مقالات

كتب الصحافي هادي جلو مرعي مقال بعنوان “خطية”

هادي جلو مرعي..
من مساوئ طيف مهم من الشعب العراقي إنه يتعلق بالأشخاص، ويشاركه في ذلك كثير من العرب والمسلمين، لكن العراقيين يتميزون بالتصعيد في مشاعرهم وتعلقهم بالوجدانيات، فيتخيلون الزعامات لايأتيها الباطل من بين أيديها، ولامن خلفها، ولها تخضع بقية العناوين والجزئيات الصغيرة، ولذلك فهو يتنازل عن حقوق كثيرة في مقابل المعنويات التي يتلقاها بهدوء، ثم يتمرد عليها، ولكنه لايفعل شيئا، وليس له سوى الصراخ والعويل، ثم الحديث الطويل عن أمنيات ومطالب وقضايا، ولايتحقق منها شيئ على الإطلاق، أو يتحقق ولايكون مجديا، وفي الغالب يكون الأمر تحت يافطة “خطية” التي تعني التعاطف الحزين مع شخص ما يتعرض لمشكلة، أو ألم، أو معاناة، لكننا في العراق نستخدم”خطية” بطريقة كارثية ومأساوية، ونمنح التوصيف حتى للأغنياء والمترفين والذين يحصلون على مكاسب، فيقول أحدهم، لي صديق” خطية” حصل على مبلغ جيد من المال! أو أن يقول أحدهم” خطية” صديقي راح يتزوج، أو “خطية” حصل على وظيفة محترمة، وخطية البنت الحلوة بقريتنا جاها نصيب زين، وخطية العريس جاب لها ذهب كثير، أي خطية العريس كلش غني وقادر ومن عائلة خطية أغنياء.
الخطية ليست كالخطأ والخطيئة، برغم إن الخطية شخص قد يكون إرتكب خطأ ما أوقعه فيه سوء الحظ، أو النية المبيتة، وتحول بموجبه الى خطية لأنه صار عاجزا غير قادر على فعل شئ، أو إصلاح ذاته، أو حاله، والخطية عندنا كما أسلفت تستخدم في غير محلها كان نقول،
خطية فلان صار وزير، وخطية فلانة تزوجت، ولقيت إبن حلال، وخطية المدير العام إشترى بيت، وخطية وكيل الوزير نقلوه الى منصب آخر، وخطية السيد النائب قللوا عدد حمايته من ثلاثين الى عشرين، وخطية السيدة النائب فلانة الفلاني أجرت عملية تجميل في بيروت، وخطية السيدة النائب إشترت قطعة أرض بمبلغ مليار دينار وووووو. تحدث أحدهم لصديق له وكنت أستمع لهما، قال، عندي إبن أخت خطية طلع الى أوربا، وإستقر في الدنمارك، خطية حصل على وظيفة جيدة، وخطية الدنماركيين ساعدوه كثيرا، وخطية زوجته كانت حامل وعندما جاءها المخاض خطية الأطباء والطبيبات بمستشفى بكوبنهاكن أولوها عناية فائقة، حتى إن إحدى الممرضات خطية كانت تسهر على راحتها، وتعاين وضعها، وتراقب الرضيع في الليل والنهار حتى خرجت من المستشفى للنقاهة.
ويضيف، خطية إبن أختى إشترى شقة بالدنمارك، وخطية حصل على سيارة بسعر ملائم، خطية هو يرسل فلوس لأهله في بغداد، وخطية أمه صارت تلعب بالفلوس لعب، وخطية أخوته تزوجوا وإستثمروا الأموال التي أرسلها لهم خلال السنوات الماضية، ورغم ذلك لم يؤثر فيه ان يدرس وقد حصل خطية على الماجستير، ثم حصل خطية على الدكتوراه، وخطية بدأ يحاضر في مختلف الجامعات هناك.. خطية.
خطية الشعب العراقي طلع تظاهرات، وخطية الريس قال لهم سأكون معكم، وخطية الكتل السياسية أيدت المطالب المشروعة، وخطية البرلمان فقد إبتلاه الله بشعب لايقتنع بشئ، فهاهو يطالب بالماء والكهرباء. خطية

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار