استذكار العراقيين لاستشهاد قادة النصر
*الحقوقية انوار داود الخفاجي:-
يمثل يوم الثالث من كانون الثاني من كل عام ذكرى مؤلمة ومؤثرة في نفوس العراقيين، حيث يصادف ذكرى اغتيال القائدين الشهيدين قاسم سليماني، قائد فيلق القدس ، وأبو مهدي المهندس، نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي. قُتلا في غارة جوية أمريكية قرب مطار بغداد الدولي في عام 2020، وهو الحدث الذي أثار ردود فعل واسعة النطاق على الصعيدين المحلي والدولي، وأعاد تشكيل العديد من التوازنات السياسية والأمنية في المنطقة.
كان لكل من الشهيدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس دور بارز في مواجهة تنظيم “داعش” الإرهابي الذي اجتاح العراق عام 2014. لعب سليماني دورًا استراتيجيًا في تقديم الدعم العسكري والاستشاري للقوات العراقية، بينما تولى المهندس قيادة قوات الحشد الشعبي التي ساهمت بشكل كبير في تحرير المناطق المحتلة. لذلك، يُنظر إلى الاثنين باعتبارهما رمزين للمقاومة والصمود ضد الإرهاب، وهو ما يجعل ذكراهما حية في وجدان الكثير من العراقيين.
تُعد ذكرى اغتيال القائدين الشهيدين مناسبة للتأكيد على القضايا السياسية والدينية المرتبطة بالمقاومة ومناهضة التدخلات الخارجية. يرى أنصار المهندس وسليماني أن اغتيالهما كان استهدافًا مباشرًا لمحور المقاومة في المنطقة، ومحاولة لتقويض الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقلالية والسيادة للعراق. على المستوى الديني، تحمل الفعاليات طابعًا روحيًا يعكس القيم والمبادئ التي دافع عنها القائدان، مثل التضحية في سبيل الوطن ومواجهة الظلم. تُنظم في العديد من المساجد والحسينيات جلسات لقراءة الفاتحة والدعاء لروحيهما، في إطار يعكس البعد الديني للذكرى.
لم يكن اغتيال القائدين الشهيدين حدثًا عابرًا، بل كان له تداعيات عميقة على المشهد العراقي والإقليمي. دفع الحادث البرلمان العراقي إلى إصدار قرار يُلزم الحكومة بالعمل على إخراج القوات الأجنبية من البلاد. كما أضاف مزيدًا من التعقيد إلى العلاقات العراقية-الأمريكية، وزاد من التوترات بين الولايات المتحدة وإيران. على صعيد الأمن، فقد شكل الاغتيال تحديًا كبيرًا للحشد الشعبي والقوات الأمنية العراقية، التي وجدت نفسها أمام مسؤوليات أكبر في ملء الفراغ الذي تركه المهندس، سواء من حيث القيادة أو من حيث التوجه الاستراتيجي.
وفي الختام تظل ذكرى استشهاد القائدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس حدثًا محفورًا في ذاكرة العراقيين، حيث يجمع بين الألم والفخر. إنها مناسبة لاستذكار التضحيات الكبيرة التي قُدمت في سبيل تحرير العراق والحفاظ على أمنه، وفي الوقت نفسه تذكير بأهمية الوحدة والسيادة الوطنية لمواجهة التحديات.