الأخبار المحليةتقارير وتحقيقات

كيف ينظر العالم إلى ثقافة الشعب العراقي؟

*الحقوقية انوار داود الخفاجي*

يُعد العراق واحدًا من أقدم مراكز الحضارة في العالم، حيث شهدت أرضه نشوء أولى الحضارات الإنسانية مثل السومرية والبابلية والآشورية. ونتيجة لهذا الإرث العريق، فإن ثقافة الشعب العراقي تحظى باهتمام عالمي واسع، حيث يُنظر إليها من زوايا مختلفة تتراوح بين الإعجاب بالإرث الحضاري والدهشة أمام التحديات التي يواجهها العراق اليوم.

ويُعرف العراق عالميًا بأنه “مهد الحضارات”، نظرًا لما قدمته أرضه للعالم من إسهامات بارزة في مجالات الكتابة، والقانون، والعمارة، والفنون. وعندما ينظر العالم إلى الثقافة العراقية، فإن أول ما يتبادر إلى الأذهان هو الإرث التاريخي العريق، مثل حدائق بابل المعلقة، وشريعة حمورابي، والأدب السومري الذي قدم للعالم ملحمة جلجامش، أقدم عمل أدبي معروف في التاريخ. هذا الجانب يمنح العراق مكانة ثقافية رفيعة، إذ يعتبره الكثيرون رمزًا للإبداع البشري منذ فجر التاريخ.

ويتميز العراق بتنوعه الثقافي الغني، حيث يضم مزيجًا من القوميات والأديان والطوائف، مثل العرب، والأكراد، والتركمان، والآشوريين، بالإضافة إلى المسلمين (سنة وشيعة) والمسيحيين، والصابئة المندائيين، والإيزيديين. يُنظر إلى هذا التنوع من قبل العالم على أنه عنصر قوة، حيث يعكس غنى النسيج الاجتماعي العراقي، لكنه في الوقت ذاته يُرى على أنه مصدرٌ للتحديات السياسية، خاصة في ظل التوترات التي شهدتها البلاد بعد عام 2003.

ولطالما كان العراق موطنًا للأدباء والشعراء والمفكرين الذين تركوا بصماتهم في الساحة الثقافية العالمية. يحتفي العالم بشخصيات مثل بدر شاكر السياب، ونازك الملائكة، ومحمد مهدي الجواهري، الذين ساهموا في تشكيل حركة الشعر العربي الحديث. كما تحظى الفنون العراقية مثل الخط العربي، والموسيقى، والرسم، والسينما باهتمام واسع، حيث يتم الاحتفاء بالفنانين العراقيين في المهرجانات الدولية رغم التحديات التي تواجههم داخل البلاد.

اما المطبخ العراقي يُعد أحد أقدم المطابخ في العالم، ويعكس تنوع الثقافات التي مرت على البلاد. أطباق مثل “المسكوف”، و”الدولمة”، و”الكليجة” تحظى بتقدير عالمي، ويُنظر إليها على أنها جزءٌ من التراث الغني للمنطقة. ومع انتشار الجاليات العراقية في مختلف دول العالم، بدأ المطبخ العراقي يكتسب شهرة أكبر، خاصة في الدول الغربية.

للأسف، منذ الثمانينيات وحتى اليوم، تأثرت صورة العراق عالميًا بسبب الحروب والصراعات الداخلية. وسائل الإعلام غالبًا ما تركز على الجانب السياسي والأمني للعراق، مما يؤثر على الطريقة التي يُنظر بها إلى ثقافته. ومع ذلك، فإن العديد من المفكرين والمثقفين العراقيين في المهجر يعملون على تصحيح الصورة النمطية عبر إبراز الجوانب الثقافية والفكرية المضيئة للعراق.

وفي خلاصة القول تظل ثقافة الشعب العراقي موضع اهتمام عالمي لما تحمله من إرث تاريخي عريق وتنوع غني، رغم التحديات التي تواجهها. ينظر العالم إلى العراق بإعجاب لما قدمته حضاراته، وباحترام لإبداعاته الثقافية، لكنه في الوقت ذاته يرى بلدًا يواجه صراعات تؤثر على استقراره. يبقى العراق رمزًا للصمود والإبداع، ويظل تراثه الثقافي أحد أعمدة هويته التي تثير الإعجاب في مختلف أنحاء العالم.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار