الاقتصاديةتقارير وتحقيقات

تقرير: انخفاض المستوى المعاشي لمواطني كردستان بسبب تأخر رواتب الموظفين

18 مايو 2022
“في الأيام التي تشهد ارتفاع أسعار النفط نكون في حالة مرفهة اقتصاديا، وعند انخفاضه كما حدث في عامي 2014 و2020 نتحول إلى فقراء”، هكذا يصف التاجر عبد القادر زيباري، الذي يسكن في قضاء عقره بمحافظة دهوك بإقليم كردستان العراق، الوضع المعيشي لمواطني الإقليم.
  
ويقول زيباري إن ارتفاع معدلات التضخم والتعثر الحكومي في تسديد رواتب موظفي القطاع العام أسهما في تدهور الوضع المعيشي للكرد بعد نفاد جميع مدخراتهم النقدية، مما اضطرهم للاستعانة بأسواق البالة لشراء المواد الكهربائية والملابس وغيرها من مستلزمات المعيشة المستعملة.
 
أسباب التضخم
ووفق المنظور الاقتصادي، فإن التضخم ينتج عن كثرة الطلب وقلة العرض، وعليه يرتفع أو ينخفض في الإقليم بعدة عوامل يحددها الأكاديمي الاقتصادي الدكتور فرهاد كاكائي.
 
ويرى كاكائي أن العامل الأول لارتفاع التضخم في إقليم كردستان يعود إلى الأزمة الروسية الأوكرانية التي ساهمت في زيادة أسعار المواد الغذائية وغيرها عالميا بسبب قلة العرض وزيادة الطلب عليها، أما العامل الثاني فهو تخفيض سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار الأميركي من 1180 إلى 1450 دينارا لكل دولار واحد عام 2020، مما انعكس مباشرة على الوضع الاقتصادي للإقليم.
 
ويتوقع كاكائي انخفاض مستوى التضخم خلال الأشهر الستة المقبلة في كردستان العراق نتيجة زيادة العرض وتقليل الطلب جراء السياسة التي تتبعها حكومتا أربيل وبغداد خصوصا بعد البيانات الأخيرة بتأمين المواد الغذائية والأخرى الضرورية في المخازن الحكومية.
 
وقد بلغ معدل التغيير السنوي للتضخم في محافظات الإقليم لسنة 2021 نحو 7.5%، وفق آخر مسوحات هيئة إحصاء إقليم كردستان.
 
الرواتب المتأخرة
ويبلغ عدد سكان كردستان نحو 6 ملايين و33 ألف نسمة، منهم 1.2 مليون موظف حكومي، ويحتاج الإقليم إلى 895 مليار دينار (614 مليون دولار) شهريًا لتوزيع الرواتب، أي نحو 10 تريليونات و740 مليار دينار (7 مليارات و368 مليون دولار) سنويا.
 
ويعاني الموظف في القطاع العام ريدار محمد من ظروف معيشية صعبة نتيجة تأخر تسلم راتبه الشهري، إذ يقول إنه يتقاضى راتبا واحدا كل 50 يوما أو أكثر.
 
وأضاف محمد أنه منذ بداية عام 2022 ولغاية شهر مايو/أيار الحالي استلم الموظفون 3 رواتب في أربيل ودهوك، في حين استلم موظفو محافظات السليمانية وحلبجة وكيرميان راتبين فقط من أصل 5.
 
ويلقي ريدار باللوم على حكومة أربيل التي تفتقر لخطة ناجحة لتوفير الرواتب، إضافة إلى ذلك الخلاف السياسي مع بغداد.
 
ويمتلك إقليم كردستان العراق 3 مصادر للإيرادات العامة: حصته من الموازنة العامة الاتحادية، وعائدات بيع النفط، والعوائد غير النفطية من الضرائب والرسومات ورسوم الجمارك.
 
ويقول المستشار الاقتصادي لرئاسة برلمان كردستان الدكتور أرشد طه إن الإقليم لم يستلم حصته من موازنة العراق الاتحادية البالغة 12.5% بشكل منتظم منذ عام 2014 الذي تزامن مع انخفاض أسعار النفط العالمية، في حين أدت الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية إلى نزوح أكثر من مليوني عراقي نحو الإقليم، مما تسبب في تراكم الالتزامات المالية بخصوص رواتب الموظفين ومستحقات شركات النفط والمقاولين.
 
ويربط طه انتشار جائحة كورونا بعسر توفير الرواتب كون الجائحة أدت لانخفاض أسعار النفط لمستويات غير مسبوقة وتصفير العائدات العامة، مما رفع سقف الالتزامات المالية والقروض إلى 30 مليار دولار.
 
وكشف طه عن عجز مالي شهري لدى الإقليم يبلغ 25 مليون دولار كون جميع عقود كردستان النفطية مشاركة، أي لم تستثمر في الصناعة النفطية، الأمر الذي أدى لذهاب أكثر من نصف عوائد النفط للشركات المستثمرة في حقول الإقليم.
 
واتفقت حكومة أربيل العام الماضي مع الحكومة العراقية على إرسال سلف شهرية مقدارها 200 مليار دينار، استلمها في آخر 6 أشهر من السنة الماضية، إلا أنه لم يستلم سوى سلفة واحدة خلال الأشهر الخمسة من السنة الحالية، مما اضطر أربيل لتعويض الرواتب بعائدات النفط المتزايدة خلال الأشهر الأخيرة.
 
السيطرة العائلية
من جهته يرى النائب الكردي السابق غالب محمد علي أن “سوء توزيع واردات النفط والسيطرة العائلية والحزبية من أسباب أزمة الرواتب”، ويقول إن الإقليم يعتمد بنسبة 85-90% على واردات النفط، إذ ينتج يوميا 500 ألف برميل تشكل إيراداتها مليارا و200 مليون دولار شهريا حسب الأسعار الحالية، في وقت يبلغ فيه مجموع الرواتب نحو 600 مليون دولار.
 
 
ويتهم علي الأحزاب النافذة الحاكمة في الإقليم بالاستحواذ على 60% من تلك الإيرادات البالغة 14 مليارا و400 مليون دولار سنويا، مما يسبب أزمة رواتب مستمرة مؤثرة على اقتصاد كردستان وموظفيه.
ويشير الخبير الاقتصادي إدريس رمضان إلى انتقال قسم كبير من موظفي القطاع العام في الإقليم إلى القطاع الخاص الذي يعاني بدوره من مشاكل كثيرة، وقال إن “القطاع الخاص لا يستوعب الأعداد الكبيرة من الموظفين، إضافة إلى أنه لا يملك مؤهلات تلبي رغبات العاملين، منها التأمين الصحي والضمان الاجتماعي”.
 
وخلص رمضان إلى أن القطاع الخاص في كردستان يعرقل عملية التنمية في الإقليم نتيجة عدم وجود قانون يضمن حقوق العاملين فيه.
 
“الجزيرة”

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار