العربي والدولي

فلسطين تخسر صحابييها

– بقلم رضوان عبدالله..
يكثر الموت في هذه اﻻيام في مخيمات وتجمعات لبنان ؛ انه الموت ، كما في باقي مناطق لبنان ؛ فانه يداهم البيوت خبط عشواء ودونما سابق انذار طبعا ﻻن الموت حق كما الساعة حق ؛ لكن المحزن والمؤسف الذي كثير منا ﻻ يﻻحظه او لم يتنبه له هو موت الكبار ، وموت الجيل الثاني وحتى الجيل الثالث من النكبة ، اي موت صحابيي فلسطين وتابعي فلسطين ان صح التعبير ؛ نعم هم صحابيو فلسطين وتابعيها الذين ولدوا فيها ونشأوا النشأة الاولى او ربما شب الكثير منهم فيها قبل ان يغادروها قسرا ﻻ طواعية من امرهم ؛ او اولئك الذين ولدوا ما بعد النكبة وترعرعوا في مخيمات وتجمعات اللجوء والمنافي ، واصبحوا رجالا في قواعد الثورة والنضال وفي منافي التهجير والشتات ، والمحزن اﻻكبر ان جزءا من هؤﻻء الصحابيين والتابعين هم من فئة المعلمين ؛ ليس بالضرورة المتعلمين ؛ رغم ان كل المعلمين متعلمين ؛ لكنهم اكثر من ذلك فانهم معلمي ومربيي اﻻجيال ان كانوا في مدارس التربية و التعليم او في مدارس النضال ، اي التربية الوطنية الكبرى ، من اجل ذلك فان خسارتنا لهم تكون مضاعفة ﻻننا نخسرهم نحن كشعب فلسطيني ونخسرهم نحن كاجيال تربينا وتتلمذنا على ايديهم كما تخسرهم فلسطين التي ولدوا فيها وهجروا منها ، او ولدوا خارجها أ اي بعد التهجير واصبحوا رجالا خارج حدود الوطن ، رغم تعلقهم فيها تعلق الصحبة اﻻوفياء لمريدهم الحنون الأبي الأمين .
تخسر فلسطين صحابييها وتابعيها ، ويوميا ، بدون ان نسمي الاسماء لانها كثيرة ولا نستطيع احصاءها بدقة ، فالذاكرة الشفهية تخون مرات ومرات ؛ والمصيبة الكبرى في موت او وفاة او استشهاد الكبار ، عمريا ومعنويا ، هو الخسارة المعنوية و التراثية و فقدان الذاكرة الشفوية لشعبنا الفلسطيني وخسارة القدوة و القيادة ،فالكبار هم الارث والذاكرة اكثر من ان يكونوا الذكرى فقط ، فأين هو جدي و جدك و جدتي و جدتك؟ بل اين هو ابي وابوك و ابائنا وامهاتنا وجداتنا و جدودنا الذين خرجوا من فلسطين و كانوا صبية او شبابا او فتية او فتيات او حتى رجالا او نساءَ…. بل اين هم كقيادة و كقدوة ….لا ارغب بالدخول بالاسماء لكن و اكيد ان كل مخيماتنا كان بها جدودنا الكبار و جداتنا الكبيرات …او جدود و جدات لجيراننا و كان كل صغار الحي يسمعون كلمة كبير الحي و كبير القوم بل وكبير المخيم اجمع، الك كان يحترم و يوقر و يخاف و يهرب من ان يراه احد الرجال او حتى المعلمين عن بعد لا يقل عن خمسمائة متر ، وهو بالشارع (داير بعد العصر او قريب المغرب ) لماذا لا زلت خارج المنزل ….و….عقابه ان لم يكن بالمنزل يكون بالمدرسة لانه يجب ان يتربى ما يكون (داير بالشارع بلا سبب مقنع حتى لوجيه الحي او الحارة …!!!
ايضا ، اين هي شجرات فلسطين العامرة التي غادرت الوطن بريعان شبابها لتقضي بقية العمر لاجئة ، تلك الشجرات الباسقات التي كانت تظللنا تحت اوراقها واغصانها و تغذينا من ثمارها الاخلاقية و الادبية و الدينية ؟؟ . اين هي تلك الزيتونات التي كانت شابة و عمرت خارج الوطن .انا لم اتمالك نفسي حين سمعت ان الحي الفلاني مختلفون اهله على ماذا؟؟!!! على شيء تافه وحين سأل احد الموجودين عما ان كان هناك من كبير بالقوم ليمنع حدوث اشكال قال لالالالا…وهذه مصيبة اخرى ….كبارنا يتوفون و( عقول الاطفال وربات الحجال يختلفون )…الحي الفلاني يطلق النار على حي اخر… والعائلة الكريمة الفلانية يخرج بين بين حمولات قبيلتها فرخ يطلق النار على فرخ اخر من عائلة كريمة اخرى…الا يوجد كبير من القوم يمنع الفرقة و يصلح ذات البين؟…. ان توفيت معمرة من قرية ما فإن كل شعبنا الفلسطيني هو الخاسر وان توفي معمر من بلدة اخرى فإن شرائح شعبنا الفلسطيني كافة هي الخاسرة ….من كل اللاجئين ، من كل بلدات و مدن و قرى فلسطين والذين يسكنون مخيمات و تجمعات اللجوء خسارتنا هي وفاة كبارنا خاصة ان لم نتعلم منهم الحلم و الاخلاق و المثل والقيم وبالاخص اكثر ان نسينا انهم هم قدوتنا و قادتنا قبل اي قدوة و قبل اي قائد…
المنزل هو الاساس قبل ان يكون التنظيم و اللجنة و الحي و الشارع والحركة و الجبهة و الحراك و المؤسسة الخ….حتى قبل ان تكون المدرسة لان المنزل هو المدرسة الاولى …. وان الامم الاخلاق ما بقيت فان هم ذهبت اخلاقهم ذهبوا …كما قال الشاعر …بل ان ديننا ركز على الاخلاق العظيمة بقوله تعالى في القرأن المجيد (وانك لعلى خلق عظيم))).
مخيماتنا تخسر الكثير ، من الكبار ومن المناضلين ومن الكبيرات والمناضلات ، وان لم نستدرك حالنا واوضاعنا فان الخسارة ستكون اكبر خلال السنوات القليلة المقبلة حيث سيتندثر وجود كبير للقوم ( على الطريقة القديمة ) من ناحية الاخلاق و المثل و القدوة ….لا تجعلوا منافذ الشياطين تكثر او تتكاثر وتتوالد ، و لا تجعلوا منافذ الصلح و الخير تقل و تنضب او تجف …لا تجعلوا اغصان الزيتون الفلسطينية تسقط من بين ايدينا لصالح العدو المتربص بنا باشكال عديدة ، لا تجعلوا الحراب ( قطع الطريق ) هي الحكم بيننا ….(خذ العفو و اامر بالعرف واعرض عن الجاهلين )، هذه واحد من عشرات المئات من الايات و مثيلها الاف من الاحاديث النبوية الشريفة التي تحض على البدء بالتي هي احسن …خصوصا بين الاهل والاصحاب و الاقارب و بالاخص بين اصحاب مصيبة واحدة فالمصيبة تجمع بين اهلها ونحن اهل مصيبة منذ ما يزيد عن 72 عاما ….اليس كذلك؟؟؟!!
رحم الله كبارنا كانوا يقولون لنا ان حصلت معك اي مشكلة فالحق مع خصمك الى ان يتبين العكس او لحين ان يتبين لنا عكس ما تقوله ……ولتكن هذه الخاطرة دعوة و انطﻻقة لتوثيق سجل الخالدين من صحابيي فلسطين وتابعيها والتابعين الى يوم النصر و التحرير القريب باذن الله ، اولئك الذين فقدناهم على مر ال72 عاما مضوا…!!! ورحم الله كل المناضلين الذين سقطوا على درب التربية والشهادة و الثورة والنضال ، على درب فلسطين بكل تشعباتها النضالية والتربوية والاجتماعية و السياسية والعسكرية والرياضية ….، الجماهيرية عموما ، ان كانت وطنية او قومية .

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار