السياسية

اسباب واهداف الانسداد السياسي !؟

بقلم✍️ عمر الناصر/ كاتب وباحث سياسي :

الاسباب ..

تنقسم اسباب الانسداد السياسي الى قسمين،الاولى محلية بدأت ملامحها تلوح بالافق منذ ان بدأ البيت العراقي بالانشطار عام ٢٠٠٥ الى بيوتات طائفية وقومية وعرقية ، غرست انذاك بذور مفهوم المكونات ووظفت بعض بنود الدستور لتلوين سياسة الانتقائية المستهلكة، انتهت باختلاق تسميات وعناوين منمقة تتناغم مع المزاج الحزبي والمناطقي اكثر من انصهارها واندماجها مع لون المواطنة مثل التوافق ،والوحدة الوطنية، وبدعة الشراكة السياسية، واللون الاخير الذي ربما سنذهب اليه في الايام القادمة وهو الاغلبية التوافقية، التي ستوسع الخلافات السنية السنية والشيعية الشيعية ، وستؤدي بدورها الى ازدياد الفجوة والهوة بين الشارع والطبقة السياسية القابضة على السلطة، في ظل تشقق وعدم وجود ثقة ولو كانت نسبية ما بين الشركاء والفرقاء ، يؤكد ذلك تلك المفارقات الغريبة التي حدثت وميزت الانتخابات الاخيرة عن سابقاتها عندما تحوّل الوضع من انعدام الثقة بين اربيل وبغداد الى داخل البيت الكوردي نفسه ، فأصبح الحزبين الحاكمين يبحثان عن حلول على الرغم من جديتهم في تقديم الضمانات والعهود التي كانت قد طرحت في الماضي، ناهيك عن مواثيق الشرف التي تم التوقيع عليها سابقاً في بغداد اثر وصول جميع الاطراف الى نقطة عدم الايمان حتى بالتحالفات الاضطرارية التي كانوا قد لجئوا اليها في مراحل سابقة ، بالاضافة الى عدم ثقة الاقليم بالمركز خصوصاً بتقرير مصير بعض القضايا العالقة والتي كان من المفترض لها ان يكون تطبيقها له عمر افتراضي ، كتطبيق المادة ١٤٠ وموقف بغداد من قانون النفط والغاز بالاضافة الى الميزانية وواردات المنافذ الحدودية، في وقت لازال الاقليم يبحث عن مكتسبات جديدة يعتبرها من وجهة نظره انها مشروعة من خلال تثبيت دعائم ركائزه عن طريق احدى اقدامه في حكومة الاقليم والاخرى في الحكومة المركزية، يرجع ذلك لعدم قناعته وايمانه المطلق بفكرة بقاءه داخل البيت العراقي الاتحادي على المدى الطويل.

واسباب اخرى ترتبط بعوامل دولية واقليمية تتمثل بنظرة اميركا واسرائيل وبقية الدول والاقطاب المتصارعة على جعل العراق ومنطقة الشرق الاوسط ساحة لتصفية الحسابات من خلال جعله بلداً موحداً لكن ضعيف ، وان تكون هذه البقعة من الكوكب عبارة عن مكب لرمي النفايات السياسية الناتجة عن احتدام صراع الفيلة ، والتي تلعب تارة بورقة حلم الاستقلال الكوردي لمغازلة شعب الاقليم التي تعلم سلفاً استحالة اخذ الضوء الاخضر من “الرجل المريض” انقرة لتحقيق مثل هذا الطموح ، لان بقائهم ضمن البيت العراقي ماهو الا من باب مجبراً اخاك لا بطل ، وربما ان خيار الشراكة السياسية هو نزولاً لرغبة الشركاء في بغداد او بضغط من الولايات المتحدة وبقية الدول المحيطة، على اعتبار ان نضوج فكرة الانفصال سيؤدي قطعاً الى اغلاق الصنبور من قبل انقرة كما ذكر اردوغان عن دولة كوردستان الكبرى اذا ما تحقق ذلك الاستقلال .

وتارة اخرى تلعب بالورقة الاقتصادية والجيوسياسية من اجل ان تبقى السيادة العراقية رهينة التدخلات الخارجية التي تحاول التوغل بعمق الاقتصاد العراقي وبقاءه تحت الهيمنة الاستعمارية، في محاولة لبعض الدول اخذ الوصاية وعنوان “شرطي المنطقة” بدلاً من دول اخرى لديها قوة نفوذ واضح مثل ايران التي اجبرت الولايات المتحدة ودول ٤+١ على الخضوع وتحقيق الكثير من المكتسبات واجبارهم على الذهاب الى التنازلات.

بعض الاراء تقول بأن الطبقة السياسية التي جاءت بعد عام ٢٠٠٣ لم توفق في احداث اي تغيير حقيقي وملموس اذا اخذنا فقط جزئية تغيير نظرة الكره الموجودة تجاه الاحتلال ومخلفاته، وربما يقول البعض بأن الخروج من حضيرة العم سام كان هو من اهم الأسباب التي ادت الى اعادة تفكير الاخير بضرورة تغيير وقلب قواعد العملية السياسية وفق اسس ومتبنيات ومعايير جديدة، تقوم بدراستها وتقديمها مراكز الابحاث هناك، التي تؤمن ايماناً قطعياً بأن العمر الافتراضي للاداء السياسي ينقسم الى ثلاث خطط خمسية قريبة ومتوسطة وبعيدة المدى على ثلاث مراحل لمدة ١٥ عام .

الاهداف …

لن ابالغ اذا ما اردت القول ربما يكون الهدف الاساس من ازمة الانسداد السياسي هو خارجي لغرض اطالة امد الازمة ومحاولة لخلق صراع “شيعي-شيعي” لن يكون الخاسر فيه سوى ابناء الوطن، ولربما لاجل الوصول لساعة الصفر للبدء بدفع تظاهرات جديدة في محاولة لتجييرها سياسياً على غرار ماشاهدناه في تظاهرات تشرين عام ٢٠١٩ قبل وصولنا الى نفق الفوضى الخلاقة التي تسعى بعض الاطراف المحلية والاقليمية والدولية ايصال العراق اليه، لان اعادة رسم خارطة توازن القوى في العالم بدأت تأخذ منحاً جديد منذ بداية زمن كوفيد ١٩ ومروراً بالازمة الروسية الاوكرانية وانتهاءاً بسيناريو اشغال المنطقة بأزمات اقتصادية ونزاعات داخلية تتدخل بها سيناريوهات الجفاف والتصحر وازمة المناخ كورقة ضغط جديدة على بعض الاطراف من اجل الاذعان للقرارات والاملاءات الدولية .

انتهى..

خارج النص/ اذهبوا لخلق مراكز فكر استراتيجية نوعية حكومية على غرار معهد بروكينغز وكارنيغي تعالج التصحر الفكري الموجود لدى بعض العقول.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار