المحلية

الشيء الوحيد الجميل في مطار بغداد الدولي

هادي جلو مرعي..
على مسافة هائلة من العاصمة تغيب مدن عن ذاكرة الناس، ولكنك تصاب بدهشة بالغة حين تمر بها صدفة لتكتشف إنها تضاهي العاصمة في جمالها، وسعة شوارعها وأسواقها ومعالمهما وتراثها، والآثار القديمة التي تحكي تاريخها الحافل بالحوادث والقضايا والمآثر البديعة، فتعود لتقارن بين ذلك البعيد الذي يضاهي القريب، وبين بلدك الذي يملك ثروات هائلة، وموارد لامثيل لها في بقية العالم، لكنه يفتقد لقادة بضمير، ويحملون روح المسؤولية ليرفعوا من شأنه، ويكونوا جزءا من ديمومته، ويوفروا لشعبه مايستحق.
في بغداد مطار واحد يستقبل الوافدين الى هذه المدينة التي فقدت هويتها، وسر وجودها التاريخي، وصارت مثل طفل يحبو ليلحق بالكبار، والطريف إن المكان الوحيد الذي يستهويني في هذا المطار هو (الحمام) وحين آكون وصلت من رحلة بعيدة، وحالما أتخلص من ورطة ختم الجواز اسرع بإتجاه الحمام الصغير الذي يقع الى يسار الداخل نحو صالة الواصلين، والى جنبه محل لبيع العطور، وسرعان ماأتوجه الى مكان تسلم حقائب السفر، ومنه الى الخارج.
قلت لصديقي الذي يرافقني للمرة الأولى، لماذا لايتم إنشاء مطار آخر في شرق بغداد، أو في صحراء النهروان الممتدة، أو قرب مجمع بسماية السكني ليكون متنفسا آخر، وليوفر لأبناء محافظات ومدن وقرى عديدة فرصة الوصول إليه بسرعة، ليسافروا من هناك؟
قلت له، إن الشيء الوحيد الذي يعجبني في مطار بغداد هو الأمن الذي نشعر به حين المغادرة منه، والوصول إليه دون أن نكترث لقضايا الأمن بجهود تستحق التقدير، ولأني أجهل الإجراءات الإدارية التي تؤمن حماية مستمرة للمطار.
سمعت اليوم إن الشركة التي تقوم بعملية توفير الحماية الأمنية لمطار بغداد الدولي مع التحفظ على كلمة دولي، والتي جرى التمديد للعقد الموقع معها، والتي نجحت في توفير ضمانات الأمن خلال سنوات قد يتم إستبدالها مع إنها تؤدي مهامها بشكل ممتاز، ولأسباب لايعلمها إلا من يعمل بقوة على فتح باب التعاقد مع شركات أخرى غير معروفة، وغير مضمونة الأداء وربما ستعرض أمن المطار الى الخطر، مع عدم توفر التخصيصات المالية اللازمة، وكما هو معروف فإن المطار يعد أهم مرفق في البلاد لجهة التعامل مع الخارج، ولابد من التعاطي مع الظروف المحيطة به، وعلى المستويات كافة لتجنب أي إنهيار أمني ينعكس سلبا على واقع النظرة العالمية للداخل العراقي الذي يعاني من الهشاشة أصلا، ومن المهم تجنيب المطار والمرافق الجوية أي اضرار قد تتسبب بها قرارات وإجراءات غير موضوعية، وغير مواتية في ظروف إنتقال صعبة يحتاج العراق فيها أن يكون هادئا لتتعزز ثقة الخارج به، وليكون مطار بغداد محطة لإستقبال الشركات الأجنبية والمسؤولين والخبرات الدولية للقيام بحملة إعمار ونهضة وطنية ننتظرها مع إنهيار دول من حولنا، وتشابك قريب، وبعيد عنا قد يتحول لصالحنا في حال إستثمار ذلك بطريقة نوعية وذكية ليكون العراق مختلفا.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار