مقالات

أيامك في الكلية

هادي جلو مرعي..
أن تمر مسرعا بسيارتك من أمام بوابة الكلية فهذا يعني أنك تهرب من وجع الذكريات، وليس لأنك غير مهتم. أنت تهرب لأنك لاتريد أن ترى ذلك الباب الذي كنت تدخل منه أنت وزميل وزملاء وزميلات وأنت تتكلم معهم متجها الي الباحة، أو الحديقة، أو نادي الكلية، أو مسرعا نحو قاعة المحاضرات، وتتذكر كيف كانت طالبات الكلية يدخلن مستعرضات كأنهن بجعات في بحيرة هادئة.
مجتمع االمدرسة الإبتدائية بداية التكوين، والمتوسطة نمو متدرج، بينما الثانوية تأهيل متقدم، والكلية نضج وتحول نحو الحياة العملية، وكأنهم لايعطونك دروسا، بل يضعون لك بعض العلامات لتسير نحو غايتك، ثم يطلقون لك العنان لتلج عالمك الخاص، وتتحدى الحياة والزمن، فتنجح، أو تتعثر، تطوي ذكرياتك، لكنها تنفجر في وجهك، سعيدة في مرة، غاضبة في مرة، هادئة في أحيان، تبتسم لها، تحزن، تصمت، تبكي، تخنقك عبرة، تتداعى صور من أحببتهم ومن كرهوك، ومن أغضبوك، تركض صور الذين تركوا فيك ندبا في القلب والعقل.
تثيرك كل صورة، وكل كلمة تتذكرها، وكل موقف، وحين ترى فجأة أحدهم على الفيس بوك، أو في شارع، أو في مكان ما تصدم وتشعر بالسعادة، فتهتز أعماقك من وقع الذكريات، وحين يتصل بك أحدهم من ذلك الزمن الجميل تتمنى لو يعود معك الى هناك، ولكن هيهات. فما مضى قد مضي، ولن يعود، وحين تعرف مكان أحدهم في وظيفة، او في سوق، تفتعل الأسباب لتلتقيه وتجالسه، وحين تكتشف أحدهم علي الفيس بوك تكتب له، وتجمع ماتكسر من خلايا الذاكرة لتستعيد معه الذكريات.
ذكرياتكم من أيام الكلية واحدة، برغم إختلاف وجوهكم وأسمائكم ومدنكم ومذاهبكم وقبائلكم لأن مافي نفوسكم وعقولكم من تلك الذكريات واحد، وترك ذات الاثر، وربما الوجع.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار