السياسية

قدسية كربلاء والسلاح المنفلت !؟

بقلم عمر الناصر / كاتب وباحث في الشأن السياسي :

في عام ٢٠٠٣ اتذكر عندما وصلت قوات الاحتلال الى تخوم كربلاء في طريقهم لفرض السيطرة عليها واسقاط الحكومة المحلية المرتبطة بالنظام السابق ، طلب اهالي المدينة ووجهائها من الامريكان بأن لا يتم الدخول وتدنيس مرقدي الامامين الحسين والعباس عليهما السلام وقد افضت المفاوضات الى قبول الامريكان بذلك على اعتبار ان المرقدين لهما خصوصية وقدسية ووضعهما حساس للغاية ولن يكونا ضمن معادلة اسقاط النظام السابق لكي يتم دخولهما كونهما مراكز ذات اهمية دينية وليست سياسية او عسكرية وبالفعل لم يكونا من ضمن مخططاتهم انذاك ، بل كانوا قد انصاعوا لرغبة واهالي المدينة على الرغم من عدم فهمهم وادراكهم لاهمية هذا الامر كما يدركه المسلمين بشكل عام والشيعة على وجه الخصوص ولذلك لم يبدر منهم اطلاقاً مايسيء او يتعدى على المكانة الدينية والاجتماعية للمجتمع هناك على الرغم من انهم يمتلكون السلاح والقوة للفتك بأي تمرد على او عدم طاعة لاوامرهم العسكرية.

قد ينزعج البعض من حديثي ولكن كلمة الحق ينبغي ان تذكر في جميع المحافل لاننا اليوم مؤتمنين عند الاقدام على كتابة احداث التاريخ ولان الامانة المهنية والاخلاقية تحتم علينا كمختصين ان نعطي لكل موقف حقه والذي سوف تتذكره وتقرأه الاجيال القادمة من بعدنا بأن المحافظة الوحيدة التي لم تصلها شرارة الاحتقان الطائفي هي كربلاء بل على العكس من ذلك فهي كانت الحضن الذي استقبل بين ذراعيه من استطاع الهروب ليلملم اشلائه التي مزقتها الانفس الطائفية المقيتة بسنتهم وشيعتهم .

وقد يقول البعض لم تصلها تلك الشرارة لان الاغلبية المطلقة هم من الشيعة بأستثناء وجود بعض العوائل السنية الذين يعدون على اصابع اليد فيها ممن استقروا بها منذ فترة طويلة واندمجوا وتعايشوا مع اهلها ، في وقت كان الهدف الاساسي والمحوري للارهاب هو الوصول لهذه المدينة لذا فمن الطبيعي قد تكون هنالك ردود افعال سلبية تجاه الوافدين من المحافظات السنية خوفا من استهداف المدينة او من وجود متسللين يلبسون ثوب الضحية ولكنه لم يحدث ورغم ذلك والحق يقال ان الكثير من السنة الذين هربوا من الاحتقان الطائفي او التهجير بسبب داعش كانوا قد ذهبوا لهذه المدينة لانهم كانوا واثقين ممن توجهوا اليهم انهم لن يمسهم احداً بسوء اطلاقا بل انه تم استقبالهم بحفاوة وترحيب غير ما اشيع انذاك بأنهم قد لاقوا معاملة سيئة وغير لائقة ، بل على العكس تماماً من الوافدين من كانت لديه تصرفات مخجلة لاتحسب على الخيرين منهم لتثبت لنا صحة المثل القائل ( نزل ويدبچ عالسطح ) .

اليوم بدأت بعض الاصوات الكربلائية تتعالى بعد حادث استهداف واغتيال مدير بلدية كربلاء تجاه جميع الوافدين من بعض المحافظات الجنوبية وتجاه المتهمين منهم بقضايا مخلة بالشرف وجرائم اخرى جنائية لبعض الحالات الاستثنائية الفردية من الذين توافدوا لهذه المدينة وبلاشك ان هنالك الكثير منهم حسن الاخلاق والسمعة والسلوك والبعض الاخر هو قد يكون مجرم ومتهم بالكثير من الجرائم وقد يكون هارب من الملاحقة القانونية او العشائرية ليكون له في كربلاء مستقر يمارس نشاطة مرة اخرى من هناك في مدينة لها قدسيتها وخصوصيتها ومكانتها العالية بين المحافظات وبين دول العالم الاسلامي .

سيتهمني البعض بأنني قد اكون قاسي بالوصف وولكنني بقرارة نفسي استطيع مقارنة ووصف اي محاولة او عمل غير اخلاقي لتخريب سمعة ومكانة هذه المدينة هو بمثابة رضاعة لافكار داعشية بثوب لا اخلاقي وان اي خرق امني او تهديد لشكل وقدسية المدينة ينبغي على الجميع ان تكون لهم وقفة جادة وحقيقية سواء كانوا من المسؤولين او السياسيين ازاء اي ممارسات لاتليق بطابعها الديني المميز.

ان ماحصل في اليومين الماضيين بخصوص حادث اغتيال الشهيد عبير الخفاجي لم تشهده اي محافظة اخرى من قبل ان تم اغتيال مسؤول حكومي على مستوى رفيع كما شهدته كربلاء ،وهذا يدفعنا للتفكير بجدية وبحذر ضرورة احراء مراجعة للقوانين وتحقيق الارادة السياسية لكبح جماح السلاح المنفلت الذي هو احدى سلبيات النظام الحالي الذي يهدد الامن والسلم الاهلي .

انتهى …

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار