السياسية

التنافس داخل الإطار يهدد تماسكه ويعمق الانسداد

17 يوليو 2022
فرهاد علاء الدين
بعد مضي أكثر من شهر على انسحاب التيار الصدري من المشهد البرلماني واستبدال نوابهم بنواب جدد معظمهم من الإطار التنسيقي، فشلت قيادة الإطار في اختيار مرشحها لرئاسة الوزراء باعتباره الكتلة الأكبر الآن، مما ينذر باستمرار الانسداد السياسي.
  
الإطار تذرع بداية بالعطلة التشريعية للبرلمان ومن ثم بعطلة عيد الأضحى كذريعة لحسم ملف ترشيح رئيس الوزراء القادم وبات السبب الأساس واضحاً في شدة التنافس على المنصب بين قياداته الرئيسية طمعاً بنيله من قبلها حيث اشتد التنافس بين رؤساء ائتلاف دولة القانون نوري المالكي وتحالف الفتح هادي العامري وتحالف النصر حيدر العبادي، وتعد رغبة كل منهم بالتصدي للمنصب في إطار ما وصف بالاستحقاق الانتخابي بعدما تحول أداؤهم المتواضع في الانتخابات إلى نصر كبير إثر انسحاب التيار الصدري.
 
تنافس الزعماء و الخط الثاني
هادي العامري من جانبه أعلن في بيان له أصدره يوم 11 تموز “اني لست مرشحاً لهذا المنصب (منصب رئيس مجلس الوزراء) وأرفض ترشيحي ممن يرى صواب ذلك من الإخوان” فيما كشفت مصادر موثوقة داخل الإطار بأن العامري تراجع عن قراره خلال اجتماع الإطار المنعقد يوم 15 تموز وأبلغ قيادات الإطار بأن ضغوطات كبيرة داخل تحالف الفتح طالبت بالمنصب كونه استحقاقاً انتخابياً إلى جانب كونه مسؤولية وطنية.
 
رئيس ائتلاف دولة القانون من جانبه ألمح إلى رغبته بالمنصب رافضاً الإشارة إلى عدم رغبته بالتخلي عن التنافس على غرار ما أعلنه العامري يوم 11 تموز، مبلغاً المقربين منه بأنه لم يعلن ترشيحه أصلاً فلا داعي لإصدار بيان بهذا الصدد، لكنه سيلبي رغبة من يطالبه بتولي المنصب.
 
اشتداد حدة المنافسة بين العامري والمالكي كفيل بتعطيل عملية الاختيار، كونهما يمثلان القطبين الأبرز لقيادة الإطار التنسيقي ولكل منهما قرابة ثلث مقاعد الإطار، مما يصعب على المرشحين الآخرين منافستهما.
 
الملاحظ أن غالبية الطيف السياسي تتأمل بل ترغب باختيار شخصية من الخط الثاني بدل القيادات التقليدية التي سبق لها وأن تولت مسؤوليات حاكمة في الماضي القريب، بيان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من جانبه أعلن انحيازه بالذهاب نحو هذا المنحى فبعد أداء صلاة الجمعة الموحدة التي دعا اليها يوم 15 تموز قال “كلّنا سمعنا مقولة (المجرَّب لا يُجرَّب) وأردفناها بالـ(شلع قلع) فلا تعيدوا المجرَّب فإنّه سيستمر بغيّه، فلا نريد أن تعاد المأساة القديمة ويباع الوطن وتتكرر سبايكر والصقلاوية” وبالتالي فإن تأكيد الصدر هذا سيزيد من حظوظ قيادات الخط الثاني.
 
وتيرة الاجتماعات داخل الإطار التنسيقي تصاعدت بعد إعلان رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي انتهاء العطلة التشريعية في تغريدة له يوم 15 تموز قال فيها “أدعو الإخوة والأخوات رؤساء القوى السياسية والكتل النيابية إلى تحمُّل المسؤولية وحسم الحوارات للمضي بانتخاب رئيس الجمهورية” مما دفع الإطار التنسيقي للاجتماع مساء ذات اليوم وأصدر بياناً ذكر فيه “أقر الإطار التنسيقي انعقاده الدائم في جلسة مفتوحة ومستمرة لاختيار رئيس الوزراء خلال الأيام القليلة القادمة وفق الآليات التي وضعها الإطار لذلك” في إشارة إلى أن العد التنازلي لحسم ملف اختيار رئيس الوزراء قد بدأ فعلاً، وأن القوى السياسية داخل الإطار باتت تشعر بالضغط الداخلي والخارجي لحسم هذا الملف.
 
آلية الاختيار وحسم الحوار
الإطار التنسيقي لم يعلن عن الآلية التي سيعتمدها لحسم ملف ترشيح رئيس الوزراء بالرغم من اجتماعاته الماراثونية، إذ ناقش تشكيل لجنة خماسية من قيادات الإطار كلفت بمهمة تدارس ومناقشة الاختيار المنتظر وتسمية المرشح الموعود من بين الأسماء المقترحة، إلا أن هذه اللجنة مازالت قيد الإقرار ولم تباشر أعمالها بعد. ويشكك بعض المراقبين بقدرة هذه اللجنة على حسم الملف لوجود تقاطعات مرتبطة بمصالح وتوجهات أعضاء اللجنة ذاتها، خاصة وأن بعضهم يطمح للظفر بالمنصب على حساب غيره.
 
يبقى الخيار الاخر هنا الذهاب إلى الهيئة العامة للإطار التنسيقي، مما يعني عقد اجتماع موسع لجميع النواب الأعضاء في الإطار التنسيقي يتم خلاله اختيار المرشح من خلال التصويت وهو ذات الخيار المعمول به في حسم المنافسة بين إبراهيم الجعفري وعادل عبدالمهدي عام 2006. إلا أن هذه الآلية قد تسفر عن ترجيح كفة الكتلتين الكبيرتين داخل الإطار وهما دولة القانون وتحالف الفتح، مما يعني عودة اشتداد حدة التنافس بين قيادتي الكتلتين، أضف إلى ذلك أن التدخلات الخارجية سوف تزداد بالتأكيد عند التصويت إذ أن النواب الأعضاء في الإطار سوف يتعرضون لضغوطات ومحاولات التأثير عليهم سواء بالترغيب أو التهديد.
يرى مراقبون بأن الفرصة الذهبية التي أهداها زعيم التيار الصدري إلى الإطار التنسيقي توشك أن تتبدد وسط تصاعد الخلافات الشخصية بين قادة الإطار، وأن فشلهم في حسم الملف قد يتسبب في فوضى سياسية وتعميق الانسداد بدلاً من معالجته أو التخفيف من حدته على أدنى تقدير، وبهذا السياق يقول السياسي العراقي عزت الشابندر “إذا لم ينجح الإطار في عبور الاختبار فلن تقوم لأطرافه قيامة بعدها” يشاركه بتخوفه هذا العديد من المراقبين الشيعة، حتى بعضهم يرى بأنهم أمام آخر فرصة لثبات واستقرار واستمرار الحكم الشيعي، وأن القادم سيكون مجهولاً بل ومحملاً بما هو أسوأ من المتوقع.
 
أمام الإطار وقياداته فرصة واحدة لحسم ملف مرشحه لرئاسة الحكومة القادمة على نحو عاجل بعدما استنفذ مبررات ومسوغات التباطؤ والتأخير، وأن الفشل هذه المرة لن يفسر سوى بالتنازع والصراع من أجل المصالح الشخصية والحزبية على حساب المصالح العامة للبلاد. ترى من سيكون بإمكانه تحمل مسؤولية مثل هذا الفشل ومواجهة تبعاته وتداعياته؟! ذلك ما ستكشف عنه الأيام القليلة القادمة، لننتظر ونرى إذن.
 
 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار