المحلية

كونوا كالبحر فتنجحوا في سياستكم

🖋️ *الشيخ محمد الربيعي*
 [ وَ ٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ] ضربنا المثل في البحر و بينا ان الاقتداء بذلك التشبيه يتسبب في نجاح العمل السياسي ، و السؤال الذي يجول في الذهن كيف يكون ذلك ؟ واين وجه التشابه !
ان البحر ايها الاحبة الصفة الذي جعلته واسعا شامخا قويا يحتاط المحتك به عن قرب اشد احتياط هو انه ( *متواضع* ) ، فبتواضعه استطاع جمع مياه الامطار المتعالية ، و استطاع بذلك التواضع ان يجمعها كلها باختلاف ازمانها و اماكنها اليه و الى ارادته .
فالتواضع هو إظهار التنزل عن المرتبة لمن يراد تعظيمه .
محل الشاهد :
هكذا ينكشف المعنى الذي اردناه ان التكبر وعدم التواضع كان سر سقوط الحكومات للجميع .
فالساسة بمختلف مستوياتهم و مسؤولياتهم و مناصبهم ، باتوا يعرفون أن مقتلهم يكمن بعدم تواضعهم ، و مما لوحظ أن الساسة يتميزون بالتواضع قبل وصولهم للسلطة ، بل و يتمسكون بهذه القيمة العظيمة ، فيرتقون بها ، على نحو مستمر ، حتى وصولهم إلى السلطة (و هذه غاية كل سياسي) .
لكن المأزق أو المشكلة التي ستواجه الحاكم أو السياسي ، *هي عدم قدرته على استمرارية تمسكه بمن أوصله للسلطة، ونعني بذلك التواضع*، فينقلب على هذه القيمة ، و يتحوّل إلى نقيضها، فتتضخم ذاته و تُصاب بالكِبَر ، فيتنكّر للناس ، و يتعالى عليهم ، بعد أن كان واحدا منهم ، متواضعا لهم ، متعاونا معهم ، متمسكا بهم ، لكنه بعد وصوله إلى السلطة فشل في اختبار التمسك بالتواضع ، مما قاده إلى فقدان القدرة ، وبذلك أصبح طريق السقوط ممهَّدا له .
و غالبا ما تسقط الحكومات و هي تمتلك مقومات القوة ، من جيوش و تسليح وما إلى ذلك ، في حين أنها بسبب غرور حكامها و ساستها و استبدادهم ، تأخذ بالتدحرج من القمة إلى الأسفل ، لتحل محلها حكومة جديدة قد تقارب قوتها و قدرتها درجة الصفر ، و مع ذلك تزيحها عن العرش بسبب تكبّرها و طغيانها .
اذن على السياسي والحكام من اجل نجاحهم ان يكونوا ذات صفات منها :
▪️اولا : مشاورة الاخرين في قراراتهم و اعمالهم و خطواتهم و تحركاتهم وخصوصا اصحاب التخصص العلمي و العملي ، واحترام اراء الاخرين ، و بذلك يشعر الاخرين انه سياسي متواضع و يكسب حبهم و ودهم و دعمهم .
▪️ثانيا : اعتراف السياسي او الحاكم بالخطأ ان حصل و عدم التكبر و التمسك بالخطأ الحاصل منه سواء بقصد او بغير قصد ، و عدم التمسك به، إذ يوجد حكام يخجلون من الاعتراف بأخطائهم ، و كأنهم غير مشمولين بالوقوع في الخطأ ، وهو أمر يخص المعصومين (عليهم السلام ) وحدهم .
محل الشاهد :
في عودة إلى ما بدأنا به عن أسباب سقوط الحكام و حكوماتهم و ساسة ، فإن المشكلة تكمن في ذلك التغيير قبل تسلّم السلطة و بعدها ، فقبلها هم متواضعون ، يتشاورون مع الجميع بلا ترفّع، لكنهم ما أن يعتلوا مناصبهم ، و يصلوا إلى دفة الحكم ، حتى تغيب عنهم سمة ( *التواضع* )، فلا يستشيرون ، بل يستبدون ، و كذلك يعجزون عن الاعتراف بالخطأ ، و في هذا يكمن فشلهم .
نسأل الله حفظ الاسلام و اهله
نسأل الله حفظ العراق و شعبه

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار