أشعارالثقافية

العراقيون والشاي

د.أمل الأسدي..

خدري الچاي خدري
عيوني المن اخدره

(سليمة مراد) بأغنيتها هذه بينت طبيعة العراقيين وحبهم للشاي،فهو أكثر من شراب منبه ساخن!! هو طقس يعبِّر عن الألفة والمحبة والاجتماع والتواصل بين أفراد الأسرة والأصدقاء،فلا يحلو الحديث إلا برفقة(استكان الچاي العراقي المهيل) حتی في أيام الصيف الحارة،
ونلاحظ كيف ربطت الأغنية بين (الچاي) و وجود الحبيب وحضوره:
هيهات أخدر الچاي بيدي واشربه
من عگب عين اهواي المن اصبه؟

وابشرعي أحرم الچاي والولف غايب
عن الشكر والچاي (جايز وسايب)

عن نفسي أحب( الچاي)جدا ولم أستبدله ـ مُتصنِّعةًـ بالقهوة وفناجين القهوة والترامس الخليجية،فأنا شديدة التمسك بالموروث بالهوية العراقية (البغدادية)،وأحب جدا طقوس (أمي)، ولا(اخدر الچاي إلا بقوري فرفوري) كما تصنعه أمي إلی الآن،ولم أستغن يوما عن (اللمپة كما يسمونها أهل الكرادة) أو (المكينة أم الفتل،كما يسمونها أهل الكاظمية) وفي غرفة الجلوس أضع ركنا خاصا للشاي،وأغيّر شكله ومكوناته تبعا للمناسبات،ففي رمضان يكون ركني بشكل آخر،وفي العيد له شكل آخر،وفي عيد الغدير وفي المحرم، وهكذا اعتدت واعتادت أسرتي وأصدقائي علی وجوده، وعلی ألوانه الزاهية.

اليوم ركن الشاي من عالم السندباد السحري،شخصيات القصص الرئيسة( السندباد،ياسمينة،علي بابا،علاء الدين،حسن) وأضفت شخصية راسخة في ذهني،إذ تعلقت بحكايتها منذ الطفولة وهي :(فتاة المغزال) تلك الفتاة التي تأتي من الفضاء الی الأرض كعقوبةٍ لإساءتها لأخيها،وامتعاضها من منادة إخوتها لها بـ (الأخت الكبری)!

لماذا أكتب عن هذا الموضوع؟
أكتب عنه لأسباب:
1ـ إنه مهم جدا،فيجب أن نحافظ علی موروثنا وهويتنا،ونواجه التغريب والغزو الثقافي الرهيب الذي نتعرض له.
2ـ يجب أن نلتفت إلی أفلام الكرتون الموجهة إلی أطفالنا،فهي ترسِّخ فيهم العدوانية والعنف وقلة الذوق والأنانية،وتسعی لغرز مفهومات غير صحيحة في أذهانهم،وتغرِّبهم،وتمسخ هويتهم علی الأصعدة كافة،حتی أسماء الشخصيات بعيدة عن مجتمعنا،وبعيدة عن الأسماء ذات المدلولات الرمزية الإيجابية فـ (سفيان ومروان وهند وسعود…الخ) يظهرون لأطفالنا علی أنهم دعاة خير،فينشأ الطفل متآلفا مع هذه الشخصيات،وهو بذلك ينشأ نشأةً غير سليمة وبعيدة عن الحق والمنطق والإنسانية!! لذا أنا أحرص علی انتقاء ما يشاهده أطفالي،فأعرض لهم(السندباد،نيلز،فلونة،سالي…الخ)كي أحافظ علی ذوقهم ونشأتهم الصحية السليمة،بعيدا عن أمراض التوحد المنتشرة هذه الآونة بسبب قنوات الأطفال.
٣- في كل البلدان تُعدُّ الأعمال اليدوية مهمة جدا،وأسعارها مرتفعة،فهي مادة حيّة،صُنعت بروح بشرية،وهي في الغالب تكون مرتبطة بثقافة البلد وموروثه،وهنا أعني ظاهرة الرسم اليدوي علی الأطباق والآواني الزجاجية،وأكثر ما يُرسم هو (البغداديات والشناشيل)،تُرسم بطريقة جميلة جدا،وبألوان زاهية،تبعث الأمل في النفوس،وتنشر البهجة.
اليوم (ركن السندباد ) الذي سأضيف صوره ،هو فكرتي،والعمل من صفحة: الخاتون بازار نوري العذاري، العمل جميل؛لكن لم يُنفذ بالشكل الذي طلبته،فكنت أريد أن يظهر جزء من الشناشيل البغدادية الی جانب شخصيات السندباد،وكنت أريد نوعا آخر من الأباريق،علی كلٍّ… الالتزام بما يطلبه الزبون،يكون لصاحب المتجر ولصالحه!!
وتبقی أفضل صفحة متخصصة في الرسم علی الزجاج،صفحة تركواز للاعمال الفنية فضلا عن التزامها بما يطلبه الزبون،وذوقها العالي في تنسيق الألوان،وبعد مدة وجيزة سأنشر لكم ركن (عيد الغدير) وترون عملها.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار