المحلية

حرية التعبير، مكتسبنا المفقود

ـــــــــــــــــــــــــ
د. أمل الأسدي
الحرية، والتحرر، حقوق الإنسان الديمقراطية، تلك المصطلحات التي فرحنا بها كثيرا بعد سقوط نظام البعث الأموي، الذي عكف علی تكميم الأفواه وإخماد الأصوات إلی الأبد، فلا اعتراض علی حكمه، ولا راد لقضائه الإجرامي إلا الله تعالی!!
سقط الصنم لينفتح  لنا باب حرية التعبير عن ذاتنا ومشاعرنا ومشكلاتنا وهمومنا وماضينا المضمخ بدماء الشهداء، وكانت هذه الحرية، هي المكتسب الأول لنا، إذ أحسسنا بوجودنا كبشر، كمواطنين لهم حقوق، يستطيعون التحدث والتعبير، شعرنا بقيمة  وجودنا وشعرنا بأهمية الحيز الحياتي الذي نشغله!!
وفرحنا كثيرا بالفضائيات والصحف الكثيرة ومواقع الانترنت،إذ صارت لنا صحافة حرة ،لاتتبع  النظام الحاكم، وصارت لدينا قناة تمثل الدولة لا الحكومة واستبشرنا خيرا بذلك، وأقبل الشباب علی الدراسة في كليات الإعلام وأقسام الإعلام بشكل ملفت ومن كلا الجنسين ، وكل هذه المؤشرات صحية وصحيحة، تدل علی خلاصنا من عصر القيود البعثية الأموية.
كتبتُ هذه الكلمات بعد محادثة مع صديقتي، كانت تروي لي أن زوجها صحفي،يتحدث بجرأة ، لايبالي ولايخشی في الله لومة لائم، وأنه يدرك جيدا  السياقات الإعلامية ويعرف مديات التعبير المتاحة علی وفق القانون، فضلا عن ذلك فهو شخصية وطنية وصوت نقي محب لبلده وأهله… تتحدث بصوت مرتجف، يمزج بين  رعشة الخوف ولذة الفخر والزهو، ولاسيما وأن التكنولوجيا ووسائل  التواصل  الاجتماعي قد أتاحت لنا التعرف علی المشاعر طازجة، نشم رائحتها كرغيف ساخن خبزته يد المحبة!!
قالت لي: حين رأيته  في لقاء وصوته يصدح بالحق،؟سارعت لألتقط له بعض الصور، كي أطلعه  عليها لاحقا فيعلم بمدی  حبي له واهتمامي به، وإيماني به!!
تقول: فأخذت له مجموعة من الصور ثم عدت إلی مكاني، جلست أتابعه، أتابع ودموعي تسيل من دون استئذان!!  مشاعر غريبة لايعلمها الا الله تعالی، فرح وحزن في آن واحد، سعادة وألم،نشوة وقلق، أمان وضياع!!
قالت لي هذه الكلمات وانفجرت بالبكاء!!
تركتها لترتاح قليلا وسرحت وكأني في غيبوبة رمادية!!
إذ انتبهت الی قضية مهمة ألا وهي: مكتسبات ما بعد 2003، فالمكتسب  الأول الذي فرحنا به وهو (حرية التعبير) صار مفقودا!!
غادرتنا  الحرية وعمت بدلها الفوضی العارمة في كل شيء!!  إنه عصر الردة  البعثية!!
ماذا يجري؟ هل يعقل بعد ثلاثة عقود من ظلم العفالقة، وبعد سنوات من التضحيات والبطولة والمواجهة والانتصارات عدنا الی عصر الملاحقات والتهديدات والتصفيات والتقارير البعثية؟؟
يا سادة، طالبوا بحريتكم .فإنها إن سُلبت هذه المرة ، لن تعود !!!
لا لعودة ملاحقات البعث!! يكفي علينا الحرمان وغياب الأمن واستهداف الرموز ونحيب الأمهات وصراخ اليتامی!! لن نسمح بمصادرة أصواتنا من جديد!!
كلا ثم كلا ثم كلا ، لا لعودة النظام العفلقي وإن كان بزي آخر!!

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار