العربي والدولي

لماذا لم يحسم الروس الحرب الأوكرانية سريعاً؟ 5 أخطاء جعلت دباباتهم عرضة لهجمات مباغتة

الكمائن التي تقع فيها الدبابات الروسية، وتعثر تقدم الجيش الروسي في أوكرانيا، قد يكون سببه بعض الإصلاحات التي أُدخلت على الجيش الروسي في السنوات الماضية.
 
  
كانت خطة روسيا الأولية تعتمد على التقدم الخاطف للاستيلاء على كييف وغيرها من المدن الكبرى، لكن نجاح أوكرانيا في التصدي للخطة الروسي يُعزى جزءٌ كبير منه إلى قدرة جيشها المستمرة على استهداف وتدمير المركبات، ما ألحق خسائر كبيرة بالقوات المهاجمة وتسبب في تعطيل القوافل المتقدمة.
 
إذ تتسلّح القوات الأوكرانية عادةً بقاذفات صواريخ محمولة يجري إطلاقها من الكتف، والتي زودتهم الدول الغربية بآلافٍ منها بعد بدء الهجوم، حيث يقسّمون أنفسهم إلى مجموعات صغيرة، ويستغلون تضاريس بلادهم والتكتيكات الروسية لصالحهم، ما ساعدهم في قيادة عملية مقاومةٍ فاجأت حتى أشد داعمي كييف في الغرب، حسبما ورد في تقرير لصحيفة Financial Times البريطانية.
 
وهناك خمسة أشياء تفسر تعثر تقدم الجيش الروسي في أوكرانيا وخسائر الدبابات الروسية تحديداً رغم فارق القوة الهائل بين الجيشين.
 
أسباب تعثر تقدم الجيش الروسي في أوكرانيا
1- مجموعات الكتائب التكتيكية الروسية تطوير جديد أدخل في عهد بوتين
تُعَدُّ مجموعة الكتيبة التكتيكية بمثابة وحدة القتال الأساسية في الجيش الروسي، باعتبارها نتاجاً لعملية الإصلاح الشاملة التي شهدتها القوات المسلحة الروسية وبلغت ذروتها في عام 2012. وتُشير التقديرات الأمريكية إلى نشر 100 مجموعة كتيبة تكتيكية في أوكرانيا من أصل 170 مجموعة تقريباً تمتلكها روسيا إجمالاً، وهي مجموعات مصممة لتكون سريعة التكيف مع امتلاكها مستويات عالية من القوة النيرانية.
 
وتتسلّح هذه القوات بالدبابات، ومدافع هاوتزر، والمدفعية، وأنظمة الدفاع الجوي. ويجري تصويرهم باعتبارهم جاهزين للعمليات في مختلف المسارح، مع القدرة على التحول من تشكيلات الهجوم السريعة إلى الهجمات بعيدة المدى، ودعم عمليات الوحدات الأخرى.
 
لكن اعتماد تلك المجموعات الكبير على المركبات -75 مركبة تقريباً في كل مجموعة- وقلة أعداد جنود المشاة التي لا تتجاوز الـ200، يجعلان من تلك المجموعات عرضةً للهجمات على أجنحتها ومؤخرتها تحديداً. ويحدث هذا الأمر على نحوٍ خاص حين تخوض حرباً وسط التضاريس، أو المدن إذ إنّ تكتيكات ومستوى قدرات الجيش الأوكراني يعنيان أن مجموعات الكتائب التكتيكية لا تقاتل ضد وحداتٍ مسلحة منشورة بالشكل نفسه.
 
المفارقة أنه قبل هذه الإصلاحات وفي العهد السوفييتي تحديداً كان الجيش الروسي مشهور بأعداد جنوده الضخمة، الأمر الذي كان يمكن أن يحل هذه المشكلة، ولكن أعداد الجيش الروسي تراجعت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، كما سعت موسكو لإعداد جيش أقل عدداً وأكثر رشاقة على غرار الجيوش الغربية الحديثة.
 
2- الهجوم تم إعداده على عجل، والجنود لم يستعدوا للغزو
كان الهجوم على أوكرانيا من تخطيط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقلة من مستشاريه، ولهذا جاء بمثابة صدمةٍ للعديد من الجنود الروس الذين جرى نشرهم على حدود البلاد “للتدريب”.
 
ويعني هذا أن المركبات التي أُمِرَت على عجلٍ باجتياز الحدود كانت في وضع صيانةٍ سيئ، مع إطارات وقطع غيار منخفضة الجودة، وفقاً للمسؤولين الاستخباراتيين والمحللين الدفاعيين الغربيين. ما جعل المناورات في الطرق الوعرة خطيرةً أو مستحيلة، وخير دليلٍ على ذلك هي صور الأعداد الكبيرة من المعدات الروسية المهجورة في الحقول الموحلة أو ذات الإطارات الممزقة ومحاور الدوران المكسورة.
 
3- الأوكرانيون يهاجمون من المزارع ويعطلون مقدمات طوابير المدرعات الروسية
علاوةً على أنّ خطة فلاديمير بوتين كانت تقضي بشن هجومٍ سريع للاستيلاء على المدن الرئيسية مثل كييف، وخاركيف، وماريبول، ما يعني ضرورة التحرك سريعاً عبر الطرق الكبرى والقتال من أجل السيطرة على مناطق كبرى، بدلاً من المدن الإقليمية والمناطق الريفية.
 
وقد توصل الجنود الأوكرانيون إلى استنتاجين: أولهما أنه مهما بلغ حجم طابور المدرعات؛ فلن يكون عرضه أكبر من الطريق، ولن يتحرك بأسرع من المركبات الموجودة في المقدمة. وثانيهما أن القوات المدافعة أدركت أنها تستطيع العمل بحريةٍ نسبية وسط الغابات، والحقول، والقرى بطول جانبي الطريق.
 
ومع قلة المشاة الروس المتواجدين لتغطية الأجنحة، أصبحت المركبات الروسية عرضةً للكمائن من فرق الجنود الأوكرانيين الصغيرة، التي تصطاد أهدافها من المخابئ قبل أن تختفي وتنسحب من المكان.
 
4- صواريخ جافلين تساعدهم
يكمن سر نجاح هذه الكمائن في الاستخدام واسع النطاق للصواريخ المحمولة على الكتف والمضادة للدبابات التي يحملها الجنود، مثل صواريخ جافلين أمريكية الصنع.
 
إذ جرى إرسال هذه الصواريخ إلى أوكرانيا قبل بدء الهجوم، من أجل السماح للجنود بالتدرب على أفضل طرق استخدامها على يد مدربين عسكريين غربيين، وبدأت الصواريخ تصل الآن بالآلاف من مختلف دول الناتو. وقال مسؤولون أوكرانيون وغربيون إن تلك الإمدادات تعد بمثابة العمود الفقري لمقاومة الهجوم.
 
حيث إن حجمها الصغير يُسهّل عملية نقلها بواسطة قوات المشاة سريعة الحركة، بينما تساعد منظومة التعقب في تلك الصواريخ على إطلاقها والابتعاد عن المكان، ما يُمكّن القوات من مغادرة موقع الهجوم قبل أن يصطدم الصاروخ بهدفه. كما أن الرأس الحربي المزدوج يُلحق ضرراً بالغاً بالدبابات الروسية المصفحة.
 
وقد أظهرت بعض مقاطع الفيديو جنوداً يستخدمون القذائف الصاروخية الدفع (آر بي جي)، وهي أخف وزناً لكنها أقل قوة وأصعب في التصويب. بالإضافة إلى بعض من استخدموا الأسلحة الخفيفة المضادة للدبابات من الجيل المقبل لتحقيق الغرض ذاته.
 
5- صواريخ أرض جو تمنع الروس من استخدام الطائرات بكثافة
يتفق مسؤولو الاستخبارات الغربية بشكلٍ كبير على أن أكثر الأخطاء العسكرية المكلفة التي ارتكبتها روسيا هي فشلها في تدمير القوات الجوية وأنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية، وذلك أثناء إطلاقها الوابل الأولي من الصواريخ الجوالة الموجهة بدقة خلال الساعات الأولى من الهجوم.
 
وكان هذا الفشل يعني أن روسيا لن تحظى بالتفوّق الجوي في السماء التي تعلو أرض المعركة، وهي الوضعية التي استغلتها لصالحها بشكلٍ مدمر في سورياً مثلاً.
 
حيث نجح الجنود الأوكرانيين في استخدام صواريخ أرض-جو المحمولة بالكتف (مثل ستينغر) للهجوم بنجاح على المروحيات والمقاتلات الروسية منخفضة التحليق، التي كانت توفر الدعم للقوات البرية، ما زاد تحفّظ موسكو في نشر الكثير من قواتها الجوية بطول خطوط التقدم. وقلّل هذا بالتبعية من قدرات المراقبة وإمكانات الهجوم للجيش المهاجم.
 
يُذكر أن روسيا خسرت 28 مقاتلة ومروحية في الهجوم حتى الآن على الأقل، مقابل 10 فقط خسرتها القوات الجوية الأوكرانية وفقاً لمدونة Oryx، التي تستخدم الصور مفتوحة المصدر لجمع بياناتها.
 
 
“عربي بوست”

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار