة مسارات التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
باعتبارها واحدة من أوائل الجامعات الاهلية العراقية حرصت كلية المنصور الجامعة على استطلاع آفاق الفرص المستقبلية مع شركات التكنولوجيا العالمية. ونذكر هنا تحديداً شراكتنا الاستراتيجية مع شركة هواوي الصينية التي برزت كأحد أبرز رواد قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات على مستوى العالم، وقدمت للعالم العديد من الابتكارات غير المسبوقة ، لا سيما في مجال شبكات الاتصالات كتقنية الجيل الخامس التي أصبحت اليوم عامل الدعم الأهم لتطوير أعمال وخدمات مختلف القطاعات والصناعات.
وفضلاً عن فرص تدريب الطلاب، تسهم الشركة بتقديم مجموعة كاملة من حلول رقمنة التعليم المصممة لتعزيز شبكة التعليم الأساسية، وتبسيط الأنظمة الأساسية السحابية، وتنفيذ تطبيقات الفصول الدراسية الذكية، وإنشاء حرم جامعي ذكي فعال. ومن هنا، تأتي أهمية مبادرة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بتوقيع اتفاقية مع هواوي تعلن بدأ مرحلة جديدة لتعاون استراتيجي يستهدف تطوير منظومة شاملة ومتكاملة لرعاية المواهب التقنية في العراق. وسيتم بموجب مذكرة التعاون نقل المعرفة والخبرات للأساتذة والطلاب تعزز مهاراتهم في المجالات التقنية الرئيسية التي باتت تلعب دوراً حيوياً في التحول الاقتصادي المستدام بفضل التقنيات المتطورة كالأمن السيبراني وشبكات الاتصالات المتطورة والبيانات والحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي.
وبموجب مذكرات التعاون نقترح إنشاء أكاديميات للتدريب عبر الإنترنت داخل الجامعات والكليات في جميع أنحاء العراق، بما يتيح الوصول إلى مناهل هواوي ودوراتها المتطورة بشهاداتها المعترف بها عالمياً. كما تشمل مذكرة التعاون تنظيم مسابقات وإرسال بعثات للصين ستسهم في التحول بتأهيل المواهب التقنية نحو مرحلة جديدة تتوافق مع متطلبات التحول الرقمي لمختلف قطاعات سوق العمل. ونأمل أن تكون المبادرة مساهماً فاعلاً على طريق تحفيز الابتكار ودعم التفكير الإبداعي لأساتذتنا وطلابنا وتعزيز نهج ريادة الأعمال.
 تحت مظلة التعاون بين الوزارة وهواوي، بادرت كلية المنصور الجامعة الشراكة مع هواوي بتأسيس أكاديمية لتقنية المعلومات والاتصالات من شأنها الارتقاء بالواقع العلمي والعملي للتعليم العالي ومردودها الإيجابي على باقي القطاعات بالاستفادة من قدرات الشركة في مجال البحث والتطوير وخبراتها العالمية في العديد من المجالات التقنية الحيوية كشبكات الاتصالات والأمن السيبراني والحوسبة السحابية والطاقة المستدامة. وتقدم شركة هواوي العديد من المبادرات الخاصة بتدريب وتأهيل الطلاب من خلال برامج ومسابقات وبعثات للصين تقوم بها في إطار المسؤولية الاجتماعية للشركة.
ٳننا نثق بمواهب أساتذتنا وطلابنا، ونلتزم بالعمل مع كافة الجهات المسؤولة في بلدنا لرفع سقف والتعاون بين القطاعين العام والخاص على طريق تحقيق أهداف التحول الرقمي المستدام في العراق، بما يؤدي إلى ردم الفجوات الرقمية الموجودة حالياً، وخلق مزيد من فرص الابتكار والعمل المشترك لتحقيق التطور والنمو الاقتصادي والاجتماعي المطلوب في البلاد.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار
الاستخبارات العسكرية تلقي القبض على عددٍ من المتهمين وفق أحكام المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرها... رئيس مجلس الوزراء السيد محمد شياع السوداني يستقبل وفد الاتحاد الخليجي للإعلام رئيس الوزراء يوجه بدفع مستحقات النقل التلفزيوني لمباريات دوري نجوم العراق رابطة صناع المحتوى وخلية الإعلام الأمني تعقدان اجتماعاً لمناقشة القضايا المجتمعية والتصدي للظواهر ال... النجيفي يحصد لقب بطولة الجائزة الكبرى بالسعودية التجارة المباشرة بتجهيز المطاحن الحكومية والاهلية بالحنطة المحلية رئيسا هيئتي النزاهة والاستثمار يبحثان سبل توفير بيئة ملائمة لتسريع وتيرة الإعمار والبناء خالية من ال... لمناقشة العمل الأمني.. وزير الداخلية يترأس اجتماعاً موسعاً مع قادة الوزارة السوداني يبحث مع وفد الاتحاد الدولي للنقل الجوي/ (الاياتا) اجراءات رفع الحظر الجوي الأوروبي عن الخط... الذكاء الاصطناعي يغيّر قواعد الإعلام الرقمي... محاضرة تفاعلية في كلية المنصور