السياسية

عادل عبدالمهدي يتحدث بشأن ’مرتكز نظام الهيمنة العالمي’

((وان_بغداد))
تحدث رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي، السبت، عن “مرتكز نظام الهيمنة العالمي”.
  
 
وقال عبدالمهدي في تحليل (15 تشرين الاول 2022)، “التصعيد أم التهدئة؟، وأولوية الجماعية أمام الفردية؟.. لأننا نعيش حالات هجينة ومختلطة، فستكون إجابتنا مشوَشة. فما لم نفكك الاختلاط، فعند الازمات سنميل للتصعيد، وعند الاستقرار سنميل للتهدئة. ولأن الفردية والنمطية الاحادية هي مرتكز نظام الهيمنة العالمي، لذلك دُمرت الجماعات والهويات والتعدديات وبدت وكأنها الاستثناء واللاطبيعي”.
 
وأضاف، “عندما كان العالم جبهات متمايزة واضحة المعالم، قليلةٌ تشابكاتها وعواملها المتداخلة، كان معرفة المسارات اسهل. هل نسير نحو التصعيد والحرب، ام العكس؟ فتراكم مؤشرات الحرب واضحة، والعكس صحيح، وعندما كان الاقتصاد: 1- اصول وقيم ملموسة، وليس قيماً رقمية ووهمية تدعمها هيكليات وتشريعات بنتها حقبة النهب الاستعماري، او 2- اقتصاديات متجاورة مستقلة وليس جزءاً من هيكلية واحدة تقبع في قاعدتها بتبعية مطلقة غالبية الشعوب، وفي قممها قلة تهيمن بالمطلق عبر شبكاتها وشركاتها ووكالاتها العابرة واعلامها وقيمها. كان بالامكان تشخيص مراحل الدورة الاقتصادية الاربع وتمييز كل مرحلة وظواهرها عن اخرى بوضوح، لكن مع تداخل المراحل اصبحت الظواهر متشابكة ايضاً رغم تعارضها”.
 
وتابع، “فيقال اليوم اننا نعيش التضخم/الانكماش Inflation/Deflation، اوالتضخم المصحوب بالركود Stagflation. تماماً كالدورة المناخية حيث للربيع والخريف مناخاتهما وظواهرهما، وكذلك للشتاء والصيف. لكن عندما اعتدينا على الطبيعة، ولم نحترم قوانينها، أصبحنا نرى سيولاً مدمرة وامطاراً في غير وقتها، وحرائق وحرارة فائقة في غير مناطقها. او كالجنسين والعائلة من اب وام، فاننا نستطيع بوضوح تتبع شجرة ذريتهما. لكن عند الخلط، فاننا سنقف أمام عائلة من أب وأب أو أم وأم، وأبناء مستوردين، وهكذا”.
وأشار عبد المهدي إلى أنه “لن نصل لجواب واضح حول التهدئة والتصعيد -كبشر ودول- ما لم نفهم نظام الهيمنة العالمي الاحادي الذي يحكمنا منذ قرون وعقود.. هل هو سائر الى تعزيز مواقعه، ام الى تراجع بناءاته وظهور عالم جديد متعدد الاقطاب والثقافات، والجواب الذي تؤكده مؤشرات كثيرة انه سائر الى تفكك متزايد في بناءاته، دولياً ومحلياً. ليس لقوى تريد الانعتاق منه فقط، بل لانه اساساً يتفكك من داخله ويعطي مؤشرات تراجع وانهيار واضحة”.
 
واعتبر أن “التراجع والانقسام العالمي الحاليان وفوضاهما وحروبهما وتداخلاتهما، هما استكمال لمرحلة الانعتاق من العبودية والتحرر الوطني للقرنين الماضيين. مرحلة مَنَحت -في حالات كثيرة- استقلالاً مُعطَلاً وحريات مجتزأة. فالبلدان حُكمت بمنظومة عالمية لها شرعتها الاحادية المتحيزة ومنظماتها واقتصادياتها وقيمها وادوات هيمنتها الضامنة لاستمراريتها”.
 
وبين أن “الشعوب والبشر، فلقد اتسعت دائرة تشييئ وسلعنة خصائصهم وغرائزهم (جعلها شيئاً وسلعة). فصار بالإمكان تحرير الإنسان ورفع القيد عن رقبته ويده. وتحريم بيعه وشرائه. فما سيؤسر ويُرق ويبُاع ويُشترى ويؤجر ستكون حاجاته وغرائزه وخصائصه وصفاته. فتراجع الاجتماع (الاسرة، الجماعة، الخ) كحاضنة للانسان وحقوقه لمصلحة الفردية كقيمة عليا لتنظيم قوانين الحياة والمجتمع”. وصار السوق -بكل اشكاله- هو المكان الابرز لتحقق قيمة (سعر) الاشياء المحسوسة وغير المحسوسة. فيُمسك الانسان من حاجاته وخصائصه وغرائزه. كالجوع والعطش (باستثمار حاجته)، وكالجنس والانويات (باستثمار الاثارة والعَرض)، او كقوة العمل (باستثمار جهده) او كالخبرة والقتال (باستثمار فكره وقوته) او كالمخدرات والاوهام وتكييف الادمغة (باستثمار احلامه وخيالاته وطموحاته، الخ)”، مشيراً إلى أن “البلدان والشعوب ارتبطت بهيمنة حقيقية مقنعة وغير مقنعة. وان التفكك (والتصعيد والفوضى) الذي نشهده اليوم هو نقلة جبارة وجذرية لاستقلال الشعوب والبلدان والقارات والحضارات، اكثر واعمق من نظام الاقلية الاحاديى المفروض منذ قرون على اغلبية الامم والشعوب”.
 
وقال، إنه “لتعود اولوية قيم الجماعة المنظِمة لسلوكيات وحقوق الفرد. لتعيد للانسان كرامته الحقيقية وليس الوهمية. ولتبني منظومات متجاورة او متعايشة (التهدئة) وليس متداخلة او محكومة. لهذا نستنتج باننا نسير -على الاقل في مناطقنا- نحو التهدئة والتعايش والتقدم والاقتدار وتمتع انساننا المستضعف بقيمته الحقيقية باعتباره من يخلف الارض ويرثها، ايماناً بقوله تعالى (ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين)”.
وأضاف، “نقول هذا ليس لاننا سنعيش عالماً بدون مشاكل وعنف بل لان الامر سيختلف نوعاً ومجالاً. فعنف الهيمنة العالمية نشبهه بالوباء، والعنف بدونها نشبهه بالمرض. فالثاني عارض ومحدود وله علاجاته. والاول مدمر وشمولي في الزمان او المكان او كلاهما، ولا يستثني احداً، يصيبك ويؤذيك حتى وان لم تكن طرفاً او سبباً”.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار