السياسيةمقالات

العزلة الفكرية وصناعة القرارات المصيرية .!؟

✒️ بقلم عمر الناصر / كاتب وباحث في الشأن السياسي :-

قد يضطر بعض الاحيان الذين يطلقون على انفسهم صناع القرار ان يختلون بأنفسهم ويذهبوا بعيداً بالتفكير والانعزال لاجل الفرملة واعادة تقييم الاداء الذي اجتهدوا به سابقاً سواء كان اداءاً فاشلاً ام ناجحاً من اجل عمل مراجعة موضوعية لمسيرتهم السياسية اذا ماوصلوا الى مفترق طرق حقيقي يحتم عليهم اعطاء قرار مصيري قد يترتب على اثره تبعات خطيرة وحساسة لم تكن ذات يوم لها جزء من تفكيرهم او حتى ضمن حساباتهم السياسية ، على اعتبار ان الخط البياني للنجاحات مرتبط بمدى مطاولة واستمرارية الصعود وارتباط بقاء استقرار وثبات العطاء بمدى القدرة على تحديث وادخال بيانات واقعية تحاكي متطلبات واحتياجات المرحلة الانية .

يفسر الكثير من الناس الى ان سر اهمية المشاركة السياسية في صنع القرار يكمن باتخاذ ركنا لغرض الاعتكاف لاخذ قسطاً قليلاً من الراحة الذهنية لاعادة ترتيب ضربات قلب الافكار التي تعرضت اوردتها لتجلطات وانكسارات خيبة الامل المتواصلة نتيجة الاخفاقات المستمرة في الاداء في ظل اختبار قوة وقابلية عضلات قلب الانجازات عند الاقدام على السباحة عكس التيار ، وقد تنتج العزلة الفكرية للسياسيين صناعة نوع نادر من القرارات لم يعهدها احداً من قبل تختلف عن عزلة التفكير اليومي الذي يُسير تحركاتهم وتعاملاتهم مع الاخرين.

ليس بالضرورة ان تكون العزلة ايجابية بعض الاحيان بل قد تكون هي خطاً اضافي يرتكبه الانسان ويأتي بالكثير من التداعيات السلبية وتحمل اعباء كبرى للمسؤولية في المحصلة النهائية وحتى لا يكون هنالك اي قابلية لتصحيح الاخطاء او لاعادة عقارب الساعة الى الوراء لتغيير الموقع الجغرافي لنقطة الشروع التي انطلقت منها القرارات الخاطئة اول مرة ليكون تغييرها بقرار اخر خاطئ ومستعجل قد تم الاجتهاد به نتيجة وجود خلل محوري في تركيبته الاساسية او بسبب اختيار خاطئ لنوع المستشار.

ولعل صناعة القرار يبدأ اولا بالتدريب عليه من خلال البدء بالمحيط الضيق الذي يعيش المرء داخله وعادة ما يكون تطبيقه من الجو العائلي ليتوسع بعد ذلك تدريجياً كنظام الحلقات في بركة المياه ولينتشر انذاك بشكل اوسع اذا كتب له النجاح مع مراعاة تلك الاسباب والعوامل الداخلية والخارجية التي تؤثر بما لايقبل الشك على طبيعة و جودة النتائج المترتبة من ذلك التطبيق، لاسيما ان كل المشاريع التي نجتهد بها تتواجد بداخلها فئة مستهدفة تستفيد ضمنياً او كلياً ، نظرياً او عملياً من جميع النتائج المتحققة في ظل وجوود فئة اخرى تضع معرقلات وعقبات لتمرير غايات شخصية او سياسية تستفيد منها بشكل او بأخر .

ان عملية انتقاء واختيار المخلصين والامناء لاخذ مهمة الترجمة الحرفية والمعنى الدقيق لمفهوم العزلة الفكرية التي تنتج عنها ثمار تستحق المضي قدما بها ليست بالمهمة المستحيلة اذا ما امعنا النظر لمن حولنا واستطعنا تمييز النطيحة من المتردية وطفيليات بعض المستشارين الذين اصبح وجودهم يعتمد على الكم وليس النوع لايسمن ولايغني من جوع ،في وقت نحن قد اصبحنا به بأمس الحاجة لانتقاء نوع من العقول التي تفكر اولاً بجدوى الفائدة العملية من وجود هذه الجزئية في مصادر صنع القرار كجزء مكمل وحلقة حساسة للوصول لتفكير الناس ولصوت الحكمة والعقل والمنطق .

ان البحث عن وجود هكذاً نوع الشخوص يحتاج لعزل تام بين المجاملات والعواطف والعلاقات الاجتماعية والمحاباة على اساس مهمة اخلاقية حساسة حفاظًا على موارد الدولة من الهدر وبين المصلحة الوطنية لكون المشهد السياسي اليوم لا يحتمل بعد المزيد من المراهنات والمغامرات او حتى الاخفاقات السياسية على حساب ميزانيات انفجارية وتحديات الارهاب الذي استنزف مقدرات وارواح ابناء الوطن بقدر اهمية التركيز والبحث عن المخلصين والاكفاء ممن لديهم القدرة على التضحية و العطاء قبل التفكير باخذ الحقوق وحجم المكتسبات التي اصبحت مبدأ لايؤمن به اغلب المتسلقين ولا يتناغم مع مذاق وافكار الكثير من الوصوليين الذين لديهم القدرة على الولوج واختراق اعماق نقاط ضعف البسطاء ودغدغة مشاعرهم من اجل سرقة قوتهم .

انتهى …

عمر ناصر / كاتب وباحث في الشأن السياسي
—————————————————————

ملاحظة : ان كل ما ينشر في الوكالة، من مقالات تُعبر عن رأي الكاتب، ولا تعتبر من سياسية المؤسسة

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار