المحلية

هل اكتملت عوامل التغيير السياسي في العراق!

أحمد باسم القزاز
ليس هنالك طريقة لمعرفة المستقبل بشكل مؤكد فحتى الجانب النفسي عامل في توقع الى ماذا ستؤول اليه الامور فإن كانت نظرتك تفاؤلية او تشاؤمية ستختلف نظرتك الى المستقبل!
إن افضل طريقة لمعرفة المستقبل هي استنباطهِ من الماضي،فعند التحضير لقيام حركة ١٤ تموز كان بعض او معظم الضباط الوطنيين ينوون التهدئة لا لتصفيته او اعدامه كما حصل مع الضباط الاحرار في ترحيل الملك فاروق،بل وحتى اظهاره على شاشات التلفاز مؤيدا للثورة كما حصل مع الملك غازي الاول.
اما في ثورة العشرين ابان واقعة الرميثة محاولة السيد الشيرازي إرسال وفداً مكون من (الشهرستاني) و (المرزا) وحتى بوساطة القنصل الايراني بائت تلك المحاولة بالفشل لوقف القتال ولم تؤدي إلى حل مع الانجليز حينما كان العراق يُعاني من بطش الانجليز وتخضم مالي.
لمواطني العراق خصوصية كأي شعب آخر ترسم طموحاته عبر الزمان فهو شعب في فرضيّات عالم الاجتماع العراقي علي الوردي وردت في كتاباته دراسة في طبيعة المجتمع العراقي تتمحور حول عناوين أو محاور رئيسية ثلاثة هي ازدواجية الشخصية العراقية، والتناشز الاجتماعي، وصراع البداوة والحضارة.
وصف د. علي الوردي العراق بالبودقة لصهر البدو المهاجرين ودمجهم بالسكان الذين سبقوهم بالاستقرار والتحضر. فتكونت لديهم قيمتين قيمة حضرية وقيمة بدوية. فالعراقي ينادي بقيم الكرامة والغلبة. ولكن حياته تجبره على الانصياع لقيم التحضر.
تكمن اهم واعقد مشاكل الاحتقانات السياسية في العراق هي غياب المشترك الوطني فمعظم الاطراف السياسية ترتبط بشكل او اخر بتوجهات اجنبية او ايدلوجيات تغلب الطابع الوطني وبالتالي فشل بناء المشترك الوطني والتعايش سوياً،وبالتالي دائما ما يكون الهدف احتكار السلطات من اجل إنتاج رموز قبل حتى الأغراض المادية،اذن هي الازمة ازمة مجتمعية داخلية بالأساس.
من مقدمتي هذه استطيع بأن ارى متى ما سمعت باحاديث التهدئة لا تصدقها لطبيعة سلوك الفرد العراقي وأيضاً الاحداث التاريخية عبر الزمان التي تثبت ذلك.
ما سيحدث في العراق عاجلاً ام اجلاً ثورة حقيقية لعيش حياة كريمة وحضرية تغير من الشكل السياسي للبلاد وستكون هنالك دماء فطبيعة العراق البدوية ستظهر ايضاً.
أما من يقرر بأن التغيير هذا سيكون ايجابي ام سلبي هو موضوع آخر تماما لكن لا ارى بأن ما يمر في البلاد من ظلم وانتهاك لحقوق الإنسان وزيادة نسبة الفقر و تزوير الانتخابات والعزوف عنها وتراكم نفس الاخطاء لن يكون هنالك فرصة لخلق وضع أسوأ من هذا؛مع ذلك هي حفرة قد يكبر عمقها.
ان كل عوامل التغيير السياسي قد اكتملت فالاحتياج موجود والتغيير في النفوذ ايضاً موجود والضغوط الخارجية ايضاً موجودة،لكن هنالك امور قد تكون ضبابية بعض الشيء فإن التغيير السياسي في مفهومه يجب ان يكون انتقالا من وضع لآخر فالعراق بلد ديمقراطي لا ديمقراطية فيه والتغيير السلمي اصطلاحا يطلق عليه (إصلاح) والإصلاح في العراق سيكون من قبل جهات قد لا تكون سلمية تماماً.
العراق على اعقاب تغيير شامل وكل من يتمعن النظر في ماضي العراق يعرف بأن العراق على شفا حفرة من الانزلاق الى منعرج لتغيير مسار العملية السياسية برمتها وان كل من يؤمن بالنجاة من الطبقة الفاسدة واهم.

لكن يظل دور الرموز في رسم المجتمع العراقي وصياغة مفاهيمه بل وحتى علاقاته مع الآخرين اكبر من اي مفهوم وطني والدور السلبي للرموز القديمة والتقليدية يحتم من اجل تغيير إيجابي اصبح مطلوباً و بإلحاح انتاج رموز وطنية جديدة لا تحاول الحفاظ على وضعها الراهن بل تطمح لخلق حالة تحول إلى واقع أفضل والتغلب على معوقات هذا التغيير.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار