العربي والدولي

صحيفة بريطانية: دول الخليج قد تكون هي الرابح الأكبر من الاجتياح الروسي لأوكرانيا

سلط تقرير لصحيفة “الإندبندنت” الضوء على  احتمال استفادة دول الخليج من التطورات الأخيرة على الساحة الأوكرانية لجهة تصدير النفط.
 
  
ويرى التقرير أنه في حال شملت العقوبات التي فرضها زعماء العالم على روسيا بعد غزوها أوكرانيا، قطاع الطاقة، فإن ذلك قد يعود بالفائدة على دول الخليج.
 
وكانت ألمانيا قد اتخذت حتى الآن الخطوة الأبرز، حيث أوقفت التصديق على مشروع خط أنابيب الغاز “نورد ستريم 2” بقيمة 11 مليار دولار من روسيا، “كان من المقرر أن يخفف الضغط على المستهلكين الأوروبيين الذين يواجهون أسعارا عالية قياسية”، بحسب التقرير.
 

وأشارت كاتبة التقرير بل ترو  إلى أن “الدول الأخرى كانت مترددة، كي لا تكون العقوبات على قطاع الطاقة في روسيا، ثاني أكبر منتج للنفط في العالم، وبلد مسؤول عن 40 في المئة من واردات أوروبا من الغاز الطبيعي، أو حتى قيام روسيا نفسها بإغلاق الحنفيات سلاحا مزدوجا”.
 
وقالت “قد يكون لذلك تأثير مدمر على الاقتصاد العالمي في وقت تكون فيه الأسعار عند أعلى مستوياتها منذ عدة سنوات”.
 
وأضافت أن ذلك “سيعني على الأرجح اعتماد العالم على الدول الأخرى المنتجة للنفط والغاز لضخ المزيد من الإمدادات للمساعدة في الحفاظ على انخفاض الأسعار أو، في أسوأ السيناريوهات، لسد النقص الفوري إذا أوقفت روسيا الإمدادات”.
 
واعتبرت الكاتبة أن “هذا هو المكان الذي يمكن أن تستغل فيه دول الخليج أزمة أوكرانيا لصالحها، وربما تصبح واحدة من الفائزين الكبار في هذه الحرب”.
 
وذكّرت ترو بإرسال واشنطن منسق البيت الأبيض للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بريت ماكغورك إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ، لمناقشة قدرة الخليج على ضخ المزيد من النفط، بين ملفات أخرى.
 
وقد رفضت الرياض ذلك وبدلاً منه التزمت باتفاق إنتاج “أوبك +” لمدة خمس سنوات والذي يشمل روسيا، ما أثار اتهامات في وسائل الإعلام الأمريكية بأنها “تتواطأ” مع موسكو.
 
هنا أوضحت الكاتبة أن السعودية “يمكن أن تستفيد من هذه الحاجة في المستقبل”.
 
وأشارت إلى أن المملكة “رضخت لطلبات الولايات المتحدة في الماضي: في عام 2018، استجابت السعودية لدعوة دونالد ترامب لزيادة إنتاج النفط لتعزيز استقرار السوق، ثم لاحقا لخفض الإنتاج”.
 
وقال التقرير إن “ما يمكن أن يقلب هذا رأساً على عقب هو قلق واشنطن بشأن أسعار النفط واحتمال وقف روسيا الإمدادات، على الرغم من أن الكرملين أوضح أنه لا يريد القيام بذلك”.
 
ونقل التقرير عن أندرياس كريغ، المتخصص الأمني في كينغز كوليدج لندن قوله: “يفهم بايدن أن السياسة الواقعية تفرض عليه العمل مع السعودية”.
 
وأضاف كريغ “يمكن للسعوديين أن يطلبوا نوعا من حزمة الصواريخ الشاملة التي يحتاجون إليها لإعادة التخزين أو الحصول على المزيد من الضوء الأخضر في ما يتعلق باليمن. وسيكون من الحماقة ألا يفعلوا ذلك عندما يكونون في مقعد القيادة”.
 
من جهة أخرى، أشار التقرير إلى أن إيران التي باتت في المراحل الأخيرة من المفاوضات الشرسة مع الولايات المتحدة للعودة إلى الاتفاق النووي الجديد، “تريد القدرة على بيع نفطها دون عوائق والعودة إلى مستوى 2.5 مليون برميل يوميا التي صدرتها قبل عقوبات ترامب”.
 
وقد تضاءلت صادرات الخام الإيرانية إلى 700 ألف برميل يوميا في يناير/ كانون الثاني.
 
ونقل التقرير عن كارين إي يونغ، مديرة برنامج الاقتصاد والطاقة في معهد الشرق الأوسط، قولها إن “الحاجة إلى مزيد من النفط في السوق وخط إمداد مضمون يقدمان لطهران قوة تفاوضية كبيرة حيث يجري العمل على التفاصيل النهائية لخطة العمل الشاملة المشتركة”.
 
وأضافت “الكثير من النفط الإيراني موجود بالفعل في السوق من خلال وسائل أخرى، لكن ربما يمكنهم الوصول إلى 3.5 مليون برميل. لديهم القليل من النفوذ هناك”.
 
كما أشارت يونغ إلى قطر، أكبر منتج للغاز الطبيعي المسال في العالم، والتي يزداد الطلب عليها الآن.
 
وكان وزير الطاقة القطري سعد الكعبي قد قال يوم الثلاثاء إنه “لا قطر ولا أي دولة أخرى لديها القدرة على استبدال إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا بالكامل – في حال حدوث الأسوأ – بالنظر إلى أنها مسؤولة عن نحو نصف ما تحتاجه القارة”.
 
وأشار التقرير إلى أن وحدات التخزين القطرية “مقيدة حاليا بعقود طويلة الأجل مع مشترين آسيويين في الغالب”.
 
لكن الكعبي قال يوم الثلاثاء إنه يمكن تحويل ما يصل إلى 15 في المئة إلى أوروبا.
 
وقال التقرير “في حين أن هذا لن يكون كافيا لسد الفجوة التي خلفتها روسيا، إلا أنه سيكون بطاقة قوية يمكن أن تستخدمها الدوحة لتأمين الدعم الغربي والنفوذ في المنطقة، حيث إنها تخرج من حصار تقوده السعودية لمدة أربع سنوات”.
 
وختمت ترو بالقول “ربما تكون دول الخليج المنتجة للنفط والغاز هي الرابح في هذه الحرب الفوضوية”.
 
رأى الكاتب أن تبرير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للغزو “كان يعتمد على الأكاذيب”. وأوضح أن بوتين “زعم أن على موسكو شنت الغزو لإنقاذ الانفصاليين الروس في شرق أوكرانيا من تهديد بالإبادة الجماعية لم يكن موجودا”.
 
وأشار إلى أن إعلان بوتين أنه سينقذ أوكرانيا “من النازيين الجديد”، هو “طريقة غريبة لوصف دولة رئيسها ورئيس وزرائها كلاهما من اليهود، وكلاهما ديمقراطيان”.
 
قال فريدلاند إن اعتراض بوتين “ليس مجرد اعتراض على توسع الناتو، بل كان شيئا أكثر جوهرية”.
 
وأوضح أن “بوتين جادل بأن أوكرانيا لم تكن دولة مناسبة، ما يعني ضمنا أن دولة واحدة فقط كانت حقيقية وشرعية من الدول التي ولدت من الاتحاد السوفيتي المنهار”.
 
في الوقت نفسه، قال الكاتب إن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حدد في خطابه المبدأ على المحك وهو القانون الدولي والحق في تقرير مستقبلك”.
 
ورأى التقرير أن هذا الوضع ينطوي على اختيار: “هل نريد أن نعيش في العالم الذي وصفه زيلينسكي، حيث الدول الديمقراطية محمية بنظام دولي من القواعد، مهما كان هذا النظام معيبا وغير متسق؟ أم نريد أن نعيش في عالم بوتين، المحكوم بقانون الغاب وحيث يكون الحق الوحيد هو القوة؟”.
 
وقال “نعتقد أننا نعرف إلى أي جانب نحن. نريد أن نقف مع هؤلاء الأطفال البائسين، الممسكين بدفاتر التلوين الخاصة بهم وهم ينامون في محطة مترو أنفاق كييف. نقول لأنفسنا إننا نقف معهم وضد بوتين وحربه العدوانية”.
 
وأضاف فريدلاند أن “بوتين بالكاد أبقى رؤيته للعالم سرية حتى الآن. على العكس من ذلك، فقد تصرف وفقا لها ثلاث مرات على الأقل في السنوات الخمس عشرة الماضية، ودفع ثمنا زهيدا في كل مرة”.
 
وأوضح: “لقد استولى على جزء كبير من جورجيا في عام 2008 وأوكرانيا في عام 2014، وتبنى حرب نظام الأسد القاتلة ضد الشعب السوري”.
 
وأشار إلى أسف المنشق الروسي غاري كاسباروف “لحال فقدان الذاكرة التي أصابت الغرب”.
 
وأشار إلى “الاستهجان الغربي الذي رحب بضمه لشبه جزيرة القرم: كيف، بعد أربع سنوات فقط، استضافت روسيا كأس العالم لكرة القدم. لم يكن هناك تعزيز لدفاعات الأوكرانيين، حتى يتمكنوا من حماية أنفسهم من هذه اللحظة. لم يكن هناك تصفية لأموال الأوليغارشية من لندنغراد. لقد فهم بوتين الإشارة: لقد كانت الضوء الأخضر”.
 
وأضاف “ماذا نقترح لمنعه الآن، حتى وهو يغزو دولة جاره؟ لا تكاد الجولات الأخيرة من العقوبات الاقتصادية تعيقه، ليس عندما يكون لموسكو أصدقاء، بدءا من الصين، على استعداد لتخفيف الضربة. ولكن حتى لو كانت الإجراءات أقوى، فليس هناك ما يضمن أنها ستنجح”.
 
وقال تقرير الغارديان “إذا كانت مواجهة بوتين اقتصاديا غير فعالة، فإن مواجهته عسكريا بالكاد تكون معقولة أو مستساغة. كان الديكتاتور الروسي يبذل قصارى جهده لتذكير الغرب بأن بلده دولة نووية قوية”.
 
وأضاف “يقول المحللون إن بوتين لا يرى القدرة النووية لروسيا على أنها نظرية: فهي مندمجة في استراتيجيته العسكرية. لا أحد يرغب في الاشتباك مع مثل هذا الرجل، ليس أقلها أنه يبدو أنه ينجرف بعيدا عن العقلانية المستقرة. يبدو أن الخيارات المتواضعة – ربما فرض منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا – تواجه نفس المشاكل: فهذا يعني أن الناتو في حال حرب مع روسيا”.
 
وختم بالقول “يمكننا أن نأمل في انقلاب القصر ضد القيصر. يمكننا أن نعرب عن تضامننا وإعجابنا بهؤلاء المتظاهرين الروس المناهضين للحرب الشجعان بما يكفي للنزول إلى الشوارع، على أمل أن يطيحوا بطريقة ما بالحكم المستبد الذي يدمر أرواح الكثيرين. لكن هذه ليست أكثر من مجرد رغبات. الاحتمال الأكثر كآبة هو أن بوتين يفهم شيئا عن القرن الحادي والعشرين الذي يريد القليل منا مواجهته: أن هذا هو عصر الإفلات من العقاب، بخاصة بالنسبة لأولئك الذين لديهم ترسانة ضخمة وقاتلة ولكن ليس لديهم أي خجل”.
 
كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين علي باقري كاني يصل إلى قصر كوبورغ، مكان اجتماع خطة العمل الشاملة المشتركة في فيينا.
 
 
وفي الغارديان أيضا، نشرت الصحيفة تحليلا لمراسلتها في القدس بيثان ماكيرنان عن وضع إسرائيل في حال توصلت إيران إلى اتفاق مع الولايات المتحدة.
 
وقالت ماكيرنان إن “المفاوضين الدوليين في فيينا يقتربون أكثر مما يرقى إلى نسخة مخففة من الاتفاق الأصلي. في هذه العملية، ما كان يعتقد قبل وقت قصير من قبل العديد من الإسرائيليين أنه انتصار جيوسياسي كبير لنتنياهو أصبح بدلا من ذلك مصدر قلق متزايد للمؤسسة السياسية والأمنية في إسرائيل”.
 
وأضافت “لقد حاولت الولايات المتحدة ممارسة الضغط الأقصى بفرض العقوبات، واغتالت إسرائيل علماء نوويين ونفذت هجمات تهدف إلى الحد من النشاط العسكري الإيراني في جميع أنحاء المنطقة”.
 
وحول سلوك إسرائيل “قال داني سيترينوفيتش الذي قاد أبحاث الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية بين عامي 2013 و2016، لم ينجح أي منها”.
 
وقالت الكاتبة “كل ما تم القيام به هو دفع إيران إلى الأمام في برنامجها النووي. الآن لم تعد لدينا خيارات، وأخشى أن تكون إسرائيل وإيران على مسار تصادمي في المستقبل القريب”.
 
وذكّرت بأن اتفاقية عام 2015 التي قادها باراك أوباما “رفعت العقوبات الدولية المشددة على اقتصاد الجمهورية الإسلامية مقابل 10-15 سنة من القيود على أنشطتها النووية”.
 
ومنذ انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق عام 2018، “سارعت إيران قدما في تخصيب اليورانيوم. على الرغم من أن الحكومة الإيرانية تصر على أن برنامجها النووي سلمي، يتفق الخبراء عموما على أنه إذا اختارت ذلك، يمكن لطهران أن تمتلك أسلحة نووية فعالة في غضون عامين”.
 
وأضافت “تم تعيين الصفقة المستعادة للحفاظ على الأطر الزمنية الأصلية، ما يعني أن قيود تخصيب اليورانيوم ستنتهي في عام 2025”.
 
وقالت “بالنسبة لإسرائيل، النتيجة أسوأ بكثير من اتفاق 2015 المشؤوم”.
 
وأوضحت ماكيرنان “لم تحقق طهران تقدما تقنيا كبيرا فقط، والذي سيتم مراقبته فقط على مدار السنوات الثلاث المقبلة، بل إنها على وشك تلقي 7 مليارات دولار من الأصول المجمدة المفرج عنها، فضلا عن تخفيف العقوبات المفروضة على الصادرات مثل النفط”.
 
وأضافت “تعتقد إسرائيل أن هذه الأموال ستوجه إلى وكلاء إيران في جميع أنحاء المنطقة، والشرعية الدولية التي يمنحها الاتفاق النووي يمكن أن تشجع الجمهورية الإسلامية على أن تكون أكثر جرأة في طموحاتها الإقليمية”.
 
وأشارت في سياق متصل إلى أن “إسرائيل تشارك بالفعل في حملات برية وجوية طويلة على حدودها ضد حزب الله اللبناني والجماعات التي تمولها إيران في سوريا ومسلحين فلسطينيين في قطاع غزة، بالإضافة إلى مناوشات بحرية تستهدف سفن الشحن الإيرانية والإسرائيلية في البحر الأحمر والبحر المتوسط”.
 
وأضافت “تسيطر إيران أيضا على الميليشيات الشيعية في العراق، وترى أن المتمردين الحوثيين في اليمن شركاء إقليميين هامين، وفي يناير / كانون الثاني، أثبت الحوثيون أن طائراتهم المسيرة وصواريخهم قادرة على الوصول إلى أبو ظبي، مما يعني أن تل أبيب يمكن أن تصبح قريبا هدفا في متناول أيديهم”.
 
ونقلت عن مسؤول في الجيش الإسرائيلي طلب عدم نشر اسمه قوله: “إذا كانوا يريدون إيذاء الإسرائيليين، فلديهم بالفعل محاور عديدة للمحاولة”.
 
وقالت “بالمقارنة مع عهد نتنياهو، هذه المرة كان المسؤولون الإسرائيليون يراقبون بهدوء على الهامش المفاوضات النووية. وإدراكا منها أنه لا يوجد الكثير مما يمكنها فعله للتأثير على النتيجة، يبدو أن الحكومة الإسرائيلية بدلا من ذلك تدفع حلفاءها الأمريكيين للتوصل إلى اتفاق ثنائي في اليوم التالي لمعالجة المخاوف الإسرائيلية”.
 
وأشارت إلى أن هذا الأسبوع “كرر رئيس الوزراء نفتالي بينيت موقف إسرائيل الراسخ بأن الدولة ستحافظ دائما على حريتها في العمل للدفاع عن نفسها”.
 
وكان الكنيست قد أقر في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، “ميزانية تتضمن زيادة قدرها 7 مليارات شيكل في الإنفاق لمؤسسة الدفاع للاستعداد للتهديد الذي تشكله إيران”.
 
وأضافت “تستعد إسرائيل أيضا لتعميق العلاقات الأمنية مع شركائها الجدد في اتفاقية أبراهام في الخليج الذين يخشون أيضا من القدرة العسكرية الإيرانية: هذا الشهر، تم توقيع اتفاقية أمنية مع البحرين”.
 
وختمت بالقول إنه “في حين أن إعادة الاتفاق النووي مع إيران إلى الحياة قد يمثل نجاحا محدودا لإدارة بايدن، إلا أن المخاطر في الشرق الأوسط لا تزال آخذة في الارتفاع”.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار