العربي والدوليتقارير وتحقيقات

صحيفة فرنسية تسلط الضوء على ’معضلة’ إعمار الموصل

متابعة :
سلطت صحيفة “نوفال أوبسرفاتور” الفرنسية، الضوء على معضلة إعمار مدينة الموصل، لا سيما وأن البنية التحتية والمساكن والطرقات دُمر أغلبها، جرّاء الحرب ضد التنظيم.
 
  
 
ونقلت الكاتبة إيلان ريفودو – من صحيفة “نوفال أوبسرفاتور”، حوارا جمعها مع المخرجة الفرنسية الوثائقية آن بواريه، التي تابعت لمدة عام التحديات التي تواجه سكان الموصل بمحافظة نينوى شمال العراق لإعادة بناء مدينتهم المحررة من نير داعش، وما واجهوه من مصاعب.
 
وفي حديثها عن سبب التركيز على عملية إعادة الإعمار في هذه المدينة بالذات، قالت بواريه إن العديد من الدول شاركت في المعارك ضد داعش، بما في ذلك فرنسا، وهي ترى أنه من الضروري الاهتمام بما يحدث بعد تلك المعارك، وتساءلت عما إذا كانت المعركة ضد التنظيم رابحةً.
 
وذكرت المخرجة أنها بعد 3 أشهر من بدء تدخل التحالف الدولي في العراق لدحر التنظيم، حاولت فهم كيف للدولة العراقية أن تسيطر على ثاني أكبر مدينة في البلاد كانت تدار بالكامل من قبل داعش على مدى عامين، من شبكة المياه وشاحنات القمامة وصولا إلى البنية التحتية.
 
ركام البلدة القديمة
وذكرت المخرجة الفرنسية: “لقد تحررت المدينة، ولكن بأي ثمن؟ فقد أصبحت المدينة القديمة، الغنية بتراث عمره ألف عام، ركامًا -لا سيما حي محلة الميدان الشهير- الذي دمر بشكل كامل”.
 
وفي الفيلم الوثائقي، قال أحد السكان المحليين إن محل البقالة الذي ورثه عن جده يعود إلى العهد العثماني، “ولم يتبق من المباني العتيقة والتاريخية سوى أكوام من الحجارة”.
 
وأضافت المخرجة “أردت أن أنقل ما شعرنا به هناك، حيث ظلت الجثث عالقة وسط الأنقاض. عندما يجد المرء نفسه في مثل هذا المكان المروّع، لا يسعه إلا أن يندهش من حجم الدمار. أردت أن أعكس هذا الشعور؛ وبدلا من نقل المعلومات، قررت تصوير فيلم وثائقي يخاطب العاطفة ويعطي الكلمة للشعب”.
 
لقد تُرك سكان المدينة بمفردهم، لماذا تعتبر عملية إعادة الإعمار معقدة للغاية؟
حسب آن بواريه، قُدمت للشعب العراقي وعود كثيرة لإعادة إعمار الموصل، ورغم وجود استثمارات عديدة من قبل المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي وفرنسا، فإنها لا ترتقي إلى مستوى التحديات. وقد سلطت فترة ما بعد داعش الضوء على مدى تعقيد الوضع والرهانات السياسية الكبيرة ومشاكل الفساد الخطيرة.
 
أوردت المخرجة آن بواريه: “لقد استعرضنا المشاكل التي يواجهها المسؤولون في محافظة نينوى، وكيف أن الشكوك حول الاختلاس أدت إلى ثني المجتمع الدولي عن الاستمرار في تمويل مشاريع إعادة الإعمار، وهو ما خيّب آمال السكان”.
 
لقد عانى السكان سنوات صعبة للغاية تحت داعش وفي أثناء التحرير العنيف للمدينة. ومن عام 2003 إلى غاية 2014، عاشوا حالة من الفوضى العارمة، فكانت الهجمات ذات نسق يومي، ولم يتمكن أي صحفي تقريبًا من الوصول إلى المدينة.
 
إلى جانب الانتقام من تنظيم داعش ومعركة الموصل، ظهرت فكرة تحرير سكان الموصل من 15 سنة من الركود. ولم تشهد المدينة أي تفجيرات. في البداية، استمتع السكان بهذا السلام الجديد وباتوا أكثر اعتيادا عليه، ولكنهم أدركوا بعد مدة أنهم مضطرون إلى الاعتماد على أنفسهم.
 
إلى أين لجأ السكان؟
بعد المعركة، استقر معظم سكان البلدة القديمة في الأجزاء التي نجت من الدمار في شرق الموصل. ولكن منذ ذلك الحين، زادت أسعار الإيجارات بشكل ملحوظ، فاضطروا للعودة إلى أحيائهم التي طالها الخراب، حيث يعيشون بين الأنقاض والجثث، التي يكتشف بعضهم فيما بعد أنها تعود لأب أو ولد أو أخ، على حد تعبير المخرجة. كما يريد كثيرون منهم إعادة بناء منازلهم وأعمالهم بأنفسهم، لذلك ارتأت المخرجة أن يتضمن الوثائقي شهاداتهم.
 
من خلال إعادة إعمار المدينة، يتعلق الأمر بشكل عام بإعادة إعمار العراق وخاصة المصالحة الوطنية، أوردت المخرجة أن الموصل مدينة رمزية، مشيرة إلى أن الفشل السياسي والفساد ليس سوى انعكاس للسياسة الوطنية، والوضع الذي وصلت إليه البلاد بعد داعش.
 
كما يتهم العديد من سكان الموصل الحكومة العراقية بالتخلي عنهم، معاقبةً لهم على مناصرتهم لتنظيم الدولة. ولكن في ذلك الوقت، استقبل جزء من السكان التنظيم بنوع من الارتياح بسبب حالة انعدام الأمن التي سادت المدينة من عام 2003 إلى 2014.
 
وأضافت أن “العديد من العائلات التي اختارت الانضمام إلى التنظيم تعيش اليوم في المخيمات وتتوارى عن الأنظار”. وهؤلاء (الأنصار) الذين حصلوا على مناصب اجتماعية مهمة في عهد التنظيم، يتحركون الآن مثل الأشباح وسط الأنقاض. إنهم مجبرون على الاختباء، ولا يستطيع أطفالهم الذهاب إلى المدرسة، كما يُمنع عليهم جمع جثث قتلاهم”.
 
وحسب المخرجة، تشعر هذه الفئة من سكان المدنية بالإذلال والتهميش والانتقام، وهو أمر مقلق للغاية بالنسبة لمستقبل المدينة ذات الأغلبية السنية، حيث تدير الفصائل الشيعية العديد من نقاط التفتيش.
 
ومنذ عام 2003، انقلبت الموصل ضد الغزاة الأميركيين، واليوم بات للإيرانيين حضور قوي في المنطقة، كما واصلت القوات الأميركية القتال ضد داعش، لذلك، ترى المخرجة أن عملية إعادة إعمار هذه المدينة لها رمزية قوية، وخاصة ترميم جامع النوري، حيث أعلن زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي الخلافة يونيو/حزيران 2014. 
 
المصدر: ترجمة الجزيرة 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار