المحلية

خبراء ينصحون بقراءة ومعرفة صلاحية التطبيقات التي يحملّها الناس

(وان – متابعة))
شكلّت قضية تحديث سياسة الخصوصية لتطبيق “واتساب” التي شغلت العالم الرقمي خلال فترة الاسبوعين الماضيين، وما رافقها من جدل كبير ورفض لهذا التحديث الذي تضمن عامل “الاجبار” للمستخدمين لقبوله، دافعا لزيادة وعي المستخدمين بمفاهيم خصوصية البيانات والامان الرقمي وتعميق فهمهم لما يسمى بسوق البيانات الضخمة التي تعدّ مصدر ايرادات اساسي لكل التطبيقات العاملة في مضمار التواصل الاجتماعي والتراسل.
ودفعت هذه القضية المستخدمين – بحسب ما يرى خبراء محليون – الى المناقشة والبحث عن بدائل جديدة للتطبيق، وعقد مقارنات بينها على مستوى سياساتها لخصوصية البيانات ومقدار البيانات التي يطلبونها ويعتمدون عليها لتقديم الخدمة.
ويرى الخبراء ان قضية الواتساب سلطت الضوء على اهمية ان يراجع ويدرس كل مستخدم سلوكه الرقمي ووجوده على هذه المنصات وحصر المعلومات الشخصية التي يمنحها للاخرين في عالم رقمي يعج بالكثير من المخاطر الامنية.
ودعا الخبراء المستخدمين الى بحث ودراسة التطبيقات التي يحملونها على هواتفهم الذكية، او على الاقل قراءة ومعرفة الصلاحيات التي يمنحها المستخدم لهذه التطبيقات والبيانات التي يوافق على منحها للشركة صاحبة التطبيق، مؤكدين اهمية التعامل واستخدام التطبيقات التي تفيد في الحياة اليومية والعملية والاقل جمعا للمعلومات والبيانات في الوقت ذاته.
وأرجأ تطبيق “واتساب” الجمعة، تعديل شروط خدمة التطبيق عقب احتجاجات المستخدمين.
وأكدت الشركة التابعة لفيسبوك، أنه لن يتم تعليق أو حذف أي حساب في الثامن من فبراير(شباط)2021.
وأشارت إلى أنها ستبذل جهدا أكبر لتوضيح المعلومات الخاطئة بشأن سياسة الخصوصية والأمن الجديدة، مؤكدة أن التحديث الأخير يوفر شفافية أكبر حول طريقة جمع البيانات واستخدامها، ولا يوسع قاعدة مشاركة البيانات مع فيسبوك.
وقال المدير التنفيذي للجمعية الاردنية للمصدر المفتوح عيسى المحاسنة، ان التكنولوجيا ووسائل التواصل والتطبيقات الذكية اصبحت جزءا من حياتنا اليومية وجزءا من التحول الرقمي الذي تعيشه وتتجه اليه معظم القطاعات الاقتصادية، وهذه الوسائل لها ايجابياتها وسلبياتها، لذا علينا ان نعمل على تعظيم فوائدها وايجابياتها والتقليل من سلبياتها.
واكد ان حماية البيانات الشخصية هو موضوع اساسي في حياتنا الرقمية، وعلينا حمايته حتى لا نقع ضحية للاستغلال او الضرر الاقتصادي والاجتماعي، لافتا الى ان قضية الواتساب الاخيرة اسهمت بشكل كبير في زيادة وعي الناس على المستوى المحلي باهمية الحفاظ على البيانات الشخصية والبحث عن بدائل جديدة من التطبيقات التي لا تجمع بيانات كثيرة عن المستخدم مثل تطبيق ” سينغال” الذي اتجه اليه الكثير من الناس حول العالم خلال الاسبوعين الماضيين لاستخدامه بديلا عن ” الواتساب”.
وبين المحاسنة أن الجمعية عملت منذ سنوات على تشجيع المواطنين على استخدام تطبيق “سيغنال”، كونه لا يشارك بيانات المستخدم الشخصية مع اي جهات اخرى، كما أنه يعد تطبيقا مفتوح المصدر بمعنى أنه يمكن الباحثين وعلماء الحاسوب التحقق من أمانه والاطلاع على آلية عمله، وفي حال اكتشاف اي ثغرة علمية يمكن حلها بسرعة على خلاف “واتس اب”، إضافة الى انه يتبع لمنظمة غير ربحية بخلاف “واتس اب” الذي يتبع لـ “فيس بوك” التي يعد جزءا اساسيا من عملها بيع الاعلانات المخصصة للمستخدمين عن طريق جمع البيانات.
ودعا المحاسنة المستخدمين الى البحث والقراءة وزيادة ثقافتهم حول مواضيع التقنية والتطبيقات وسياسات الخصوصية، وقراءة بنود الشروط والاحكام وسياسات الخصوصية التي تكون مرفقة مع كل تطبيق يجري تحميله وان لا يوافقوا على اي سياسات يشكون بها او قد تتضمن بنودا لجمع بيانات كبيرة عنهم حتى لا يتم استغلالها بشكل لا يرضي المستخدم وبشكل لا ينتهك خصوصيته، لافتا الى اهمية رفع مستوى الوعي عند الناس من خلال متابعة الخبراء في مجال التقنية، والجمعيات المعنية بهذا الشان كالجمعية الاردنية للمصدر المفتوح، فضلا عن اهمية استعجال الحكومة في اقرار قانون حماية البيانات الشخصية الذي تعمل عليه منذ سنوات وذلك لما له من دور في حماية بيانات الناس في العالم الرقمي.
ويرى خبير أمن المعلومات والجرائم الإلكترونية الدكتور عمران سالم، ان الجدل والاعتراضات التي دارت على المستوى العالمي والمحلي اخيرا بخصوص تحديثات واتساب على سياسة الخصوصية كانت ” ايجابية” وذلك لانها تدلل على ارتفاع وعي المستخدمين والناس باهمية خصوصية البيانات ورفضهم لاي انتهاك او تعدي عليها.
واشار الى ان المشكلة ليست بالجديدة حيث ان كل التطبيقات تجمع بيانات مختلفة عن المستخدمين، والمسؤولية تقع في معظمها على الناس الذين لا يعرفون الكثير عن المجال التقنية والتطبيقات وما تجمعه من بيانات.
وجدد سالم الحديث عن ان تطبيقات الفيسبوك والإنستغرام تجمع بيانات كثيرة عنا فصلاحيات هذه التطبيقات كبيرة والمعلومات التي تجمعها أضعاف ما يقوم به الواتساب بجمعه، ولذا علينا مراجعة كل استخداماتنا لهذه التطبيقات ومعرفة الصلاحيات والبيانات التي تجمعها عنا، وقال: ” ان الانتقال من تطبيق إلى آخر اشبه بإجراء مكالمة من غرفة أخرى في داخل بيت كبير.. يجب أن يكون البيت آمنا بكامله لتضمن درجة عالية من الخصوصية … هواتفنا لا تخلو من عشرات بل مئات التطبيقات التي قد تتجسس على التطبيقات الأخرى”.
واكد ان خصوصية المستخدم ليست مرتبطة بتطبيق واحد فمعظم الشركات تتاجر بمعلوماتنا للأسف ، ونصح المستخدم بالا يفرط بمشاركة حياته في الفضاء الإلكتروني ليكون اكثر امانا.
واوضح سالم ان التجارب الرقمية اثبتت ان التطبيقات ذات المصادر المفتوحة قد تكون لها قوة كبيرة في الانتشار وحفظ الخصوصية… فمثلا نظام التشغيل لينكس وقاعدة البيانات الشهير “ماي أس كي إل” والمتصفح الشهير “فايرفوكس” وبرنامج إدارة الإيميلات “ثندر بيرد” ومدير الخوادم “أباتشي” وغيرها الكثير، كلها تطبيقات وبرمجيات مجانية تطوع لها ثلة يكرهون الاحتكار وهي تحقق نجاحات كبيرة.
ونصح باستخدام تطبيق مثل سيغنال المشفر الذي يتم دعمه حاليا من عدد كبير جدا من المبرمجين والمتطوعين حول العالم إضافة لعدد كبير من المؤسسات التي تحمي حرية التعبير وتهتم بالخصوصية.
واوضح الخبير في مضمار التقنية حسام خطّاب ان التصريح الاخير لتطبيق ” واتساب” يؤكد انه لن يوقف أو يلغي الحسابات في 8 شباط(فبراير) 2021 كما كان مقرراً سابقا، ولكنه اشار الى ان هذا التصريح هو ” تأجيل للإجراءات حتى شهر أيار(مايو) 2021، وليس تراجعاً كاملاً عنها”.
وبصرف النظر عن كون التصريح ” تاجيل للقرار” ، اكد خطاب ان القضية بمجملها ادت الى ارتفاع مستوى الوعي الناس باهمية خصوصية البيانات وان الضغط العالمي في مواجهة قرار واتساب الاخير اسهم في تجميد القرارات التي اعلن عنها في التحديث الاخير وقال: ” نحن مجتمعون نستطيع التأثير، ولعل الهجرة الجماعية نحو تطبيقات السغنال والتيليغرام وغيرها كانت سبباً مهماً في تجميد القرارات السابقة”.
وقال خطاب، ان قضية الواتساب هذه تظهر أهمية وجود قوانين تحمي خصوصية الأفراد في الدول؛ فمثلاً هذه التعديلات ستكون أقل فاعلية في دول الاتحاد الأوروبي بسبب وجود قانون الخصوصية GDPR الذي ينظم تصرفات الشركات في تعاملها مع بيانات الأفراد.
وجدد تأكيد اهمية وعي المستخدم الذي اعتبره ” خط الدفاع الأول تجاه هكذا ممارسات. فالبيانات تحت تصرف صاحبها بداية، فكلما زاد وعي المستخدم في حمايتها ومشاركتها، زادت مهمة الشركات صعوبة في استغلالها.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار