المحلية

قصة “شهيد”

قصة في الذكرى السنوية للشهيد السعيد الذي قطعت اوصاله أسوة بامامنا الإمام الحسين عليه السلام وفي يوم استشهاده المجاهد ( علي حمود الساعدي (ناصر).. مع كوكبة من الشهداء السعداء .. حشرهم الله مع الإمام الحسين عليه السلام.

قطعني في حبك، ارباً ارباً
جميلة الخزاعي ؛
لطالما عشقنا الحياة وكم من صلة رحم تقطعَنْ من أجلها، كانت الدنيا وزخرفتها والسعي وراء المناصب همنا الأول، كم كنّا بعيدين عن الإسلام ومبادئه وقِيمهِ… وبتنا نسمع الكثير ممن يردد مقوله لا نعرف قائلها ” ساعة لربك وساعة لقلبك” وأصبحت هذه المقولة شماعةٌ تعلٌقُ عليها كثير من المحرماتِ ، ذكرَني بقولِ السيد الشهيد الصدر (قدس سره) ” الدنيا والاخرة ضرتان لا تجتمعان” حديث أحد الشباب الجالسين في المقعد الذي أمامنا أنا ووالدتي في الطائرةِ المتوجهة الى المملكةِ العربية السعودية لزيارةِ البيت الحرام وقبر رسولنا الأعظم صل الله عليه واله وسلم، وهو يحدث أخيه قائلاً:
– المجاهد “ناصر” كان يدعو ربهِ ” اللهم قطعني في حبك أرباً أرباً ”

أدركت حينها بأن منَ يلهثُ سعياً وراء الدنيا هو فقط الذي لا هدف له ولا قيم ومبادئ يتمسك بها، أما المجاهدين الزاهدين أمثال “ناصر” الذي لا أعلم من هو، فهي لا تعني لهم شيئاً.. وبما أنني كنت أستقل الطائرة لأول مرة في حياتي فقد نصحتني والدتي بالنومِ فور ركوبي لها…وقد انتابني الخوف حيث لم يعطيني أسمي ” نضال” أي قوة كما هو معناه وكذلك سنوات عمري الثلاثين لم تقلل من خوفي شيئاً كوني معلقة بين الأرض والسماء.
كنت متشوقة أن يكمل الشاب حديثه عن ” ناصر” قبل أن نصل الى مطار جدة خلال عشرة دقائق.. أستأنف الشاب الجالس قربه حديثه :

– أنتَ تعلم أن الشهيد “علي حمود” رحمه الله كان أول قائدٍ للجهد الهندسي دخل منطقة ” آمرلي” في منطقة سامراء المقدسة، وأول من اسقط راية داعش ورفع راية الله اكبر فيها، وأبطل كذلك مفعول 135 عبوة ناسفة، ومنذ اليوم الأول قامَ بتفكيكِ اكثر من 40 منزلاً مفخخاً، وعالج الكثير من العبوات والسيارات المفخخة.
تساءلت مع نفسي من هو ” ناصر” ومن الشهيد علي حمود؟! هل هم أصدقاء؟ لأنتظرُ وسأرى؟
ردَ الشاب الأخر

– أذكر جيداً الشهيد ناصر، لقد جرح خمس مرات، وفي أحد المرات جرح في الكتف في ذات الموضع الذي جرح فيه سابقاً، الاصابة الخامسة كانت قبل استشهادهِ بخمس دقائق… لكنهُ لم يستشهد لأنه دعا الله تعالى أن يمزق في سبيلهِ أرباً أرباً، ويا له من دعاءِ عظيم.

عمَ الصمت، نظرت نضال الى ساعتها اليدوية، فلم يتبقى من الوقت الا بضع دقائق وتهبط الطائرة، تساءلت نضال مع نفسها
– ( يا ترى هل تحققت أمنية “ناصر” بملاقاةِ ربهِ وهو مقطع الأوصال أسوة بالأمامِ الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام ؟ استأنفوا حديثكم أرجوكم، فكلي شوق لمعرفةِ النهايةِ) .
قالَ الشاب الأخر
– لا أنسى كلماته في الساترِ في منطقة الحويش بسامراء المقدسة، كان جريحاً فطلب منه زملاؤه المجاهدون أن يترك تفكيك العبوات.
فأجاب بابتسامته البريئة
– يجب أن افكك جميع العبوات .
أقترح المجاهدون أن يقوموا بتفجيرِ العبوات
فردَ بإصرار وشجاعة
– هل ترضون أن يقول عنا الأعداء أننا جبناء ونخاف من التفكيك؟ فتحققت أمنيته .
قال الشاب بصوتِ مبحوح وهو يبكي

– انفجرت أحدى العبوات، وشاء الله تعالى أن يراهُ مقطع الأوصال، ليعلمه بفوزهِ في الدنياِ والاخرةِ، فالله تعالى يسمع ويرى القلوب التقية النقية ويجيب دعاءهم ويحقق لهم جميع أمانيهم في دار القرار الأبدية، وها قد رحلت يا “ناصر” أو يا علي حمود الساعدي الى ربكِ متوجاً بوسام الشهادة وكنت “ناصر” حقاً لله والوطن.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار