المحلية

قبيلةـالبهادل ودور شخصية الفريضة العشائرية في العراق

بقلم: يوسف رشيد الزهيري
((وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ))
يقول الله تعالى ما ذكره إنما جعلنا هذه الشعوب والقبائل لكم أيها الناس ، ليعرف بعضكم بعضا في النسب او القرابة أو التصاهر ورابطة الدم في المودة والتراحم والتازر والتلاحم فيما بينكم وهو ينشئ نظام اجتماعي وراثي في المحافظة على تنظيم المجتمعات على أسس جماعات وشعوب وأمم وقبائل تربطهم نسيج صلة ذي القربى والدم والعشيرة التي ينتمون إليها مع اختلاف مسمياتها ويشير أيضا إلى أهم النقاط الجوهرية أن أكرمكم عند الله أتقاكم . في عمل الخير والاصلاح في المجتمع والذي ميزه الله تعالى وأكرمه بكرمه وفضله وتقديره وإحسانه لكل شخص بارز بين الأمم بالتقوى والصلاح والذي يندرج مسمى الفريضة تحت أساس هذا الخط وهذا السلوك القائم على فرض العدل والصلاح والخير بين أفراد المجتمع العشائري أو الإسلامي على وجه الخصوص
(شخصية الفراضة) أو الفريضة التي ولدت من رحم المجتمع البدوي وتطورت بعوامل الرسالة الإسلامية ودستورها وقوانينها والتي تعد اليوم جزءاً من الثقافة العشائرية في العراق بوجه التحديد والتي غالباً ما تلجأ إليها العشائر المتخاصمة لحل مشكلة ما أو حسم نزاع بشأن إحدى القضايا التي تعجز عن حلها الممارسات أو السلطة الدينية أو القضائية او القانونية في المجتمعات المدنية والعشائرية الأخرى.
ولدورها البارز في حسم النزاعات العشائرية المستعصية في كافة القضايا الجنائية والغير جنائية والتي كانت لقبيلة البهادل في جنوب العراق الدور البارز لما تمتعت بها بعض الشخصيات المعروفة التي لها ثقل ودور وتتمتع بخصائص ومواصفات يتميز بها الفريضة
بالعدل والانصاف والحكمة والدراية وان يكون عادلاً بحكمه ويتمتع بفراسته وتقييمه للمشكلة العشائرية لأن هناك الكثير من المشاكل العشائرية لا توجد لها حلول في المحاكم وهي تحتاج الى فطنة وفراسة ووعي لما يطرح بين الطرفين”.
كما ن بين الفراضات التي اشتهرت بهذا المجال وحافظت على هذا الموروث الاجتماعي والسلطة العشائرية التي منحتها الحكم بين العشائر والخصوم وفرضت سلطتها وهيبتها ومركزيتها على أساس العدل والانصاف والتقييم للمشكلات ومعالجتها وفق الأصول والأعراف ودرءا للفتن والصراعات وما تنتجه من أعمال قتل وثأر وهدر للدماء وتهجير وبغضاء وعداوة بين أفراد العشائر والخصوم حافظت قبيلة البهادل ورموزها أمثال أبناء الشيخ المرحوم كاظم السدخان وال شياع على هذه المكانة المرموقة التي وضعتها العشائر العربية أمام هذه القبيلة العريقة التي تمتد بعمقها وموروثها الحضاري والتاريخي لمئات السنين أمانة للحكم والفراضة قيد التنفيذ وتطبيق أحكامها وقراراتها بين العشائر لفض النزاعات ودرء الفتن والاضطرابات الاجتماعية وقدأصبحت جزء لا يتجزأ من النظام العشائري المتطور في العراق والذي يستمد قوانينه أيضا من الموروث الاسلامي وتطبيق الشريعة الإسلامية مع مراعاة نظام وقوانين الدولة
فمنذ القدم وبداية تكوين التجمعات البشرية برزت الحاجة الى وجود الفراضة أي قبل أن توضع القوانين الوضعية وذلك من أجل تنظيم الأمور العامة لأفراد المجتمع والجماعات
كما أن من أهم مميزات الفريضة أن يكون حيادياً وشجاعاً في اتخاذ القرار والصفة الأهم الفراسة والحكمة في إصدار القرارات والافتاء أو الفرض العشائري بين الخصوم والذي كان أهم دور لعبه في تاريخنا المعاصر كما يؤكده المؤرخين “الشيخ المرحوم الحاج حاتم كاظم السدخان يعد من أعلام قبائل العراق وأحد شخصياتها البارزة والمعروفة ومن فرضائها المعروفين ومن الوجوه الاجتماعية التي يشار لها بالتقدير والبنان ومحط اهتمام واحترام كبير لدى كافة عشائر العراق من الشمال إلى الجنوب وأنه كثير ما أطفأ الفتن والنزاعات بين الناس حتى لقب بـ (ستار العشائر) وديوانه كان مفتوحاً لاستقبال اغلب الناس الوافدين لإصلاح الشأن وحله للمشاكل والصراعات التي تحدث بين العشائر الأخرى .
كما أن من أبرز القصص التي تحدثت عن كرم وحكمة وشجاعة أبناء قبيلة البهادل والتي رواها لنا احد أبناء شيوخ هذه القبيلة العريقة عندما كان طفلا صغيرا ووفد إليهم وفدا من عشائر العراق ولم يكن يملك المال الكافي للقيام بضيافتهم فهرول مسرعا إلى السوق وهو يقتاد ابنه الصغير بيديه ليبيع عبائته الفاخرة الثمينة لإطعام ضيوفه وهذا ديدن الشجعان الكرماء بمواقف الفخر والزهو والعلو للمحافظة على التقاليد السامية لمجتمعنا العربي الاصيل والنبيل في الممارسات السلوكية والأخلاقية لتثبيت دعائم الحب والتسامح ونشر ثقافة الحب والسلام والفضيلة والصلاح التي يدعوا لها مجتمعنا الإسلامي على كافة المستويات
نسال الله تعالى أن يمد بعشائرنا العربية الأصيلة نحو الصلاح والأمن والسلام ويكونوا على قدر المسؤولية الأخلاقية والتاريخية للقيام بواجبهم ودورهم الرسالي الحقيقي لخدمة المجتمع بما هو فيه تحقيق لمرضاة الله سبحانه وتعالى واحقاق الحق ودحر الباطل والله ولي التوفيق .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار