مقالات

اصول الدولة الحضارية الحديثة عند الصدر (٣)

محمد عبد الجبار الشبوط

يشكّل الاقتصاد العمود الفقري في حياة الدولة لانه المحور الدي تقوم عليه علاقة الانسان بالطبيعة. وهذه العلاقة هي احد ركائز المجتمع المؤلف من الانسان والطبيعة والعلاقة بين الانسان والانسان من جهة، والعلاقة بين الانسان والطبيعة من جهة ثانية. ولهذا السبب اولى الشهيد محمد باقر الصدر الاقتصاد اهتماما كبيرا في اعماله الفكرية كان صدور كتاب “اقتصادنا” احدى تجلياته الملموسة.

الاصل التاسع: مفهوم المذهب الاقتصادي وموقع العدالة في بنائه
وفي هذا السياق قدّم الصدر مفهوم المذهب الاقتصادي الذي عرّفه بانه “عبارة عن ايجاد طريقة لتنظيم الحياة الاقتصادية تتفق مع وجهة نظر معينة عن العدالة” و “لاسعاد البشرية”. والعدالة كما شرحها الصدر تحتوي على جانبين هما: التكافل العام والتوازن الاجتماعي.
والعدالة من الاهداف الاساسية للدولة الحضارية الحديثة.

الاصل العاشر: دور الدولة في الحياة الاقتصادية
كتب السيد الصدر كتاب “اقتصادنا” في ذروة الحرب الباردة بين النظام الاشتراكي الذي يضع الحياة الاقتصادية كلها في عهدة الدولة، والنظام الرأسمالي الذي يرتكز على الملكية الخاصة واقتصاد السوق. واستطاع بالاستناد الى الفقه الاسلامي ان يكتشف طريقا وسطا بين هذا وذاك فيما يتعلق بدور الدولة وتوصل الى ان المذهب الاقتصادي الاسلامي يعترف في ان واحد بالاشكال المتعددة للملكية، بما فيها الملكية الخاصة، والحرية الاقتصادية في اطار القانون، وبدور الدولة في الحياة الاقتصادية ومسؤوليتها عن تحقيق العدالة والتنمية. وهذا ما توصلت اليه الدول الرأسمالية، خاصة بعد انهيار الانظمة الشيوعية، واختطت طريقا ثالثا، اقرب الى فكر الصدر، يجمع بين هذا وهذا، كما هو الحال الان في دول رأسمالية كثيرة مثل السويد والدانمارك والنرويج وهولندا وبريطانيا وغيرها.

الاصل الحادي عشر: الاخلاق الاقتصادية
تحدث الصدر عن الجانب الاخلاقي في الاقتصاد. وهذا امر مهم من شأنه ان يحرر الحياة الاقتصادية للمجتمع من الاحتكار والجشع والارباح الفاحشة والتمايز الطبقي والفقر. لا يتحرك الاقتصاد عن الصدر خارج اطار الخير والعدالة. وهذا اصل تسعى الدولة الحضارية الحديثة الى تحقيقه.

الاصل الثاني عشر: مفهوم السياسة الاقتصادية والتخطيط الاقتصادي

يشكل العلم العنصر الرابع في المركب الحضاري. وندرك الان اهمية العلم في بناء الدولة والتنمية الاقتصادية ومجمل السلوك الانساني. وقد بين الصدر اهمية التخطيط العلمي في وضع السياسة الاقتصادية للدولة، وبين ان السياسة الاقتصادية ليست جزءا من المذهب الاقتصادي الاسلامي، حيث ترك الاسلام للدولة ان تدرس الشروط الموضوعية للحياة الاقتصادية وتضع في ضوء ذلك السياسة الاقتصادية المحققة لزيادة الانتاج وتنمية الثروة. وهذا امر يتولاه العلم الحديث في الدولة الحضارية الحديثة.

الاصل الثالث عشر: مفهوم في سبيل الله
عبارة “في سبيل الله” تركيب لغوي استحدثه القران الكريم. ومن اجل توظيف هذا التركيب توظيفا حضاريا اقترح الصدر تعريفا مبتكرا له بقوله:” … سبيل الله هو التعبير التجريدي عن السبيل لخدمة الانسان ؛ لأن كل عمل من اجل الله فإنما هو من أجل عباد الله ؛ لأن الله هو الغني عن عباده ، ولمّا كان الإله الحق فوق أي حدٍّ وتخصيصٍ لا قرابة له لفئة ولا تحيز له إلى جهةٍ ، كان سبيله دائماً يعادل من الوجهة العملية سبيل الإنسانية جمعاء ، فالعمل في سبيل الله ومن أجل الله هو العمل من أجل الناس ولخير الناس جميعاً … ”
الاصل الرابع عشر: مفهوم العمل الصالح
العمل هو العنصر الرابع في المركب الحضاري، وعنه قال الصدر: “ان الاسلام يقيس قيمة الاعمال بالدوافع والمقدمات والاطارات الفكرية العامة التي تختمر بذرة العمل ضمن نطاقها.فالاطار الفكري العام الذي يقرره الاسلام هو: الايمان بالله واليوم الاخر، والدوافع هي: العواطف والميول الخيرة التي تنسجم مع هذا الاطار العام، وتندمج معه في وحدة روحية بتكون منها الانسان المسلم. والعمل الصالح هو: العمل الذي ينبثق عن هذه العواطف والميول ضمن الاطار العام”.
تم

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار