الرياضية

لماذا بالغ العراقيون بفرحهم بكأس الخليج العربي؟

بعد أن هدأت العواطف قليلاً بخصوص الأنجاز العراقي في دورة الخليج العربي،أرى من الواجب تحليل ردود الأفعال العراقية على صعيدي الشعب والسياسيين من وجهة نظر نفس-أجتماعية. لا جدال بأني لازلت مؤمناً أن مشاعر أستقبال العراقيين والبصريين منهم لأشقائهم في الخليج العربي كانت في أحدى أهم أوجهها، تعبير صادق عن مدى توق العراقيين لأظهار هويتهم وأنتمائهم لمحيطهم العربي كما كتبتُ عن ذلك سابقاً .لذا سوف لن أتطرق هنا سوى الى الشعور بالفخر الناجم عن الفوز بكأس الخليج العربي. أن هذا هو الكأس الرابع،وليس الأول،الذي حصل عليه العراق فلماذا هذه الأحتفالات الجماهيرية والحفاوة الرسمية التي بدت مُبالَغ فيها؟! كما أن العراق سبق أن حاز على بطولات أكبر فلماذا الأحتفاء بدا أكبر هذه المرة مقارنةً بتلك الأنجازات؟ولماذا كل هذا الأستقبال “والكرم” من قبل السياسيين للفريق العراقي؟
أن من الواضح أن هناك عملية مبالغة وتضخيم للأنجاز الذي حققه المنتخب الوطني، مع أتفاقي التام أنه أنجاز مهم ورائع بخاصة في توقيته. هذه النقطة الأخيرة(التوقيت) قد تفسر الكثير مما حصل.معروف علمياً أن المبالغة في الأنجاز تزداد في المواقف المشحونة عاطفياً. أن ضوء الشمعة يبدو مشعاً حينما يلف الظلام الدامس ذلك المحيط. وتكون فرحتنا بالأنجاز أكبر حينما يكون الأنكسار واليأس في أقصى مدياتهما. لقد أظهرت دراسة المشاعر السلبية العالمية التي ينشرها معهد كالوب سنوياً أن العراقيين ولأكثر من سنة هم أكثر شعوب العالم من حيث المشاعر السلبية وعلى رأسها القلق. ومعروف أن أحد أهم الآليات الدفاعية التي يلجأ لها الأنسان للتغلب على قلقه هي المبالغة في الأنجاز لأنها تعني ضمناً قدرة الشخص (الموهومة هنا) على السيطرة والتحكم بحياته! وكلما أزدادت المبالغة في التعبير عن الأنجاز كلما دلّ ذلك على أرتفاع منسوب القلق والخوف. والمبالغة قد لا تكون في مشاعر الأنجاز بل أيضاً في مشاعر الخوف والأحباط. فمثلاً المبالغة في التأكيد أن العراقيين”ماتصيرلهم جاره” هو جزء من المبالغات التي تهدف بالنهاية لأراحة النفس أما من خلال سيطرة كاذبة وموهومة، أو من خلال أخلاءها من المسؤولية عما يحصل من فشل.
لقد مثل الفريق العراقي الفائز محاكاةً مُتصَّوّرة لما يريده العراقيون لحياتهم. فقد كان هناك أحدى عشر لاعباً عراقياً ليست لهم مسميات طائفية أو عرقية قادرين على منافسة الآخرين ممن قد يفوقونهم تطوراً(في مجالات المعيشة والخدمات والحياة عموماً وليس كرة القدم فقط) والفوز عليهم. لقد كان مشهداً درامياً تمثيلياً مأمولاً ومحبباً ، ذلك الذي عاشه العراقيون عبر عدة حلقات(مباريات) كان العراقي في ختامه هو المنتصر. ومن منا لا يحب النهايات السعيدة للمسلسلات والأفلام الدرامية. لقد جاء هذا الأنتصار في وسط بحر من الأخفاقات والأنكسارات الحياتية على كل الصعد. لذا كان الشعور بالفرحة عارماً وقد يبدو مبالغ فيه بالنسبة لكثيرين من المراقبين.
من جانب آخر،فقد كشف هذا التهافت من قبل المسؤولين والمؤسسات المختلفة عن جانب آخر من مسلسل الأحباط والفشل الذي يعيشه العراقيون عموماً وفي مقدمتهم أولئك المسؤولين. هناك ظاهرة سلوكية معروفة تسمى الأقتران الأدراكي. أذ يعشق الناس عموماً الظهور،وفي هذا الزمان أخذ السيلفيات،مع الناجحين بمختلف الحقول. فالظهور مع الناجحين يعطي أيحاءً بالنجاح للآخرين وليس للناجح فقط. وتزداد الحاجة للأقتران الأدراكي “لأخذ السيلفيات” مع الناجحين كلما قل أنجاز الشخص. وفي الواقع فأن السياسيين العراقيين ومؤسساتهم تعاني من جدب مدقع في الأنجاز لذا فأنهم بحاجة ماسة لسرقة أنجازات الآخرين أو تبنيها بأعتبارها أنجازات شخصية لهم. كان على المسؤولين “الحقيقيين” الذين يريدون فعلاً أن يكونوا جزءً من الأنجاز أن يستقبلوا هذا الفريق ويتبرعوا له بالأموال قبل البطولة لدعمهم وتوفير أحتياجاتهم لكي يحققوا الأنجاز،أما أستقبالهم بعد ذلك فهو لا يعدو كونه “صورني وآنه ما أدري”!! تحية لكل من ساهم في هذا الأنجاز لكن يجب عدم المبالغة به والعودة لأرض الواقع سريعاً لأن الأنجازات تحتاج الى ناس على الأرض وليس في الواقع الأفتراضي.

نقلا عن وكالات

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار
النقل تعلن بدء استعداداتها لتفويج الحجاج إلى الديار المقدسة وزارة الاتصالات : قريباً البريد العراقي يدخل مجال التسوق الالكتروني العالمي باسعار تنافسية مفتن يتصل بالمنتخب الاولمبي ويوعز بتكريمهم الأولمبي بالتأهل إلى دوري الثمانية الممثلة عبير فريد : والدتي كانت تكسب أجر بكاظم الساهــــر تشتري له الغـداء لانه لايملك ثمن "لفة" مجلس ذي قار يوجه تعميم لكافة الدوائر الحكومية بفتح منفذ ViP خاص لذوي الاحتياجات الخاصة مركز البيانات الوطني وجهاز مكافحة الارهاب يطلقان خدمة الكترونية لصالح ذوي شهداء الجهاز اللجنة الفنية العليا المكلفة بالتحقيق في حادثة انفجار معسكر كالسو تصدر تقريرها النهائي الشركـة العامـة للسمنـت العراقيـة تُعلـن عـن إستخـدام الوقـود البديـل فـي معمـل سمنـت سنجـار وإنتـاج... بالفيديو: هكذا ردت شمس الكويتية على متابعة سألتها عن سر عدم ظهورها بدون مكياج الحكومة العراقية تعلن عن موعد افتتاح 3 مجسرات مهمة في العاصمة بغداد