في الذكرى الـ(٢٨) لإقامة صلاة الجمعة.. الخطبة المركزية تبين أهم ثمار هذه الشعيرة المقدسة
أقيمت صلاة الجمعة المباركة الموحدة في عموم مراكز محافظات البلاد اليوم ٢٥ جمادي الثاني ١٤٤٦ الموافق ٢٧ كانون الأول ٢٠٢٤ بإمامة مجموعة من رجال الدين الأفاضل وحضور أعداد غفيرة من المؤمنين الأكارم.
وقبل البدء بخطبة صلاة الجمعة المركزية الصادرة من الإشراف العام على صلاة الجمعة والجماعة في النجف الأشرف؛ قُرأت سورة الفاتحة على أرواح الشهـ*داء السعداء ولا سيما الشهـ*يدين الصدرين والنجلين (قُدِّسَت أَسرَارُهُمُ الطَاهِرَة) مَعَ الصَّلَاةِ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّد، وبعدها ردد الخطيب والمصلون هتافات (كلّا كلّا إمريكا… كلّا كلّا إسرائـ*يل… كلّا كلّا يا شيطان… نعم نعم للإسلام… نعم نعم للمذهب).
وجاء في خطبة صلاة الجمعة المركزية: أيُّها الأحبةُ: إنَّنا اليومَ نستذكرُ واحدةً من نِعَمِ اللهِ تعالى العظيمةِ علينا وكلُ نعمهِ عظيمةٌ وهذه النعمةُ هي إقامةُ صلاةِ الجمعةِ في عمومِ العراقِ والتي تزامنتْ مع ذكرى ولادةِ مولاتِنا فاطمةَ الزهراءِ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)، ونحنُ في الذكرى الثامنةِ والعشرينَ على اقامتِها بأمرِ شهـ*يدِنا السيدِ الصدرِ، وقد قالَ (قُدِّسَ سِرُّهُ) في هذهِ الذكرى: “ونحنُ بالرَغمِ من أنّنا قاصرونَ عن أداءِ شُكرِ اللهِ حقَّ شكرِهِ، وحَمدِهِ حقَّ حَمدِهِ، وطاعتِهِ حقَّ طاعتِهِ، وأداءِ حقِهِ حقَّ أداءِهِ. ولكن لا بدَ من أداءِ البعضِ إنْ كانَ الجميعُ متعذراً فنؤدي حمدَهُ وشكرَهُ مع الاعترافِ بالقصورِ والتقصيرِ وبالتضييعِ والتبذيرِ، والاعترافِ بأَنَّهُ جلَّ جلالُهُ أعطانا أكثرَ من استحقاقِنا، ومنّ علينا أكثرَ من توقعِنا، وقد قالَ جلَّ جلالُهُ: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)”.
وأضافت الخطبة بما تفضل به (قُدِّسَ سِرُّهُ): “ونحنُ نتوقعُ المزيدَ من مِنَنِهِ، والكثيرَ من الطافِهِ الخاصةِ والعامةِ جلَّ جلالُ المُعطي. فلَهُ الحمدُ عدَدَ ما في علمِهِ، وزنةَ عرشِهِ، ومِلءَ كَونِهِ، ومدادَ قلمِهِ، وعدَدَ ما أحاطَ بهِ علمُهُ، ووسعتهُ قدرتُهُ، وشملتهُ ارادتُهُ، ولهُ الحمدُ عددَ الحصى والنوى، وعددَ ما في الدنيا والعُلا، وله الحمدُ عددَ انفاسِ الخلائقِ، وعددَ أوراقِ الشجرِ، وعددَ ضياءَ الشمسِ والقمرِ، وعددَ كلُ شيءٍ، وملءَ كُلِ شيءٍ، وزنةَ كلِ شيءٍ، ولَهُ الحمدُ والشكرُ اكثرَ مما احصاهُ العادّونَ، واحاطَ بهِ الاولياءُ والعالمونَ، حمداً يدومُ ببقاءِهِ، ويتصلُ آخرُهُ باتصالِ مُلكِهِ، حمداً عددَ نعمِهِ التي لا تُحصى، وآلائِهِ التي لا تُجارى، وإفضالِهِ الذي لا يُبارى، حمداً لا ينقطعُ عددُهُ، ولا يُفنى امدُهُ، ولا يُحصى رفدُهُ، جلَّ جلالُهُ، ودامَ إفضالُه، ولا حدَّ لسلطانِهِ، ولا محصيَ لنعمِهِ وآلائِهِ”.
وتابعت الخطبة: وقد بينَ سماحةُ القائدِ السيدِ مقتدى الصدرِ (دَامَ عِزُّهُ) اهمَ الثمارِ التي حصلْنا عليها من هذهِ الشعيرةِ المقدسةِ، يقولُ سماحتُهُ: “الفائدةُ الأولى: إنها إحياءٌ لشعيرةٍ قد اندثرتْ لسنواتٍ طوالٍ، فلم يُقمْها أحدٌ من أهلِ المذهبِ كما هو المضمونُ وكما قالَ السيدُ الوالدُ (قُدِّسَ سِرُّهُ): (إنَّنا نتكلمُ في مكانٍ خطبَ فيهِ اميرُ المؤمنينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لضرورةِ التاريخِ وضرورةِ الدينِ ولم يتكلمْ من اهلِ الحقِ بعدَهُ اطلاقاً الى هذهِ اللحظةِ …. إلى آخرِ قولِهِ (قُدِّسَ سِرُّهُ). الفائدةُ الثانيةُ: إنها طاعةُ اللهِ سبحانَهُ وتعالى كما هو معلومٌ، والمجتمعُ في حينِها كانَ في حاجةٍ ماسةٍ إلى تكثيرِ الطاعاتِ وإلغاءِ المعاصي شيئاً فشيئاً، ولعلَ من أوسعِ الطاعاتِ وأعمقها كانتْ صلاةَ الجمعةِ. الفائدةُ الثالثةُ: إنها صرخةُ الفقراءِ والمظلومينَ المدويةُ بوجهِ الطُغاةِ ولا سيما الهدامُ والغربُ الذي استطاعَ إيصالَ المجتمعِ في حينِها الى درجاتٍ مُنحطةٍ وانحلالٍ أخلاقيٍ واضحٍ وجليٍ لكلِ ذي نظرٍ، وكما قالَ السيدُ الوالدُ (قُدِّسَ سِرُّهُ) (ومن هنا كانتْ صلاةُ الجمعةِ شوكةً في عينِ المستعمرينَ عامةً وإسرائـ*يلَ خاصةً، لما كانَ ومازالَ فيها من عزِ المذهبِ والدينِ وهدايةِ الناسِ والتسبيبِ الى لمِّ الشعثِ وجمعِ الكلمةِ على الحقِ)”.
وأكملت الخطبة بما جاد به (دَامَ عِزُّهُ): “الفائدةُ الرابعةُ: إنَّها بلورةٌ واضحةٌ لا يشوبُها شكٌ ومصداقٌ لنعمةِ اللهِ سُبحانهُ وتعالى وكما قالَ السيدُ الوالدُ (قُدِّسَ سِرُّهُ): (كونوا على مستوى المسؤوليةِ في تَحملِ هذهِ النعمةِ) وكذلكَ حينما نعتَها ووصفَ صلاةَ الجمعةِ بأنَّها نعمةٌ خاصةٌ بقولِهِ: (انا اعتقدُ أَنَّ هذا من الرحمةِ الخاصةِ وليستْ من الرحمةِ العامةِ، لو كانتْ من الرحمةِ العامةِ لشملتْ الأجيالَ كلَها، مع العلم إنَّها إنْ شاءَ اللهُ لا تزولُ، لكنْ نحنُ نراها في جيلِنا فقطْ على أيةِ حالٍ). الفائدةُ الخامسةُ: كانتْ باباً لهدايةِ المجتمعِ، تستمعُ من خلالِهِ إلى إرشاداتٍ ومواعظَ ومسائلَ شرعيةٍ وعقائديةٍ وعلميةٍ وسياسيةٍ واجتماعيةٍ. اخذتْ بيدِ المجتمعِ من هاويةِ التَخلفِ الى بابٍ من أبوابِ التفتحِ الذهني والثقافي والإسلامي والعقائدي بصورةٍ معتدٍ بها كما لا يَخفى”.
وواصلت الخطبة بما ذكره (دَامَ عِزُّهُ): “الفائدةُ السادسةُ: ولا يَخفى فأن الجمعةَ كانتْ أحدُ اهمِ الطُرقِ التي تُعدُ لقاءً حميماً ومثمراً بينَ الشعبِ او المجتمعِ مع حوزتِهِ ومرجعيتِهِ وقيادتِهِ التي يثقُ بها ويُقلدُها ويأتمرُ بأمرِها ويحذو حذوها ولا يخرجُ عن نهجِها ولا يفعلُ فعلاً ولا يقولُ قولاً إلّا بعد مراجعتِها وهي في نفسِ الوقتِ تعززُ وتوطدُ العلاقةَ بينَ الحوزةِ والمجتمعِ. الفائدةُ السابعةُ: إنَّ المجتمعَ كانَ في حينِها قَدْ وصلَ الى ذروةِ الخوفِ من الدكتاتوريةِ والظلمِ وكانَ الخضوعُ قد انتشرَ في أوساطِ الناسِ بما لا يخفى ، ولكنَّ صلاةَ الجُمعةِ استطاعتْ تخليصَ المجتمعِ ولو بمستوى من المستوياتِ من قضبانِ الخوفِ وسجونِ الذُلِ والخضوعِ، وفعلا صارَ المصلونَ يتهافتونَ من كلِ حدبٍ وصوبٍ وتهفو قلوبُهم الى صلاةِ الجُمعةِ وهُم منزوعو الخوفِ من القلوبِ بلْ لبسوا القلوبَ على الدروعِ واقبلوا حتى صاروا مثلاً كمثلِ أصحابِ الحُسينِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وزوارِ الحُسينِ، فأن اعتُقِلَ فردٌ زادتْ صفوفُ المأمومينَ وإن استُـ*شهِدَ صارتْ الجُمعةُ تملأُ المسجدَ وهكذا”.
وختمت الخطبة بما كتبه (دَامَ عِزُّهُ): “الفائدةُ الثامنةُ: أصبحتْ منبراً إعلامياً ضخماً توصلُ الحوزةُ من خلالِهِ كلَ ما تريدُ إيصالَهُ إلى محبِيها واتباعِها ولو بالقدرِ المستطاعِ آنذاكَ، وصارتْ اقوى من قنواتِ الظالمينَ والصداميينَ فهي روحُ الإعلامِ وسيدُهُ حتى يومِنا هذا. الفائدةُ التاسعةُ: هي لمٌ لشملِ المؤمنينَ العراقيينَ فما كانتْ صلاةُ الجُمعةِ في مسجدِ الكوفةِ المعظمِ حكراً على اهلِ النجفِ والكوفةِ بل كانتْ مقصداً لكلِ العراقيينَ من شَمالِهِ إلى جنوبِهِ ومن غربِهِ الى شَرقِهِ، وقد فتحتْ أبوابَ التعاونِ والتآخي والتآلفِ وازالتْ الجُمعةُ بفضلِ اللهِ وجهودِ مولانا الصدرِ الْمُقَدَّسِ، ذلكَ الوترَ الذي لعبَ عليهِ الهدَّامُ وازلامُهُ من زرعِ الفتنةِ وإشاعةِ التخالفِ، فجزاهُ اللهُ عن الإسلامِ والمسلمينَ خيرَ الجزاءِ. الفائدةُ العاشرةُ: جَعلتْ من الشعبِ العراقي في مصافِّ الشعوبِ الإسلاميةِ الأخرى التي تقيمُ صلاةَ الجُمعةِ كما في السعوديةِ ومصرَ وإيرانَ وباكستانَ بل وبعض المناطقِ في أوربا وامريكا وغيرِها، فشكراً لله على هذهِ النعمةِ، وشكراً دائماً لا ينقطعُ”.