العربي والدولي

هل حلّ موسم حصد العاصفة في الاراضي المحتلة؟

((وان_بغداد))
مجريات اليومين المنصرمين في الأراضي المحتلة، أثارت هلعاً وقلقاً واسعاً في أوساط المواطنين، خصوصاً بعد حالة التخبّط التي عاشتها سلطات العدو، إذ تضاربت الأنباء حول سبب الانفجار، قبل صدور تصريح مقتضب مشكوك بصدقيته لجيش الاحتلال يوضح ما حدث، فيما انهالت موجة من الانتقادات على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

الراوية الاعلامية الصهيونية للحادث، على رأسها أطروحة صحيفة “هآرتس” البارزة ذكرت عصر يوم الاربعاء، أن انفجارا مروعاً وقع في مصنع “تومر” لمحركات الصواريخ جنوبي الاراضي المحتلة، وهذا الحادث وقع قبل يوم من حادث فجر الخميس، وعادت هذا المنصات الاعلامية نفسها لتعلن في حوال الساعة 1:20 من صباح أمس الخميس – بتوقيت تل أبيب – أن صاروخا سقط بالقرب من مفاعل ديمونة النووي.

وبينما ضجّت وسائل الاعلام بالحادث، قال أفيغدور ليبرمان رئيس حزب “يسرائيل بيتنا” المعارض لرئيس الوزراء المكلف بنيامين نتنياهو، في تغريدة له عبر صفحته الخاصة على “تويتر”، تعليقاً على الانفجار الذي وقع صباح امس قرب مفاعل ديمونة: كان “من الممكن أن ينتهي سقوط صاروخ برأس حربي يزن 200 كلغ على إسرائيل بشكل مختلف”.

في الوقت نفسه؛ أقرّ جيش الإحتلال رسمياً بفشل دفاعاته الجوية في اعتراض وتدمير الصاروخ، حيث كتب الناطق باسمه للإعلام العربي، أفيخاي أدري ، على حسابه على تويتر، أنه لم يتمكن من اعتراض الصاروخ السوري.

من الواضح أن هذه العواصف، سواء أصبحت إعلامية أم لا، هي نتاج الرياح التي زرعها نتنياهو خلال فترة ولايته، والآن حان وقت الحصاد، سواء كان في سياق سعيه للحفاظ على منصبه أم في إطار البحث عن ثقب في الجدار ليهرب من محاكمته بتهم الفساد وتهم اخرى تتعلق بالاقتصاد، حصاد بدأت تتكشف ملامحه يوما بعد يوم.

حذّر العديد من السياسيين والاستراتيجيين الإسرائيليين مرارا وتكرارا من ضعف الاحتلال في جغرافيته الصغيرة والتفاف حركات المقاومة حول رقبته، مؤكدين على اقتراح استراتيجي هام، مفاده ان على نتنياهو أن لا يلحق ضررا مباشرا بمصالح الكيان الصهيوني عبر اصراره على تأجيج التوترات والشررو في المنطقة.

الجدير بالملاحظة؛ هو أنه بالنسبة لجميع المهاجرين المستقرين في الأراضي المحتلة الذين قدموا إليها من مختلف أنحاء العالم بحثًا عن حياة أفضل وأكثر أمانًا، فإن الأمن هو الأولوية الرئيسية والحاجة الحيوية لهم، وإذا تم انتهاك هذا المبدأ، فلن يكون لهم أي انتماء لهذا الكيان المصطنع، ولن يكون لديهم أي دافع لدعم هذا الكيان الغاصب.

الآن، التهديد الرئيسي لوجود هذا الكيان المزيف هو الصراعات الاجتماعية والاقتصادية والدينية المحتدمة التي ستستمر في تأجيج الوضع الحالي وزيادة انعدام الأمن، وعلى الرغم من أن جوهر وماهية “إسرائيل” تقوم على أساس انعدام الأمن، إلاّ أنها لن ترى الأمن أبدا.

بغض النظر عن التداعيات الأمنية للأحداث الأخيرة، أدى وهن العدو الصهيوني استراتيجياً، إلى تشكيل انقسامات قوية داخله، وفي الوقت نفسه، زادت الاحتجاجات اليومية في مدن مختلفة ضد نتنياهو من الضغط عليه.

من ناحية أخرى؛ وبحسب جيش الاحتلال، فإن الصاروخ الذي أطلق على ديمونا تمكن من اختراق منظومة القبّة الحديدية دون إمكانية اعتراضه، وانفجر في السماء عشية ضرب المجمع بشكل آلي، دون أن تلعب أي أنظمة دفاعية دورا بهذا الامر. وهذا يدل على أن الصاروخ كان قادر على إصابة مفاعل ديمونا، لكن لم يحدث ذلك لأي سبب من الأسباب.

هذان الحدثان المهمان للغاية، وهما الانفجار في مصنع “آرو” لإنتاج صواريخ الدفاع الجوي، والذي يعدّ العمود الفقري للدفاع الصاروخي ونظام القبة الحديدية، إلى جانب الضربة الصاروخية بالقرب من ديمونا، بالتأكيد لهما رسائل واضحة للقادة الأشرار في الكيان الصهيوني، رسائل تؤكد أن استمرار ممارسة الشرور في المنطقة يمكن أن تكون لها أثمان كبيرة جداً وأكثر خطورة على هذا الكيان.

لقد تغير وضع نتنياهو بشكل كبير منذ “عهد مابعد ترامب”، وباتت الامور قاتمة بالنسبة لطموحاته الخبيثة، إذ انتهجت ادارة بايدن سياسة “شدّ اللجام” تجاه إسرائيل بشكل علني، ومنعت الاحتلال و”ان كان موقف نابع عن غير قناعة مطلقة” من مواصلة السلوك الشرير الطائش والمكلّف جدا كما في السابق.

نقلت الإدارة الأمريكية الجديدة ضمنياً رسالة للاحتلال الاسرائيلي، تؤكد له فيها أنها وفي ظل الظروف الجديدة غير مستعدة لدفع التكاليف السياسية والأمنية الباهظة للتعنّت والعنجهية الإسرائيلية، ولن تدعم أي عمل تصعيدي جديد.

على أي حال، يبدو أن حماقات نتنياهو وأفعاله الشريرة، التي اتبع فيها نهج حماية “المصالح الشخصية” والبقاء في السلطة حتى الرمق الاخير، قوّضت بشدّة “الأمن” الذي يعدّ التركيبة الأساسية لوجود الاحتلال الاسرائيلي، لاسيما وأن نسيجه الاجتماعي متباين للغاية، كما ان هذا النهج الطائش أضعف موقعه في السلطة بشكل كبير، إذ تتصاعد الاحتجاجات على سوء إدارته يوما بعد يوم.

إذا فشل “الذكاء السياسي المحدود” لنتنياهو في فهم رسالة الحادث الأخير، وعلى رأسها ان هذا كيانه الغاصب أوهن مما يعتقد بكثير، ولن يكون قادرا على حماية البنى التحتية الحيوية في حال وقوع حرب، فمن غير الواضح ما إذا كانت هناك فرصة في المستقبل لتعويض أخطاء اليوم.
نورنيوز

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار