الدينية

الحبّ الإلهي.. أساس ( البنيان المرصوص )

بقلم: سماحة الشيخ محمود الجياشي

بسم الله الرحمن الرحيم

لم تكن فكرة ( البنيان المرصوص ) وليدة لحظتها .. وإنما هو مشروع إنساني وإجتماعي طرحه سماحة السيد القائد الصدر أعزّه الله منذ سنين خلت .. وحالت دون تنفيذه وتجسيده على أرض الواقع بعض الظروف التي فرضها الواقع الموضوعي الذي مرّ به بلدنا الحبيب في السنين السابقة .. وبفضل الله تعالى وجهود الخيّرين والنوايا الطيبة وبرعاية مباشرة واهتمام استثنائي من سماحة السيد أعزّه الله إنطلق مشروع ( البنيان المرصوص ) .. وقد أجّلت الكتابة عن هذا الموضوع لحظة إنطلاقه حتى تقرّ أعيننا ببعض ثمراته وإنجازاته في الساحة الإجتماعية التي يتحرك فيها .
واليوم ونحن نرى تلك المشاهد الإنسانية واللمسات الرحمانية التي يترجمها العاملون في المشروع على أبواب إخوانهم المحتاجين والمستحقّين .. وطوابير المتبرّعين مع ماحملته من صور ومشاهد أعطت درساً وجدانياً وأخلاقياً عميقاً وهي تجسّد قوله تعالى :
(( وَيُؤْثِرُونَ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )) الحشر /٩ .

وتعطي هذا الزخم الإنساني والإجتماعي المبارك في مجتمعنا العراقي الذي أنهكته الحروب والصراعات والسياسات الفئوية الضيّقة وتكالبت عليه قوى الإرهاب والفساد والإحتلال ..
في خضم ذلك … لابدّ أن ندرك الأساس الذي انطلق منه هذا المشروع الرحماني .. ومعرفة الروح التي يحملها أصحاب البنيان المرصوص .

لقد كان إختيار إسم المشروع من قِبَل سماحة السيد مقتدى الصدر مباشرة .. ولايخفى أن عنوان ( البنيان المرصوص ) يستند الى مبدأ قرآني جاء في قوله تعالى :

(( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ )) سورة الصف /٤ .

ومن المعلوم أن القتال في سبيل الله له مستويات مختلفة وليس منحصراً بالقتال العسكري .. فإن كل عمل يقوم به الإنسان المؤمن في مواجهة قوى الشرّ والباطل والفساد والظلم وخدمة الناس والمجتمع هو في حقيقته قتال في سبيل الله سواء كان عملاً عسكرياً أوثقافياً أو إنسانياً أو أخلاقياً أو فكرياً أو عقائدياً أو إجتماعياً .
والمهم هنا أن القرآن يؤسس قاعدة مهمة في العمل الاجتماعي الإنساني الصادر في سبيل الله وهي ( الحبّ الإلهي ) يقول في الآية : إن الله يحبّ الذين يقاتلون … صفّاً كأنهم بنيان مرصوص !
هذا هو المقياس القرآني الإلهي الذي يمثّل روح العمل الجماعي والاجتماعي في الإسلام .. إن الله يحبّهم ! لم يقل : أن الله يجازيهم بالجنّة أو الثواب أو الفوز .. بل قال : يحبّهم !! وهذا سينقلنا الى بحث الحبّ الإلهي وأثره في حياة الانسان وعلاقته بالله سبحانه .. وهو موضوع مستقل لايسعه هذا المقال .
ومن هنا كان اختيار إسم المشروع دقيقاً وعميقاً جداً .. ويحمل دلالات عقائدية وروحية وإنسانية تعمّق علاقة كل من يعمل فيه بالله عزّوجلّ .. أي أن المشاركين والعاملين فيه سيكونون من المقاتلين في سبيل الله وبالتالي يدخلون في حرم الحبّ الإلهي ! بشرط أن يحققوا ( في سبيل الله ) .
ومن هنا أنقل هذه العبارة التي سمعتها مباشرة من سماحة السيد أعزّه الله : إن مشروع البنيان المرصوص ليس مشروعاً مرتبطاً بمرحلة معينة أو زمان محدود أو ظروف خاصة .. بل هو مشروع إجتماعي وإنساني لابدّ أن يستمر في جميع الظروف بحوله تعالى .

فلنكن صفّاً واحداً .. وبنياناً مرصوصاً .. في سبيل الله .. عقائدياً وإنسانياً وأخلاقياً .. وإجتماعياً.. وليشدّ بعضنا بعضاً .. ويقوّم بعضناً بعضاً .. بعيداً عن الشحناء والبغضاء ومحامل السوء .. والله المستعان .

تقديري ومحبتي واحترامي .. لجميع الاخوة المسؤولين والعاملين والمشاركين.. داعياً الله سبحانه أن يوفقهم للاستمرار في مشروعهم الانساني المبارك .. فإن ماينفع الناس يمكث في الأرض .

أخوكم
محمود نعمة الجياشي

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار