مقالات

رئيس الوزراء المرشح

محمد عبد الجبار الشبوط..
في سياق الاستعداد للانتخابات، اخذت بعض القوى السياسية تعرب عن توجهاتها بشأن منصب رئيس مجلس الوزراء. وهذه ظاهرة صحيحة بالمعايير الديمقراطية السليمة، رغم انني ارى ان النظام السياسي الحالي لم يعد ديمقراطيا استنادا الى نفس هذه المعايير.
فقد اعلن التيار الصدري رغبته في ان يكون رئيس مجلس الوزراء من التيار الصدري. ويبدو ان رئيس كتلة دولة القانون نوري المالكي هو الاخر يرغب بتولي هذا المنصب.
واعلان كل كتلة انتخابية مرشحها لهذا المنصب يجعل الانتخابات اكثر وضوحا وشفافية. فمع غياب البرامج الانتخابية الجادة، لا يبقى الا شخص رئيس الوزراء معيارا للتفاضل بين هذه القوائم. ويستطيع الناخب، الذي لا يملك مؤشرات اخرى للتفضيل، ان يعطي صوته لرئيس الوزراء المرشح. وحبذا لو اعلنت كل القوائم الانتخابية من الان اسم الشخص الذي تفضله وتدعمه لتولي هذا المنصب. ويستطيع هؤلاء الاشخاص ان يعدوا خططهم وتصوراتهم لحكم العراق من الان، بالاستعانة بالخبراء، كل في مجاله، وان يعلنوا عن هذه الخطط من الان، لكي يكون من المتاح للناخبين الاطلاع عليها في وقت مناسب، وتقييمها، وتحديد موقفهم منها.
نعرف ان المنافسة الحقيقية في الانتخابات هي على منصب رئيس مجلس الوزراء الذي جُعل محصورا بالشيعة وفقا لنظام المحاصصة الطائفية المعمول به في العراق. وبيّن الدستور الية الفوز بهذا المنصب في المادة ٧٦ التي تقول:”يكلف رئيس الجمهورية، مرشح الكتلة النيابية الاكثر عدداً، بتشكيل مجلس الوزراء، خلال خمسة عشرَ يوماً من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية.” وقد حصل كلام كثير ولغط هو مصطلح “الكتلة النيابية الاكثر عددا” حسمته المحكمة الاتحادية حين اعلنت ان المقصود هو الكتلة التي تشكل بعد اعلان نتائج الانتخابات. وقد تكون هذه الكتلة قائمة انتخابية واحدة او عدة قوائم فائزة تأتلف بعد تشكيل الانتخابات وانعقاد الجلسة الاولى لمجلس النواب الجديد. ولم يكن واضحا من هي “الكتلة النيابية الاكثر عددا” التي جاءت بعادل عبد المهدي ومصطفى الكاظمي الى سدة المنصب.
لكن الاهم من ذلك هو ان رئيس الوزراء المرشح سوف يحتاج الى الاغلبية المطلقة من اصوات النواب لتولي المنصب حيث تنص المادة المذكورة على ما يلي:”يعرض رئيس مجلس الوزراء المكلف، اسماء اعضاء وزارته، والمنهاج الوزاري، على مجلس النواب، ويعد حائزاً ثقتها، عند الموافقة على الوزراء منفردين، والمنهاج الوزاري، بالاغلبية المطلقة.” وهذا يعني ضرورة موافقة نصف عدد النواب زائدا واحد على رئيس الوزراء المرشح. وهذا الشرط اهم من شرط الكتلة النيابية الاكثر عددا. وعادة يتم استكمال العدد، بعد احراز الاصوات الشيعية، من خلال مساومات سياسية مع النواب الاكراد والسنة، بعد ان يضمن كل فريق حصته من الدولة، كما قال محمود المشهداني في احدى مقابلاته التلفزيونية. ودلت التجارب السابقة على ان المساومات التي تسبق جلسة التصويت تستغرق وقتا طويلا من اجل تأمين الاغلبية المطلقة اللازمة لتمرير رئيس الوزراء المرشح. وهي مساومات لا تتعلق بالخدمات والبرامج وانما بالحصص والمكاسب، كما هو معروف. وهذا كله من عيوب النظام السياسي الحالي الذي يتحكم به عدد محدود من الرجال غالبا ما يتفاوضون و “يتعاملون” وراء الكواليس وخارج قاعة البرلمان.
وكنا سنكون في غنى عن كل هذا لو كان قانون الاحزاب وقانون الانتخابات قد صمما بطريقة تفتح الطريق امام بروز حزب واحد كبير او حزبين كبيرين يستطيع احدهما تأمين الاغلبية المطلقة، فيما يكون الحزب الاخر معارضا يستطيع ان يشكل “حكومة ظل” تتولى المحاسبة الجادة للحزب الحاكم في البرلمان. لكن عيوب التأسيس مازالت تمنع النظام السياسي الحالي من تحقيق هذه النتيجة.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار