الدينية

هل نحن جاهزون لنكون مع الإمام الحسين (ع)؟

ما مدى تأكدنا من أننا إذا رأينا العملات الذهبية الحمراء، فلن نبيع الحسين (ع)؟ ما مدى تأكدنا من أن أعناقنا جاهزة للسيف؟ هل نحن علی يقين من أننا لا نخاف من غزو ثلاثین ألف شخص من جيش الشياطين؟ هل نحن على يقين من أننا لن نعانق أطفالنا و نهرب عندما يطلقون السهم على علي أصغر في حلقه؟

حنان سالمي: نجلس في مجلس العزاء، فيصبح المدح شغوفًا، ونبكي، ونضرب صدورنا بصوت عالٍ و نقول «يا ليتنا کنا معكم»؛ معناه «نتمنی لو كنا معكم يا حسين (ع)» و لكن ما مدى ثقتنا من أنفسنا أننا سنحقق هذه الرغبة؟ ما مدى تأكدنا من أننا إذا رأينا العملات الذهبية الحمراء، فلن نبيع الحسين (ع)؟ ما مدى تأكدنا من أن أعناقنا جاهزة للسيف؟ هل نحن علی يقين من أننا لا نخاف من غزو ثلاثین ألف شخص من جيش الشياطين؟ هل نحن على يقين من أننا لن نعانق أطفالنا و نهرب عندما يطلقون السهم على علي أصغر في حلقه؟

إذاً کیف نتجرأ أن نحکم علی اهل الکوفة؟ ما الفرق بيننا و بینهم؟ هل الكوفيون من قبيلة الجن أو الملائكة؟ فلا؛ بل كانوا أناسًا مثلنا و ربما أكثر شجاعة منا نحن الذین لم نری حتى حدة السيف و جروحه. كان رجال الكوفة شجعاناً، كانوا محاربين، في الحقیقة الكوفة تأسست كمدينة عسكرية؛ المرأة الكوفية کانت دائماً تعدد و تجهز ابوها، زوجها و ابنها للحرب و لم تخف؛ هؤلاء الناس لم يكونوا غرباء عن الحرب و الدم والسيف، ليسوا أميين، بل كان لديهم قاضي، و كان لديهم عالم دين، وكان لديهم وزير، وكان لديهم أمير.

لذلك فی عام واحد و ستون من الهجرة كل هذه الكوفة اجتمعت و اصبحت صراخ «يا ليتنا كنا معکم»، و ربما کمغناطیس دعوا الحسین (ع) لمرکزهم؛ حسنًا، فإن ثورة الکوفه تغیرت لأمر كبير و خطیر، لأن أرسلوا خطاب دعوة لعدو الحکومة، و ماذا يعني هذا؟ أي یعنی أن الكوفيون لم يكونوا جبناء كما نعتقد، ولكن فقط طالما كانت مصالحهم مع حسين (ع)!

فما أمرهم؟ كانت عاصمة العالم الإسلامي قد أُخذت من الكوفة، و ذهبت المشيخة والمستشارية و الإمارة إلى الشام، و تم نقل القصور و المرافق إلى الجانب الآخر من البلاد الإسلامية، و كان الكوفيون يتطلعون إلى إعادة اسمهم وعاداتهم. لهذا أرادوا أن يأتي الإمام الحسين (ع) و يسحب الحكومة التي كان الأمويون یهضمونها فی بطونهم من افواههم! فكتبوا رسائل بمئات الآلاف، لكن جواب الإمام الحسين (ع) لم يشجعهم. فاجتمعوا: «ماذا يعني الحسين بن علي؟!» ماذا قال الامام الحسين (ع)؟ في البداية قال كلماته الأخيرة و تم الأمر علیهم: «إِنّی لَمْ أَخرُجْ أَشِراً و لا بَطِراً و لا مُفْسِداً و لا ظالِماً، إِنَّما خَرجْتُ لِطَلَبِ إلاصلاحِ فی أُمَّةِ جَدّی، أُُریدُ أنْ آَمُرَ بالمَعروفِ و أنهی عَنِ المنکَرِ وَ اَسیرُ بِسیرَةِ جَدّی و أبی» ما يعني يا ایها الناس لا تخدعوا و تسعدوا أنفسكم، أنا لم أثور من أجل الطموح و الشهوة و العنف و القمع. لقد كتبتم الرسائل وتنتظرونی، لكن اعلموا أنه إذا قام الحسين (ع)، فما یعمل سوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

هل هذا ما أرادته الكوفة والكوفيون؟ هل هذا شيء تحبه طبيعة الشخص المهتم بالذات؟ البشرية تريد الراحة و التعايش السلمي؛ الیزیدیون يشربون الخمر ويلعبون مع القردة فماذا عنا؟ الملايين من الناس سيضطهدون، و الحکام یغتصبون الخزائن و يغيرون وصايا الله، و يسخرون من الشريعة، فهذه الأمور لا علاقة لها بنا طالما أنها لا تزعج رفاهيتنا، ولكن إذا أزعجت راحتنا، إذاً حتی إذا وقف الحسين (ع) أمامنا سنرسم سيفاً في وجهه ونقطعه إرباً إربا!

هل ترون؟ كان الكوفيون أناسًا مثلنا تمامًا، وكم سيكون خطأ إذا أردنا فصل قراراتهم بالأمس عن قراراتنا اليوم. جلست و أعددت، ورأيت أن ألف و ثلاثمائة و ثلاثة وثمانين سنة قد مرت منذ حدث كربلاء، لكن هذا الحدث لا يزال قائما، ولا يوجد سوى أيام و أشهر و سنوات و أشخاص يمرون به بسلاسة، أحيانا في شكل من أهل الكوفه و أحيانًا على هيئة اثنان و سبعون شهيداً غارقین فی دمائهم.

و أما نحن، نرى ظلمًا و صامتون، نری فسادًا و صامتون، نرى الحجاب السيئ و کشف الحجاب في البلاد الإسلامية و صامتون، و ایضا نرى القردة ترقص على منبر رسول الله و مازلنا صامتون، ثم نجلس في مجلس العزاء ونقول بصوت عالٍ «يا ليتنا كنا معكم»، هل نمزح مع أنفسنا أم ماذا؟

أن تكون مع الإمام الحسين (ع) له ثمن؛ فی عام واحد و ستون من الهجرة  كان الثمن دماً، أما الآن و في عام 1444 هـ فإن الثمن هو بذل المال و السمعة و القلم و الكاميرا في مسیر الحقیقة، و تكلفة الوجود مع الإمام الحسين (ع) هي الأمر بالمعروف و النهي عن المنکر، وإلا فمن أول محرم إلى يوم الأربعين نقول «يا ليتنا كنا معکم» على التوالي، فما المنفعة سوی تعب اللسان؟! هناك ثمن لعدم كونك كوفي وأن تصبح شخصًا حسيني، فالثمن هو أن يجب على كل واحد منا أن يجلس و یختار أثمن جزء حیاته حتی لیدفع به في حرب کربلاء عصره و یصبح حسيني و عاشورائی، فعند ذلک ینصر الإمام الحسین (ع) و یصبح قابلاً للشراء اذ قال «یا لیتنا کنا معکم.»

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار