الدينية

العباس بن علي بن ابي طالب (ع) الأخ و الناصر و صاحب البصيرة النافذة

بقلم / احمد عبد الصاحب كريم..

عندما نتجول في بلاد العالم سوف نجد سيرة و مواقف أبي الفضل العباس (ع) على كل لسان سواء كان شيعيا أو غير شيعي مسلما أو غير مسلم ، ان هذا الحب الكبير لهذه الشخصية العظيمة جاء نتيجة لمواقفه في كربلاء و وفاءه اللامحدود من اجل دينه و قضيته و السامية و الدفاع عن امام زمانه تم دفاعه المستميت لأخيه الامام الحسين (ع) و تحمله كفالة بنات و أطفال الرسالة المحمدية تلك اللحظات انبثق منها هذا الحب اللامتناهي من جميع البشر حيث جعلته تلك التضحيات خالدا و محبوبا من كل القلوب ، احتلت شخصية العباس بن علي عليهما السلام اهتماماً واسعاً من قبل أئمة أهل البيت عليهم السلام لأهمية القضية التي كان العباس عليه السلام أحد اقطابها ورجالاتها البارزين ـ و هذه الشخصية العظيمة نالت اهتمامها الواسع في أعمال المحققين و كلمات المؤرخين حتى انك لم تجد مؤرخا إلا وأشار إلى سيرة العباس عليه السلام تفصيلا و ايجازا مما يمكن القول ان هذه الشخصية الملحمية فرضت نفسها على الواقع التحقيقي، واملت المساحة التاريخية الشاسعة بالكثير من المواقف التي اذهلت الجميع

و مرة أخرى اكتب وأقول ان اغلب خطباء المنابر و كتاب القصائد الحسينية حصروا شخصية العباس (ع) فقط بجلب الماء و الدفاع عن أخيه و تناسوا قيمة هذا البطل الهمام و الفارس الشجاع

العبّاس بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة ابن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): واللّه ما عَبدَ أبي ولا جدّي عبد المطلب ولا عبد مناف ولا هاشم صنماً، وإنّما كانوا يعبدون اللّه، ويصلّون إلى البيت على دين إبراهيم،، متمسّكين به ، كان جده أبو طالب سيّد البطحاء شبيهاً بأبيه شيبة الحمد عبد المطلب عالماً بما جاء به الأنبيّاء و أخبرت به أُممهم من حوادث و ملاحم و لأنّه وصيّ من الأوصياء و أمين على وصايا الأنبياء حتّى سلّمها إلى النّبي الكريم محمد المصطفى (ص) ، هؤلاء اجداد قمر بني هاشم بتحدث عنهم امام معصوم و خليفة المسلمين امير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام) فهو والد الفضل كله العباس (ع) كان يقال لعبد مناف: (قمر البطحاء)، ولعبد اللّه والد النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (قمر الحرم) وقد جمع العباس الجمالان فاطل عليه (قمر بني هاشم)

ولادة العباس (ع) :ولد العباس سنة ( ۲٦ ه‍ ) في اليوم الرابع من شهر شعبان عاش العباس مع أبيه علي بن أبي طالب أربعة عشر عاماً، ومع أخيه الحسن(ع) بعد شهادة أبيه عشر سنوات، ومع أخيه الحسين بعد شهادة الحسن عشر سنوات، فكان عمره يوم استشهد حوالي أربعة وثلاثين سنة

امه (ع) : أُمّ البنين فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيد بن كعب بن عامر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن

زوجته (ع) : لبابة بنت عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب
اولاده (ع) : كان للعباس (ع) خمسة أولاد هم (عبيد اللّه ، الفضل، الحسن ، القاسم) و بنتان

وصف العباس (ع) : العبّاس كان رجلاً وسيماً جميلاً يركب الفرس المطهّم و رجلاه تخطان في الأرض و كان يقال له قمر بني هاشم

القابه و كنيته (ع) : (قمر بني هاشم ، السقاء ، العبد الصالح ، بطل العلقمي ، حامل اللواء ، كبش الكتيبة ، العميد ، حامي الضعينة ، باب الحوائج ، سبع الكنطرة) ، اما كنيته فهي (أبو الفضل ، أبو القاسم)

قال الامام الصادق (عليه السلام): (كان عمنا العباس بن علي نافذ البصيرة، صلب الإيمان جاهد مع أبي عبد الله عليه السلام وابلى بلاءً حسناً، ومضى شهيداً) ، فما هو المقصود من ذلك ؟ البصيرة مفهوم مقابل البصر وهو أحد الحواس الخمس التي نستطيع أن نتعرف بها على المدركات المادية، لكن البصيرة هو فهم لأمور ما وراء الادراك الحسي ، معنى البصيرة: المعرفة العميقة للحياة والوصول الى معنى الوجود ومعرفة الامام المعصوم (عليه السلام) ، هذه المعرفة هي التي تؤسس للشخصية التي تستطيع فهم قواعد الحياة ، أبو الفضل العباس لم ينحصر دوره في كربلاء، وهو ليس مجرد ناصر لأخيه وذهب للمعركة وبرزت فيه فضائله الأخلاقية وشجاعته وتضحيته، بل كان عنده فهم كبير وبصيرة عظيمة وقدرة على إدراك النظام الإلهي والكون والوجود، جعلت منه تلك الشخصية المميزة على طول التاريخ ، فالبصيرة في علاقة متصلة مع اليقين، يقول الله تعالى في القرآن الكريم: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) سورة الحجر اية (99) .
اهم مواقف العباس (ع) : شارك في معركة صفين مع ابيه الامام علي (ع) و كان عمره (11) سنة و كان يلبس في بعض الأحيان ملابس ابيه الامام علي فخرج يطلب المبارزة من جيش الشام لم يخرج له احد خوفا من هيبته وصلابته فقال معاوية لاحد قادته و الذي يسمى أبو الشعثاء و كان و الذي كان يعدونه اهل الشام بألف فارس لشجاعته و قوته فقال لمعاوية انا ابرز لهذا الغلام و انا اشجع اهل الشام و كان لديه سبعة أبناء قال سأرسل له احد ابنائي حيث قام العباس (ع) بقتله فقال يرسل بأبنائه الواحد تلو الاخر و العباس يرسلهم الى جهنم حتى برز أبو الشعثاء لكي ينتقم الى أبنائه فألحقه العباس (ع) بأبنائه الى جهنم فلما كشف العباس لثامه اصبح جيش الشام يرتعد من قوة هذه الفتى الهاشمي ،
العباس (ع) جرد سيفه وأراد البطش بأصحاب (البغلة) عندما قاموا برمي نعش الامام الحسن (ع) بالسهام بعد استشهاده و لولا ان منعه الامام الحسين (ع) عملاً بوصية أخيّه ” لا تهرق في أمري محجمة ، وعند تغسيل الامام الحسن (ع) شارك السبط الشهيد الامام الحسين (عليه السلام) و الرسول الأعظم و وصيه المقدّم مع الروح الأمين و جملة من الملائكة في غسل الإمام المجتبى الحسن السبط (صلوات اللّه عليهم أجمعين) وكانت مشاركة العباس دون ان يعصب عينيه عن مشاهدة الجثمان الطاهر و هذه درجة عظيمة لا ينالها احد غير الامام المعصوم لان الامام المعصوم لا يغسله الا امام معصوم فيكون العباس (ع) مصداقا لقول الصفة التي منحها له الامام علي (ع) (العبد الصالح) و هي صفة اطلقت على الانبياء و الاوصياء

العباس و تسميته بسبع القنطرة عندما خرج الامام علي (ع) لقتال الخوارج في النهروان جعل العباس و كان عمره (14) سنة على حراسة القنطرة و امره بأن لا يعبر احد من الخوارج منها و عندما بدء الامام بالحرب مع الخوارج بعد ان نصحهم ان يتوبوا الى الله بعد ان قاموا بقتل و تعذيب الصحابي الجليل عبد الله بن خباب و قتل زوجته و اخراج جنينها من بطنها حيث كانت حامل و التمثيل بجثثهم فتاب عدد منهم و بقي اكثر من (4000) الاف معاندين حيث قام الامام علي (ع) بقتلهم جميع و عندما أرادوا الهرب من القنطرة قام العباس (ع) بجعل الجثث والرؤوس تتطاير يمنينا و شمالا و سمي على اثرها بسبع القنطرة .

اما موقفه مع الحسين فيحتاج منا ان نكتب الكتب و المجلدات حول مواقفه منها الإنسانية و الشجاعة و كفالة الأطفال و حماية الحرم و سقي العطاشا و اختراق المشرعة التي كان يحرسها اكثر من (4000) فارس و حمله للراية و مقولته المشهورة (يا نفس من بيعد الحسين هوني و بعده لا كنت ان تكوني .. هذا الحسين شارب المنون و تشربين بارد المعيني و الله ما هذا من فعال ديني و لا فعال صادق اليقين ) و مقولته (و الله ان قطعتـم يميني انّي أحامي أبداً عن ديني و عن امام صادق اليقين نجل النبي الطاهر الأمين) هذه المقولة ارتجز بها العباس عند قطع يمينه ثم ارتجز بعد قطع يده السار قائلا ( يا نفس لا تخشي من الكفار و ابشري برحمة الجبار .. مع النبي السيد المختار قد قطعوا ببغيهم يساري فصلهم يا ربي حر النار) حيث انه لم يتألم قط من الجراح و لم تهمه الجراح و انما قام يرتز و يحارب دلالة على عظمته و مدى تمسكه بحبل الله المتين و الايمان العميق الذي لا يصله الا رجال كالعباس (ع) .

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار