الثقافية

مقولة (الدنيا مظاهر) !!!


___________
الكاتبة سرى العبيدي
سفيرة الجمال والطفولة والإبداع العالمي.

أن عملية البحث عن الرقي ومسايرة العصر ، لأن الرقي المعنوي لايظهر مباشرةً ، بل يحتاج إلى وقت وجهد وصبر ، أما الرقي المادي أو المظهري فيكفي أن تستبدل موديل سيارتك ، أو قصة شعرك ، أو موضة لباسك ، أو تحمل (الموبايل) النقال أو المحمول ، أو تضع جهاز كومبيوتر على طاولتك ، حتى تظهر مسايراً لعصرك ! ..
التجاوب مع مقولة ( الدنيا مظاهر ) فلأننا نعيشُ في هذه الحياة الدنيا فلا بد أن نكون مع الجٓوقة في لٍبس مايلبسون ، وركب ما يركبون ، وتقليد مايفعلون ، واقتناء مايقتنون حتى ولو كان ذلك مستهجناً أو ترفياً بالنسبة لنا .
هذا الاعتناء الزائد بالمظهر أوجد عدداً من المظاهر المستنكرة كالمبالغة والتكلف في التأنق والتزين والكماليات بما يُثقل كاهلٓ اللاهف وراء المظاهر وكاهل أهله ، ناهيك عن الانشغال بالأسماء والماركات والعناوين والتحذلق بالكماليات الأجنبية ، والتنافس المحموم في اللحاق بآخر صيحات الموضة لباساً أو أثاثاً أو مقتنيات ، كما جر إلى عدد من المخاطر السلوكية كالشعور بالفخر والتكبر والانتفاخ والتضخم ، والوقوع في براثن الكذب والادعاء ، والانصراف عما هو قيمي أو مسؤوليات وأعمال جليلة ، والابتلاء بمرض عدم القناعة ، والاستغراق في الذاتية والانانية ، والإنشداد إلى الدنيا وزبارجها وزخارفها ، واختلال التوازن وضعف الإيمان .
وتبين لنا أن دواعي الاعتناء بالمظهر هي للظهور بمستوى أرقى , فإلى أين يقود هذا التصور ؟
القراءة الميدانية تقول إنه يقود إلى الافتضاح السريع ، فحبلُ الكذب قصير ، وما خُدعنا به لوقت لن يخدعنا طوال الوقت ، خاصة بعد أن يفشل أصحاب المظاهر في تقديم مايُثبت أن وراء الشكل الباهر مضمونا باهراً .
فضلا عن المشقة التي لاتفضي إلى نتائج مثمرة ، فاللحاق بالمظاهر غاية لا تُدركٓ لأنها سريعة التبدل والإنقلاب ، ولأنه لهاث وراء سراب ، ومنذُ أن خلق اللهُ السرابٓ وهو لم يوفق اي السراب في إطفاء ظمأ إنسان واحد ، ولم يسقٍ عطشاناً ولو شُربة من ماء ! ..
وهو إلى هذا وذاك مُكٍلف ومرُهق ومؤذٍ نفسياً ومالياً ، ولايحقق المرجو من الشعور بالرضا ، ولاسيما إذا وقفٓ المعتني بمظهره عناية مُفرطة ليحاسب نفسه بواقعية ، وهو أنه وإن خدعٓ الناس أو بعض الناس بمظهره لكنه لن يستطيع أن يخدع نفسه ف( الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره) …
لذلك تبقى معايير التفاضل الحقيقية من ( علم ) و ( عمل) و( تقوى) و ( خٍبرة) و ( تجربة ) و( تجديد) و( عطاء ) و ( عقل) و( حكمة) و ( شعور بالمسؤولية ) و ( صدق) و( توازن) و( أداء أمانة) و ( خُلق حٓسن) فهي ببعضها أو بمجموعها تُشكل المضمون الداخلي للإنسان ، وهي جوهرهُ الذي لايُضاهى بثمن ، ولايخضع لحسابات البورصة وتذبذباتها ، مهما كان الإدعاء أن غيرها أفضل منها ، فالزعم لايغير من حقيقة الحقيقة ولاجوهرها شيئا .

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى