مقالات

مكاتب المفتشين تبحث عن تعيين !؟

✒️بقلم عمر ناصر / كاتب وباحث في الشأن السياسي

ً لاتختلف مفاهيم ومبادئ الدولة المدنية عن الثوابت التي جاءت بها جميع الرسالات السماوية اذا ما تم تطبيقها بشكل يضمن عدم المساس بالقيمة العليا للأفراد والصفات العليا للبشرية فكل مايناغم المنطق هو مقبول وكل ما يرفضه العقل هو ممنوع وقد يكون الدين هو الرادع الرئيسي والجامع الاوحد لكافة المفاهيم التي تنضوي تحت لواء مفهوم الحرام والجميع يتفق ان من ضمن التصنيفات التي تنضوي تحت لواء هذا المفهوم هو الفساد .

الفقه التجاري يعتمد مبدأ النجاح و اهمية حنكة الادارة في قياس النسبة المئوية للارباح المتحققة من الانجازات والجدوى الاقتصادية لاي مشروع ناجح يقاس بنسب تلك الارباح ودورها في تغطية تكاليف التشغيل للست اشهر الاولى من المشروع والقياس مع الفارق اما الفساد فهو موضوع شائك وحساس يتعلق بسيادة الدولة وامنها القومي واستقرارها .

لا يوجد جهاز رقابي في العالم يكون نقياً مئة بالمئة ولاتتخلله الشوائب او الاخطاء واذا ما اردنا المجيئ للواقع واخذنا مفصل من تلك المفاصل الرقابية لدينا ونمعن النظر فيه وندقق في حيثياته قد نجد بلاشك هنالك شبهات فساد لدى بعض موظفي ذلك الجهاز ومثال على ذلك موظفي مكاتب المفتشين العموميين او قد يكون لدى بعض المفتشين وهذا لايعني ان المنظومة الرقابية فاسدة بالكامل واذا كانت المجاملات السياسية تلعب دور في هدر الاموال و عمليات الابتزاز التي يقوم بها البعض من اعضاء السلطة التنفيذية او التشريعية فذلك لايعني ان الملاك البالغ عدده بحدود عشرة الاف موظف كلهم فاسدين.

لننظر بعين الانصاف ونقيم حجم الجهود التي تحققت في منع الهدر او استرجاع الاموال المسروقة مقارنة مع ما صرف على تشغيل مثل هكذا اجهزة كانت تعد عمود فقري لهيكل بناء الدولة وقوة ساندة لعمل السلطة القضائية ولنضرب مثالاً في نموذج واحد منهم على الاقل ولنقيم مثلاً المبالغ المستردة والممنوعة الصرف والموصى بأستردادها في وزارة الداخلية التي تبلغ تقريباً ١١٩ ترليون دينار اي بما يعادل ١٠٠ مليار دولار بينما مجموع الميزانية التشغيلية لعمل مكتب المفتش العام هي ٨٠٠ مليار دينار اي ما يعادل ٦٥٠ مليون دولار في وزارة الداخلية حسب ماتم تداوله من لسان السيد جمال الاسدي المفتش العام الاسبق في الوزارة ناهيك عن بقية وزارات ودوائر الدولة الاخرى .

المنصف اليوم من يرى الحقائق بعين وماتم تقديمه من انجازات في ردع الفساد بالعين الاخرى ولا يغض الطرف عن ادلة دامغة تنصف ماقدمت هذه الشريحة من تضحيات وتهديدات بالقتل والتصفية الجسدية نتيجة مهمتهم في كشف ملفات الفساد واحالة المقصرين الى النزاهة تمهيداً لتقديمهم الى القضاء لذلك ينبغي ان يكون هنالك اعادة نظر بقرار تفكيك تلك المكاتب او بالامكان زجهم واندماجهم داخل مؤسسات السلطة الرقابية او هيئة النزاهة لأكمال مشوارهم في مكافحة الفساد وبناء دولة المؤسسات .

ان عملية القضاء على الفساد هو ضرب من ضروب المستحيلات حتى لو كان ذلك في اكثر الدول المتحضرة والمتقدمة لان الفساد اليوم مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالاجندات الخارجية وبالارادات السياسية الدولية وغسيل الاموال وله امتدادات عميقة بالمافيات الدولية خصوصاً ان اي محاولة للقضاء عليه او كبح جماحه في داخل اي جهاز رقابي هذا يعني اصطدام وتهديد لوجود المنتفعين من ديمومته وان حصل اخفاق او تقصير في تنفيذ المهام او تشخيص الاخطاء فهذا لايعني بالضرورة وجود تقصير شامل او فساد كلي في عمل هذه الاجهزة الحساسة مما يستدعي الاستغناء عنها وإلغائها بل ينبغي اولاً عدم القيام بأي تحرك استباقي ضد هذا المفصل قبل تظافر الجهود لمحاولة اصلاح الخلل الحاصل هناك قبل الاجهاز عليه وتدميره بالكامل.

عمر ناصر / كاتب وباحث في الشأن السياسي

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار