مقالات

مقومات رجل الشرطة ومهاراته .

العميد الحقوقي ثامر عبد الكريم الحمداني

مقومات رجل الشرطة ومهاراته ..

العميد الحقوقي:
ثامر عبد الكريم الحمداني

ينبغي علينا أولاً أن نؤكد بأن قيم مهنة الشرطة هي جماع لفضائل المهن الأخرى.. لان الإطار القيمي لرجل الأمن هو أهم وأشمل من الأطر القيمية للمهن بل قد تكون في محصلتها هي الإطار القيمي للمجتمع ككل.
إن رجل الشرطة يجب أن يتحلى بجملة من المبادئ الأخلاقية والقيم التي تساعده على أداء عمله وتشعر الآخرين بأهميته وترفع من مكانته وتكسبه الإحترام المطلوب له ولمهنته ، ليكرس وقته كله لخدمة الجنس البشري عامة وبؤدي مهام وظيفته بكفاءة عالية ليقوم على حماية الأبرياء من الظلم والضعفاء من القهر والمسالمين من الفوضى والإرهاب. يقدس حق الجميع في الحرية والعدل والمساواة وفق ما يكفله لهم الدستور وتقره القوانين ولتكون حياته مثالاً لكل من ينظر إليه. يتسم بالصلابة في كل المواقف ولا ينهار ولا تستفزه الكلمات الجارحة. دائم الإحساس بمشاعر ثقة الجميع .. ويتمسك بالفضائل وتأبى نفسه عن المزالق والشبهات ـ يحافظ على أسرار عمله بما يتطلبه من أمانة وإخلاص.
كما إن على رجل الأمن أن يكون شجاعاً دون تهور عند الخطر، صلباً أمام النقد المغرض أو الهزؤ اللثيم ، عفيفاً عن الصغائر، دائم الإحساس بمشاعر الخير نحو الناس ، أميناً في الفكر والعمل ، مطيعاً كأخلص ما تكون الطاعة لقلنون الوطن. كما يجب أن يكون حافظاً أبداً للسر في كل ما يرى أو يسمع أو يكلف به، إلا إذا كان الكشف من مقتضيات الواجب المهني. وأن لا يسمح لنفسه بالإنسياق في مجاملة الآخر بدون حق أو التأثر بمشاعره الخاصة دون حياد ، أو إتخاذ حكم فج أو الجري وراء صداقة أو حب أو حقد.
ويسير على هداه خدمة للمواطنين .. حيث تم وصف الشرطي بأنه ثابت الجنان ، عفيف اليد ، طاهر اللسان ، مهيب الخطى ، طليق الوجه أبي التواضع سمح الكبرياء ،ثاقب النظر ، فارط الحذر يزهو بالخطو المهيب ، والزي البهيج ، سباق لنصرة المظلوم ، مرابض في حرقة النهار لا يليين ، صامد في صقيع الليل لا يستكين ، يراعي الله في ما شاء وقصد ، السلطة بين يديه أمانة ، لا يرهقها بباطل العلم في يمناه ضوء ساطع ، العدل في يسراه سيف قاطع .
وتصلح هذه الصيغة في ناظري الأخذ بها دوماً وأبداً .. لأنها جاءت مرتكزة على قيم الحق والعدل .. النابغة من الدين الحنيف ومن إرث حضاري .. وثقافي واجتماعي .. متمثلاً في العروبة ومآثرها ومفاخرها .. بالإضافة لمطالبتها بإتباع سنن الحق والعدل.
ولأن وظيفة الشرطة لا تختلف أهدافها ومبادئها في كل أرجاء العالم .. بحسبان أنها صمام الأمان الذي يوفر للمجتمعات الأمن والطمأنينة .. فأنه لابد من الإشارة أيضاً لما جاء في دستور وأخلاق الشرطة الذي صاغة الإتحاد الدولي لمديري الشرطة عام 1957م.
والذي بلور بصفة خاصة واجبات الضباط .. ولكنه يصلح لتعميمه لكل أفراد الشرطة خاصة إذا وضعنا في الإعتبار أن قانون الشرطة يطلق لفظ الشرطي على أفراد الشرطة ضباطاً ورتباً أخرى.
إن الوصول لرجل الشرطة الذي يحمل الصفات المطلوبة بالقدر الكافي يرتبط إرتباطاً مباشراً ووثيقاً مع حسن الإختيار. إذ لابد أن يكون الإختيار عبر قنوات دقيقة وسليمة. ولا يكتفي في هذا الجانب بالمؤهل الأكاديمي فحسب .. بل لابد من توفر لياقة بدنية وطبية تؤكد صلاحية الفرد لأداء واجبه ومهامه الجسام .. ومقدرته على تحملها. ولابد من إخضاع المقدرات العقلية والخصائص النفسية أيضاً للإختبار. ويعقب ذلك تدريب تخصصي يكون مع الإختيار الحسن عاملاً هاماً في حسن الأداء .. والكفاءة.
مهارات رجل الشرطة:
تعتمد المهارات الأمنية في وجودها على عنصرين من العناصر وهما كما يلي:
أولا: العناصر ذات الطبيعة الموضوعية: والتي تتمثل في مجموعة المعارف المتحصلة من الدراسات التي يتلقاها رجل الأمن طيلة حياته الأمنية بمستوياتها المختلفة منذ بدء تخرجه وحتى آخر لحظة في مسيرة تلك الحياة، وتلك الدراسات التي تتسع لتشمل مجموعة العلوم الشرعية والقانونية بالإضافة إلى مجموعة العلوم الأمنية والشرطية، وكذلك مجموعة العلوم العسكرية
ثانياً: العناصر ذات الطبيعة الشخصية والذاتية: التي يتحصل عليها رجل الشرطة من تجربة ممارساته اليومية والكفيلة بإضافة رصيد آخر من المعارف الخبراتية إلى حجم معرفته الأمنية، تلك المعارف التي تتراكم لدى رجل الأمن نتيجة مرئياته الخاصة، وتحليلاته الذاتية وممارساته الأمنية ومحاولاته الشخصية لرصد كل ما فيها من إيجابيات يسعى لتعميقها والاستفادة منها، وكذلك لتسجيل كل ما قد تتضمنه من سلبيات يحرص على حسرها والحيلولة دون تكرارها لاستبعادها من مجال تجاربه المستقبلية
ويمكن القول بأن تلك الطبيعة المزدوجة لمكونات المهارات الأمنية هي التي تجعل منها في النهاية أهم عناصر التمييز للأداء الأمني لدى رجل الأمن وذلك بسبب صبغها لها بالعلمية والفنية في آن واحد، وتظهر أهمية هذه المهارات في الدور الهام الذي تلعبه لسد ذلك الفراغ القائم في مجال التأليف الشرطي والذي أصبح يتجسد في ذلك النقص الذي تعاني منه المكتبة الأمنية والشرطية، سواء على الصعيد المحلي أو على المستويين الإقليمي والدولي .

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار