المحلية

مدرسة الوحدة الاسلامية

🖋️ *الشيخ محمد الربيعي*
و نحن نعيش ايام ذكرى استشهاد الامام محمد الباقر ( ع ) ، أحببنا ان يكون محور الحديث عن المدرسة الامام محمد الباقر ( ع ) ، العلمية التي أساسها وحدة المسلمين على اختلاف الاراء المطروحة ، بل كان اختلاف الاراء داعي لزيادة البحث و النقاش العلمي لا من اجل الاختلاف و التناحر و التسقيط و التقاتل كما هو الحاصل اليوم مع شديد الاسف
محل الشاهد :
الإمام الباقر ( ع ) هو الإمام الخامس من أئمة أهل البيت( ع ) ، وقد تعلّم في مدرسته علماء كثيرون ، و كانت مرحلته من أشدّ المراحل التي مرّت على العالم الإسلامي آنذاك ، وهي مرحلة انتقال الخلافة من الأمويين إلى العباسيين ، و التي عاش فيها المسلمون صراعاً عنيفاً انتهى بسقوط العهد الأموي و بداية العهد العباسي .
ففي تلك الفترة ، كان الإمام الباقر ( ع ) ، ومعه ولده الإمام جعفر الصّادق ( ع ) ، يتحركان في مدرسة مفتوحة على الواقع الإسلامي كله ، فبالرغم من أنهما كانا يمثلان في موقعهما المميّز عنواناً مذهبيّاً فيما يعتقده الكثير من المسلمين بأنهما إمامان في موقع الوصاية عن رسول الله( ص ) ، لكنهما في مدرستهما الواسعة التي بدأها الإمام الباقر ( ع )، كانا منفتحين على الواقع الإسلامي كله ، فنرى أن مختلف العلماء ممن يلتزمون اجتهاداً معيناً أو يتبنّون مذهباً معيناً ، سواء كان ذلك في خطّ المذهبية الكلامية مما يختلف فيه الناس في علم الكلام ، أو المذهبية الفقهية مما يتنوّع فيه الناس في مذاهبهم الفقهية ، أو في بعض حركية المفاهيم في الواقع الاجتماعي الذي كان يعيشه الناس ، نرى أنهم كانوا تلامذة هاتين المدرستين اللتين هما مدرسة الإسلام .
ولقد كانت مدرسة الإمام الباقر ( ع ) مدرسة منفتحة على المسلمين كلّهم ، فلا تضيق بفكر يختلف عن فكرها ، و لا تتعقّد من أي سؤال ، و لا تحجب أحداً عن أي موقع من المواقع ، و نحن عندما ندرس تلك المرحلة ، فإننا نأخذ الدرس ( الإسلامي الوحدوي في المسألة الثقافية ) ، بحيث يمكننا أن نوسّع الساحة الإسلامية بعيداً عن حساسياتها و عن تعقيداتها و عن اختلافاتها ، لينطلق المسلمون مع اختلاف أفكارهم ، ليلتقوا في مدرسة واحدة ، يطرح فيها كلّ واحد فكره من دون أيّ تعقيد .
فما دام الخلاف في تحديد ما هو الإسلام في العقيدة ، و ما هو الإسلام في الشريعة ، و ما هو الإسلام في المفاهيم ، *ما دامت المسألة هي في اكتشاف الحقيقة الإسلامية من الكتاب أو السنّة* ، فلماذا يحمل المسلم في داخل نفسه حقداً على المسلم الآخر؟!
إنّ للمسلمين اجتهاداتهم ، و( للمجتهد أجران إن أصاب ، و أجر واحد إن أخطأ ) ، فلماذا هذه التّعقيدات ؟ فقد تخطئ أنت على أساس قاعدة اعتبرتها قاعدةً للحكم ، وقد أخطئ أنا ، لكن قد يكون خطئي مبرّراً عندي ، وقد يكون خطؤك مبرّراً عندك ، فلماذا لا تكون المسألة هي أن أحاول أن أدلّك على خطأ هنا ، وتدلّني على خطأ هناك .
إن مشكلة الواقع الشرقي كلّه المرتكز على الانفعال و العصبيّة ، هي ( *أنّ كلّ واحد منا يدّعي أنه يملك الحقيقة المطلقة* ) ، و لكن المسألة الواقعيّة هي أنني أدركت ما أعتقد أنه الحقيقة من خلال المعطيات التي بين يدي وقد لا تكون موجودة عندك ، و أنت أدركت الحقيقة في معتقدك من خلال المعطيات التي بين يديك ، فالمسألة هي أنه ليست هناك معطيات مطلقة في عالم الحوار ، و إن كانت هناك معطيات مطلقة في عالم الواقع يصيبها من أصابها ويخطئها من أخطأها .
اللهم احفظ الاسلام و اهله
اللهم احفظ العراق و شعبه

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار