المحلية

تلك المسافة

شذى البراك..

التماهي والاندماج سر من أسرار الكون، ومعزوفة رائعة تعزفها الطبيعة، سواء في الظواهر الكونية، أم في الطبيعة البشرية التي تميل إلى المواءمة والملاءمة والانسجام مع الآخرين، لما تتطلبه النفس من الحاجة إلى الاحتواء والشعور بالأمان من خلال التفاهم الذي لا يتحقق إلا بإيجاد نقاط التقاء ووجهات نظر مشتركة، لتحقيق النجاح والتفاعل الإيجابي في الحياة.
وإذا أردنا أن نبني علاقات حقيقية تحلق بها في سماء الطمأنينة، علينا أن نخرج من زنزانة الوهم وسوء الظن والأنانية وإلغاء الآخر.
فمرسى الروح دائما يحط رحاله عند أولئك الذين تلامس أرواحنا أرواحهم بشفافية، خارج حدود الزمان والمكان،
فالمكان يصبح واحة خضراء وإن كان متواضعا، ونرى الزمن يتسرب من بين أيدينا مسرعا وتصبح الساعات كأنها دقائق.
ورغم الحضور المشحون بالدفق الإنساني والانفعالي والعاطفي، إلا إن هناك مسافة ينسجها الإحساس الداخلي الذي يهيمن على منظومة التواصل.
تسير باتجاه معاكس وحذر في مسارب الوجدان، ولكي لاتلتف المشاعر الإنسانية بشرنقة الإهتمام أو التدخل الزائد في خصوصيات الآخرين، وترك مسافة للتعبير بحرية عن مكنونات النفس غير مفروضة أو مكبلة بقيود المجاملة او مراعاة مشاعر الآخرين على حساب مشاعرنا أو ظروفنا، لأن هناك نقطة تتفجر فيها الضغوط لتضيع كل العلائق الإنسانية التي يكتنفها الصدق وتنهار بين الإفراط والتفريط، ومهارة الحفاظ تكمن في التجدد والتلوين في أساليب الجذب دون تكلف وبمصداقية عالية، لكي لا يتسلل الملل والرتابة، وبالتالي تضيع أجمل المشاعر الإنسانية.
وأحيانا نحتاج إلى أن نضع مسافة بيننا وبين أنفسنا، لننظر إليها بتجرد ونحررها من الرؤية الضيقة والنزعة السلبية، وننطلق بها إلى آفاق رحبة.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار