السياسيةمقالات

هل سيحقق الحلبوسي المعادل النوعي !؟

بقلم ✍️ عمر الناصر / كاتب وباحث في الشأن السياسي

الذي يعمل في المجال السياسي عليه ان يتذكر دوما نقطة جوهرية مفادها هي ان الظهور فجأة استطيع تشبيهه بأنه كالشعلة او الوهج سرعان ما يتلاشى اذا لم يكن لديه مصدر وقود وطاقة يساعداه على استمرارية الاشتعال ،وتلك الاستمرارية عادة ماتكون ليست سهلة والدليل على ذلك بعض الاحزاب التي بدأ ضيائها يختفي ويتلاشى تدريجياً بسبب ماتعرضت له من اخفاقات وانتكاسات بسبب سوء التخطيط وعدم وجود رغبة حقيقية لاعادة تقييم الاخطاء او الايمان بالتجديد والانفتاح على الوان اخرى من الايدلوجيات التي تناسب مزاج ومذاق الشارع ، فبعد ان كان لهم جمهور واسع ومحتكر في اولى انتخابات تشريعية جرت في عام ٢٠٠٥ اصبحوا اليوم بعيدين جداً عن حسابات وتفكير المواطن لاعادة انتخابهم من جديد.

المعنى الدقيق والوصف المنطقي لحجم المسؤولية الملقاة على عاتق بعض الزعامات السنية المتصدية منذ التغيير عام ٢٠٠٣ وليومنا هذا بأنه فخ كبير وخدعة وسراب تأخذ بمن يريد الدخول اليه الى التقاعد الرباني المبكر والتجلطات الفكرية وامراض تصلب الشرايين و ارق مزمن وانكسار حقيقي لايكون لراحة البال له من نصيب اذا لم تؤخذ احداثياته الواقعية بصورة صحيحة على اعتبار ان الايدلوجيات السياسية مازالت تخضع لعمليات التحديث المستمرة على غرار جميع نسخ الوندوز او السوفت وير في الاجهزة الذكية لكي تستطيع ان تواكب وتتناغم وتنسجم بسهولة مع مذاق المتلقي من الجمهور ، وان اهم خطوة في نجاح اي مشروع اقتصادي مثمر يعتمد على عوامل ومحددات هي من يحدده عامل الوقت والنسبة المئوية المتوقعة من النجاح والفشل.

جبهة التوافق السنية التي تشكلت عام ٢٠٠٥ لم يكتب لها النجاح فانشطرت وتشضت بعد ذلك وبدأ نجمها يتلاشى حتى اندثرت واختفى زعمائها تدريجياً من المشهد السياسي على اعتبار ان الخطاب الشعبوي والورقة الطائفية وورقة المغيبين اصبحت مستهلكة ولم تعد صالحة للاستخدام في الوقت الحالي بل انها باتت مستهلكة واغلب الوجوه التي كان لها دور كبير في شحن الشارع السني طائفياً نراها اليوم مركونة وبدات تختفي ملامحها من الاعلام بصورة نهائية بوجود بعض الاستثناءات والقياس مع الفارق بعد ان ادركت بأن الاخطاء التي ارتكبت بعدم المشاركة الفعلية بأنتخابات عام ٢٠٠٥ وتأجيج الصراع الطائفي لم تكن حساباته دقيقة كذلك الحال في حسابات التحالف الوطني الشيعي الذي تعرض لانتكاسات كبيرة ونكبات وتشرذم لنفس الاسباب المذكورة انفاً التي قد وصلت بهم اليوم الى خلاف قد يؤدي الى مرحلة كسر العظم لاسمح الله اذا استمر العناد السياسي يتسيد موضوع تشكيل الحكومة المقبلة .

في المقابل يبدو ان الحلبوسي الشاب المؤمن بالديناميكية المرنة قد طبق شهادة الهندسة فعلياً في ميدان السياسة قد ادرك فعلياً لغز الازاحة السياسية الناعمة لفهم شفرة اللعبة السياسية وبفترة قصيرة جداً بعد ان استفاد بطريقة مباشرة او غير مباشرة من اخطاء واخفاقات سابقيه من قادة الاحزاب السياسية المتمثلة بكهول الرعيل الاول من السياسيين السنة والذين لم يستطيعوا الوصول الى تفكير المواطن اثر تلقيهم ضربات سياسية موجعة وصفعات مؤلمة طيلة فترات المسيرة السياسية والدليل نتائج الانتخابات التشريعية الاخيرة التي فتحت لهم باب المغادرة من الميدان ، ناهيك عن دخول عامل رئيسي ذو لون مختلف وهو قربهُ من فئة الشباب والمرونة التي يتمتع بها في المفاوضات مع الشيعة والكورد ومقبوليته منهم ، والليونة الواضحة في جلساته مع الفرقاء والشركاء السياسيين جعلته اول قيادة سنية شابة تكسب ود الكورد والتيار الصدري منذ عام ٢٠٠٣ لتكوين محور سياسي وبزمن قياسي فشلت فيه قيادات سنية سابقة بأقناعهم في جميع المراحل الماضية على الرغم من ان لهم باع طويل في حسم ملف التوافقات السياسية في جميع مفاوضات تشكيل الحكومات السابقة.

يبدو ان ذلك لم يكن وليد اللحظة وانما هو نتاج ترقب ودراسة وتدقيق شاملة لشكل وطبيعة المرحلة المقبلة اخذاً بعين الاعتبار التحولات الاقليمية والابعاد الاستراتيجية والاجواء السياسية المشحونة التي تهدد منطقة الشرق الاوسط ومحددات انعكاساتها على اكمال مسيرته في ما بدأ به، على اعتبار انه يطمح بالوصول للولاية الثانية لاستمراره ببقية المشاريع السياسية التي لايمكن انجازها الا بثمان سنوات على غرار ماتقوم به الدول المتقدمة ومثال على ذلك فترة تولي جورج بوش للرئاسة مابين عام ٢٠٠١ وعام ٢٠٠٩ ،ولكن يبقى السؤال قائماً هل سيتمكن الحلبوسي من تحقيق المعادل السياسي النوعي بقيادة منفردة لترميم البيت السني ؟

انتهى …

خارج النص / حساسية المرحلة وانجازات الاربع سنوات القادمة اما ستكون هي مرحلة الانكفاء السياسي او استمرار البقاء في فلك الزعامة.

ملاحظة ان كل ما ينشر من مقالات تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعتبر من سياسة الوكالة.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار