الثقافية

وداع

عبير القيسي..
جلسنا في صمتٍ مريب، تبادلنا النظرات بدهشة ثم اسدلتُ اجفاني كمن نام وغرق في بحر الاحلام.. استلقيتُ على الارض وجسدي كأنه مخدَّر تحت تأثير عملية ما..
وبعد صمتها أنبأتني بصوتها القبيح
العرافة: لا يوجد نصيب بينكما !
فتحتُ عينيَّ ونظرت اليها كانت متجهمة الوجه، قاطبة حاجبيها، ويديها ملطخة بأثر الحناء تناولت كوب شاي يتصاعد بخاره الذي يشبه بخار قلبي المكتوي بلهيب فراق احدهم..
ثم نطقت مرة أخرى:
لا يوجد نصيب بينكما؛
نهضت وانتفضتُ بثورة من الكلام الغير مفهوم ربما غير مفهوم لمن لم توجعه الحياة بالغياب ولم تختبر صبره الايام بالوحدة
كذب المنجمون ولو صدقوا، أنتِ تقولين ذلك لأنكِ تريدين أمتصاص قدرتي المالية لاعطيكِ المال بحجة أنكِ تتنبئين لي بالمستقبل، ولو كان المستقبل بيديكِ وأمثالكِ لما كان الله موجود في كل حين.. لو كان الغيب بيديكِ لما خفي عن سائر البشر ما هو مقدر اليهم ومحتوم في اليوم التالي .. اللعنة عليكنَّ أيها المنجمات الساحرات ما اكذبكن من نساء مخادعات.. كذب ما تقوليه والحق يعود في ذلك عليَّ اني جئت الى هنا لأستمع الى تفاهاتكِ فقط لأشحن طاقتي بأمل موهوم أن حبيبي قُتل ولن يعود أيتها العجوز الغبية ..

لم تجيب بشيء، تناولتُ معطفي وخرجتُ أمشي بالقرب من دجلة الملوثة بالكثير من افعالنا، طال وقت تأملي في مياه دجلة وخيُّل إليَّ أن الناس .. اعني الناس الذين نحبهم يمشون هكذا دون رجعة كما المياه التي تلتقي بالفرات وترحل الى شط العرب، وتلتقي بمن لا ادري من تلتقيه عبر مراحل عديدة، وتصادق من ترغب مصادقته خلال أسفارها،. هكذا هم من نحب يرحلون بلا وداع، ولا رجعة ولا نقطة التقاء فنبقى نحن مكبلين بأمل العودة من جديد الى احضانهم، مجنونين بالذكريات العاصفة دوماً بقلوبنا وعقولنا، نبقى نحن أُسارى الوداع، ومقيدي الوحدة وابناء حزن طويل ليلهِ لم يزول عن حياتنا طالما أن القلب ثُلم، ولطالما الروح هُجرت ووقعت في شباك الحيرة في أمر الرجوع من عدمه

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار