مقالات

التحرك الاستباقي من الداخل السوري والعراقي

..

✒️ بقلم عمر الناصر / كاتب وباحث في الشأن السياسي..

جميع الدول لديها الحق بتنفيذ اجنداتها الخاصة التي تسعى من خلالها الى المحافظة على سيادتها واستقرارها الداخلي من اي اختراق او اعتداء خارجي قد يؤثر على مكانتها السياسية او الاقتصادية في المنطقة او يحاول زعزعة امنها القومي وليضعفها امام نفسها وامام الدول المجاورة ، وقد يكون ذلك من خلال اثارة المشاكل الداخلية للدول التي لها تضارب في المصالح معها او التي تشاطئها او قد يكون لديها منافسة معها لانتزاع الصدارة كدولة اقليمية تمتلك النفوذ في القيادة والريادة او لغرض لعب دور محوري في ادارة شؤون المنطقة من اجل اعلاء شأنها امام نفسها وامام الدول العالم من باب ان طموح التحكم بمفاتيح خلق وادارة الازمات هي احدى مبادئ الديمومة والاستمرارية لحماية المشاريع والمصالح الاستراتيجية والتوسعية والتي هي من حق جميع الدول التي تسعى الى تعزيز امنها القومي عن طريق فرض مبدأ المساومات مع الدول الاقليمية او عن طريق استعراض القوة وسباق التسلح لاجل احتكار صفة شرطي المنطقة .

الباحث الفطن والمراقب الحذق للاحداث يستطيع التمييز بين الدول التي تعلي مكانتها وتفرض احترامها من خلال تقوية دعائم وتماسك اركانها الداخلية وبين الدول السهلة التأثر بالظروف الاقليمية والتي تزيد من تصدع قشرتها الخارجية لتتآكل انذاك اركان بنيتها الاسمنتية ويرجع ذلك قطعاً نتيجة عدم وجود ارادة سياسية مركزية لمواجهة التحديات الدولية والاقليمية من اجل الوقوف بوجة كل محاولات خرق السيادة الوطنية.

ان تدخل الدول الاقليمية في الشأن الداخلي للدول التي تعرضت لويلات الحروب والانتكاسات والصراعات الداخلية لم يكن الا لتخطيط وتكتيك مدروس ومسبق وتعد فرصة ذهبية لاستغلال ذلك الخلل من اجل الحصول على المزيد من المكتسبات السياسية والاقتصادية او لتمرير ايدلوجيات معينة وكسب حلفاء جدد ينتجوا من الانقسام الحاصل في بلد النكبات ليكون له ابعاد واستراتيجيات ذكية تزيد الاقوياء قوة والضعفاء ضعفاً ، واحدى اهم تلك العوامل هو الاستشعار المبكر قبل حدوث الاخطار التي تكون على الحدود المتاخمة للدولتين ومحاولة دفعها لتكون ساحة الاقتتال في داخل اراضي الدولة التي تعاني من الحرب والانقسام وخطر الارهاب فتكون ارض سالحة للاشتباك وبيئة خصبة للمعارك بدلاً من ان تكون حدود واراضي تلك الدولة هي منطقة الصراع الفعلي مما يؤدي الى زعزعة الامن ووجود تهديد حقيقي للاستقرار السياسي والاقتصادي انذاك .

وماتقوم به تركيا اليوم من حملات عسكرية وهجمات جوية وقطع للاشجار في محافظة دهوك هو تجاوز على السيادة العراقية بحجة ملاحقة عناصر حزب العمال الكوردستاني PKK وهو يشبه الى حد كبير سياستها في التحرك الاستباقي للدفاع عن حدودها الاقليمية من خارج اراضيها ، وماتدخلها واجتياحها لاراضي واسعة من شمال سوريا ودعمها لبعض الجماعات المسلحة مثل الجيش الحر وتدخل قطعاتها العسكرية لشن هجماتها من الداخل السوري الى الداخل السوري بعيداً جداً عن اي ازعاج او ضجيج يؤثر على العمق التركي الا دليل دامغ على ان الاستراتيجية الحربية الجديدة تكمن اسرارها في جعل ساحة المهاجم نظيفة وبعيدة عن التأثيرات والصراعات العسكرية كما تفعل اليوم الولايات المتحدة وغيرها من الدول في منطقة الشرق الاوسط التي اصبحت منطقة لتصفية الحسابات بدلاً من تعرض شعوبهم لخطر الحروب والصراعات.

انتهى …

عمر الناصر / كاتب وباحث في الشأن السياسي .

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار