الثقافية

دار المأمون للترجمة والنشر: وداعاً لدار الإبداع والمبدعين

مها محمد حسن..

الترجمة فن وذوق ومهارة وإحساس مرهف وتذوق للنص المراد ترجمته، وإلمام باللغة الأم، وبالأخرى المراد الترجمة منها. وعندما تغيب إحدى الشروط، يضعف النص المترجم، ويبرز الإخفاق في النقل حتى يبدو النص مبهما ومترجما بالفعل.
والمعروف إن مهارة المترجم المحترف تكمن في جعل القارئ يدرك انه أزاء نص يكتبه المترجم نفسه، لا ينقله. وبذلك برز مترجمون عمالقة في العراق والوطن العربي من الذين تركوا بصمة واضحة في سماء حركة الترجمة لأمانتهم وحرفيتهم في فهم النص واستيعاب معناه قبل الشروع في نقله.
والحديث عن الترجمة يقودنا إلى الحديث عن دار المأمون للترجمة والنشر، هذه الدار التي احتلت الموقع الذي تستحقه، واستقطبت أقلام عدد كبير من أفضل مترجمي العراق، من الذين تخلدت أسماؤهم وإمكاناتهم من خلال سيل أعمالهم التي أغنت المكتبة العراقية والعربية بكتب رصينة ما كان للقارئ الذي لا يجيد لغة أجنبية أن يحلم بالاطلاع عليها. وقد لاقى هؤلاء المترجمون الكثير من المصاعب، أولها إيجاد النص الذي يستحق الترجمة، مرورا بالأشهر الطويلة التي يمضونها حتى إنجاز أعمالهم، وعملية النشر وصعوبتها، ناهيك عن ضآلة المردود المالي الذي يأتي بعد العناء الطويل في التفكير باختيار الكلمة الأنسب، والجملة الأحلى.
لقد نجح مترجمو الدار في إصدار مجلة المأمون للدراسات والبحوث، التي تشرفت بإدارة تحريرها لثمان سنوات، وأصبحت المجلة في وقت قياسي اسما لامعا بين المجلات المتخصصة بالدراسات المترجمة في العراق والوطن العربي، ونجحت في استقطاب أقلام خيرة المترجمين المتخصصين باللغات الأجنبية كافة، ونشرت ملفات عن الترجمة في كل عدد، فكانت الترجمة الإستراتيجية، الترجمة الآلية، الترجمة الإعلامية مصادر يلجأ إليها طلبة الدراسات العليا في العراق. وشهدت مجلة كلكامش باللغة الانكليزية نجاحا كبيرا حيث أصدرت ملفات حول مدن العراق وتاريخها وحضارتها. أما مجلة بغداد الصادرة باللغة الفرنسية، فقد نجحت في إصدار التحقيقات والمواضيع الثقافية الهادفة، حتى إن أساتذة فرنسيين أصبحوا من أهم كتابها. ونجح كادر الترجمة في الدار في ترجمة روائع الكتب العالمية المختصة في الأدب والسياسة والفلسفة. وأصدرت الدار أيضا نشرة شذرات من دار المأمون التي جاءت ناطقة بما أدته الدار. كما نجح المترجمون الفوريون في الدار في الترجمة الفورية للعديد من المؤتمرات التي شهدها العراق، وأنجزوا أعمالهم بحرفية ونجاح منقطع النظير.
وبرز مترجمون عمالقة حصدوا جوائز إبداع من وزارة الثقافة لمرات عدة، أمثال الأستاذة فوزية ناجي، محمد درويش، مها محمد، محمد كاظم، سناء المشهداني، إيمان علي، أركان بيثون، إشراق العبادي وغيرهم، ليس هذا فحسب، بل إن دار المأمون شهدت بزوغ مواهب إعلامية من موظفي الدار، نجحت في رسم بصمة متميزة لها في ميدان الصحافة والإعلام أمثال الأستاذ عباس الخفاجي والأستاذ حسين الخفاجي.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار