الثقافيةمنوعات

كاظم الساهر .. عسل مدسوس في قصائدٍ شتوية

الكاتِبة: عبير محمود القيسي..

في السابق من أيامي كنت أخبء أغنيات كاظم الى هذه الايام الشتوية التي نحتاج فيها كثيراً الى الكلمات المُنمقة والقصائد المهذبة التي تشذب مسامعنا وتهذب نفوسنا، فلربما في الصيف تحت درجات حرارة تتجاوز الخمسين مئوية لا نحتاج الى أي شيء سوى ضبط النفس والاعصاب للوصول الى البيت سريعاً لنحظى بالتكييف .. أما الان فهذه شتائية مُقامة من أجل الادب، الادب الذي يفقده العديد من الناس في الفاظهم وسلوكياتهم مع الاخرين، فأصبحنا نتجول في أي مكان وتلاحقنا الكلمات الغير لائقة وكأنها منشار يذبح ثقافتنا بقطع شريانها عن التغلغل في تصرفاتنا، أنهم لا يعرفون من أين يأتون بالكلمة، ولديهم كاظم الموسوعة اللغوية الذي أدى أجمل القصائد الرقيقة لدى كريم العراقي وقباني وحسن المرواني وعديد من ادباء عِظام ارتقوا بالثقافة وأنتقلوا بالانسان الى أسمى مشاعره وأرَّق احاسيسه، فهو ليس بمطربٍ ينتمي الى الغجر أو الاغاني الربحية السريعة .. لا، أنه مطرب الزمان الذي يعزف فوق جراح قلوبنا ويلامس شغف أنفسنا في الحب والدلع والتدليل الكامل لنساء الكون، فالذي يريد أن يكون رجل عليه أن يكون
” كاظم ” في تعامله بروعة رقيقة مع امرأته، لا أن يقيم الحد عليها، فليس شرط من شروط الرجولة أن يكون ذا سلطة فوضوية مرتفعة الصوت والقوام على النسوة بقدر ما تكمن الرجولة الحقة في الاخلاق والرأفة وحُـسن الكلام والاصغاء لمدللته.

على الانسان أن يكون ذا ادب شعوري خالص يستمده من الفن، فالفن الحقيقي نجده بين طيات كاظم الساهر وماجد المهندس وشِعر عراقي خالص مُعد من أجل ارتقاء الجيل الصاعد نحو تهذيب شامل وثقافة عامة لا نخجل منها بل نتباهى بها لأننا صُناع عقول راقية نهدف الى صياغتها بشكل يليق والفرد العراقي المتميز في حزنه ولحنه وقصيدته.

الساهري الذي يتصبب عرقه خجلاً لو رأى امرأة جميلة الحُسن أمامه، الممشوق القوام الذي غنى :
“يا أخر وطن أولد فيه وأدفن فيه وأنشر فيه كتاباتي”

العظيم الذي أدى أنا وليلى بكامل قيافة حزنه وكأنه الشاعر الذي يعيش في قلوبنا، العاشق الجريح الذي مررنا جميعنا به، حالة ادبية نادرة لم ولن تكرر بين فناني الطبقات الشبابية الموجودة الان، فلا يجوز أن ندَّعي الثقافة والمعرفة ونحن في أبسط الالفاظ نعاني من شبقية جنسية فما يمر لفظ إلا ويتخلله ذكر الأم والبنت والزوجة والأخت بالنعت المسيء ظناً منهم أن الشرف عضواً يتسيد اعضاء الجسد أو تلخصه قطرة دم في ليلة عذراءٍ مشؤومة وهذا مؤسف جدا من جانب التربية والاخلاق ويبني لنا ثقافة تعيسة تذهب ضحيتها المرأة وما من مدافع شريف يصون قلبها ويحفظ سرها ويعهد رعايتها.

وفي الختام دون أي تساؤل اطرقه في هذا المقال لانه رسالة الى من يهتم بالقراءة:

المرأة ليست افخاذ معلقة في ذهنك أيها الجاهل، وليست بيت رحم ينجب إليك الاولاد لتنتشي وتمارس عبثيتك هنا وهناك فارضاً ثقافتك البائسة عليها، أنها فراشة ولا يليق بالفراشات دلع غير الذي قام به الكبير كاظم الساهر.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار