تقارير وتحقيقات

كوارث قطاع الكهرباء بالعراق.. اطاح بسبعة وزراء ونجا اثنان حتى الان اقتصاد

((وان / متابعة))
منذ عام 1990، لم يمر يوم على العراقيين وهم ينعمون بطاقة كهربائية مستمرة، بعد تعرض أغلب محطات الطاقة في البلاد للضرر خلال العمليات العسكرية المرتبطة بغزو الكويت من قبل الجيش العراقي.
ورغم إن بعض المحطات أعيدت إلى العمل، كان تجهيز الطاقة دائما أقل من الطلب عليها، خاصة بعد أن وصل عدد سكان العراق الى الضعف عام 1990.

ويقول الخبير في مشاريع الطاقة الكهربائية، ياسين خليل، لموقع “الحرة” إن العراق يحتاج إلى رفع طاقته الإنتاجية بنحو الضعف لتأمين مستويات مستقرة من الطاقة، وربما أكثر من هذا في فصل الصيف”.

وينتج العراق ويستورد 19 ألف ميغاواط في الساعة، فيما يحتاج إلى نحو 40 ألف ميغاوات لتأمين الكهرباء للدور والمؤسسات الحكومية والمستشفيات.

ويقول خليل إن “العراق يحتاج إلى نحو 20 ألف ميغاواط إضافية في حال أراد دعم الصناعات المحلية”.

وتقول إحصاءات وزارة التخطيط العراقية إن مستويات الطلب على الكهرباء ترتفع بنسبة بين 7 – 10 بالمئة سنويا، لا سيما في ظل التوسع السكاني والاقتصادي.

وبدأ العراق أول محاولاته الكبيرة لتجهيز الطاقة الكهربائية بالتعاقد مع شركة سيمنز الألمانية وجنرال إلكتريك الأميركية لتجهيز نحو 10 آلاف ميغاواط في العام 2008، في وقت كان إنتاج العراق في العام ذاته، نحو 6 آلاف ميغاواط.

وبلغت قيمة العقود، التي توقع وزير الكهرباء حينها كريم وحيد أن تغطي حاجة العراق من الطاقة نحو خمس مليارات دولار.
ووقتها، قال وحيد، إن العراق يحتاج إلى 25 مليار دولار، وثلاث سنوات “ليغطي نقص الطاقة بالكامل”، وأن “عام 2011 سيكون عام الحسم الكامل بالنسبة للعراق”.

لكن بعد 12 سنة من تصريحات وحيد، ونحو 80 مليار دولار، يقضي العراقيون شتاء مظلما وباردا بسبب عدم تجهيز إيران للغاز والطاقة التي تحتاجها محطات الإنتاج العراقية بعد تراكم الديون على العراق.

الفساد الإداري

حصلت شركتا سيمنز وجنرال الكترك على أغلب العقود العراقية في مجال الطاقة، حيث إن محولات سيمنز ومولداتها تشاهد في كل مكان تقريبا في العراق.

لكن مشاريع الطاقة التي تنفذها الشركتان رافقتها العديد من المشاكل منذ أول يوم لها في العراق.

ويقول الكاتب العراقي رياض محمد إن “بعد مرور 11 سنة ونصف من توقيع العقد مع سيمنز وعلى الرغم من إنفاق ما لا يقل عن 3 مليارات ونصف المليار دولار على الوحدات التوليدية والمحطات بالإضافة الى مليارات اخرى على التشغيل والوقود لاتزال المحطات العاملة لا تنتج أكثر من نصف او ثلث مجموع الطاقة التي تعاقد عليها العراق”.

ويعزو محمد هذا إلى عقبات إدارية وإهمال تسبب باحتراق معدات بصورة متكررة، وأيضا إلى مشاكل رافقت التجهيز من قبل شركة سيمنز وإخفاقات في فرض معايير السلامة أدت إلى احتراق محطات كهربائية أو أجزاء منها مما جعل عقد سيمنز يصبح “خسارة اقتصادية للعراق” بحسب رياض.

ويقول الخبير في مشاريع الطاقة الكهربائية ثامر عجيل إن “الإهمال والفساد هو السمة الغالبة على كل مراحل تنفيذ العقود الكهربائية من التعاقد وإلى التجهيز والنصب والتشغيل”، مضيفا أن “الوزارة تحولت إلى مقبرة لكل وزير يستلمها، كما أنها أكثر القطاعات فسادا في البلاد”.

ومن بين تسع وزراء للكهرباء تولوا الملف منذ عام 2003، هناك اثنان فقط لم يلاحقا بتهم فساد، هما الوزير حسين الشهرستاني، الذي اتهم بالمشاركة في فساد بوزارة النفط من قبل صحف أجنبية، لكن القضاء لم يحقق في هذه التهم، ووزير الكهرباء الحالي ماجد مهدي.

أما السبعة الباقون فهم بين مسجون بتهم فساد (وزيران) أو لا يزال يخضع للتحقيق، أو أصدرت بحقه أوامر قبض ومنع من السفر.
وقال مسؤول سابق في دائرة المشاريع ب‍وزارة الكهرباء، طلب من موقع “الحرة” عدم ذكر اسمه إنه “كان شاهدا على شراء محولات كهرباء صغيرة غير صالحة للعمل”، لكن هذا “لم يمنع الوزارة من التعاقد على المزيد”.

ويعتقد أن الفساد الإداري سبب ضياع 62 مليار دولار بشكل مباشر، فيما أدى التعاقد على محطات غير مناسبة للوقود العراقي إلى ضياع نحو 3 مليارات أخرى.

ويقول المسؤول السابق إن “القطاع الخاص يسلم المحطات إلى وزارة الكهرباء ليتلفها فنيوها بسبب سوء الاستخدام”.

وسبب الإهمال خسائر كبيرة وضعفا في المحطات التي تعمل حاليا، بحسب الخبير ثامر عجيل الذي قال لموقع “الحرة” إنه “فوجئ بفنيين من وزارة الكهرباء العراقية يقومون بقلي الباذنجان في غرفة تحكم محطة الكهرباء في الرميلة بمحافظة العمارة”، مضيفا “حينما نصبنا تلك المحطة كنا نرتدي تجهيزات جراحية لمنع دخول الغبار والشعر البشري إلى أجهزة التحكم الحساسة”.

الحلول

ويقول خبير المشاريع الكهربائية ياسين الشمري لموقع “الحرة” إن “قطاع الكهرباء في العراق مدمر بالكامل، ويحتاج إلى إعادة هيكلة شاملة تبدأ من رسم السياسات والتخطيط الصحيح وتنتهي بالتعاقد مع شركات رصينة للتنفيذ والصيانة”.

ويقدر الشمري أن العراق سيحتاج إلى 20 مليار دولارا وإلى 4-5 سنوات من العمل “الجاد” قبل أن تنتهي مشكلة الكهرباء في العراق “إذا بدأنا هذا اليوم”، لكنه يبدي تشككا بأن الحكومة قادرة “أو راغبة” بإيجاد حل.

وبحسب الشمري فإن من الممكن “تحويل ملف الكهرباء بالكامل إلى شركات استثمارية عالمية”، لكن هذا يعني “إن أسعار جباية الكهرباء سترتفع بشكل كبير، كما إن انفلات الأمن سيجعل المستثمرين غير راغبين بالمراهنة على أموالهم في العراق”.

ويعتقد الشمري إن “مشكلة الكهرباء هي جزء من مشكلة العراق، حيث يتعاضد نقص الأمن والفساد والثقافة العامة على خلق حلقة مستمرة من المشاكل غير القابلة للحل. انتهى

المصدر السومرية نيوز

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار