مقالات

رؤية.. الحل الحضاري

محمد عبد الجبار الشبوط
هناك اجماع الان على ان العراق (دولةً ومجتمعا وافرادا) يعاني من مشكلات جمة. ولا اريد ان استخدم مصطلح “الازمة العراقية” لعنونة هذه المشكلات. لكن الاكيد ان هذه المشكلات تشمل معظم ان لم نقل جميع جوانب الحياة، بدءاً من السلوك الشخصي للافراد انتهاءً بالسلوك العام للمسؤولين الحكوميين والسياسيين. نحن نعاني من مشكلة عامة متعددة الجوانب والاشكال والمظاهر.
هناك حديث عن المشاكل السياسية، والمشاكل الاقتصادية، والمشاكل الادارية، والمشاكل الاجتماعية. وهناك حديث بطبيعة الحال عن الفساد، والبطالة، والفقر، وسوء الخدمات الخ. وهناك مشكلة غير منظورة وهي: مشكلة الطريقة السليمة لحل هذه المشاكل.
فيما يتعلق بالمشكلة الاخيرة هناك من يتحدث عن الحل الاقتصادي، او الحل السياسي، او التوظيف في دوائر الدولة، او محاربة الفاسدين، الخ.
والمشكلة في هذه الحلول، او مقاربات الحلول، انها تجزيئية، فوقية، تعالج القشور وتهمل الجذور، ولذا نجد انها لم تفلح في وضع العراق على الطريق الصحيح.
نحتاج اولا الى تشخيص جوهر المشكلة، وهو: الخلل الحاد في المركب الحضاري والقيم العليا الحافة بعناصره الخمسة. وهذا هو تعريف “التخلف الحضاري” بعينه. فالتخلف هو هذا الخلل الحاد لا غير. وما عداه نتائج ومظاهر خارجية.
واذا كان التخلف الحضاري (=الخلل الحاد) هو عنوان المشكلة، فان معالجة ذلك يجب ان تتم من خلال “الحل الحضاري”. والفرق الاولي بين الحل الحضاري والحلول الاخرى، ان الحل الحضاري شامل، يشمل ضمنا كل الحلول الاخرى وزيادة.
لكن الفرق الاساسي بين الحل الحضاري والحلول الاخرى، ان الحل الحضاري ينصرف مباشرة الى معالجة الخلل الحاد في المركب الحضاري، ولا ينشغل فقط بمعالجة الظواهر الخارجية، والقشور، والترقيعات هنا وهناك. وهذه الجذرية في الحل ضمانةٌ اكيدة في النجاح. لانك متى ما تم اصلاح الخلل في المركب الحضاري، امكن معالجة المشكلات الاخرى بحكمة وروية.
بناء على هذا سيكون لدينا الحل الحضاري للاقتصاد، والحل الحضاري للسياسة، والحل الحضاري للمجتمع، والحل الحضاري للفساد، والحل الحضاري للبطالة، والحل الحضاري للفقر، والحل الحضاري لكل مشكلة من مشكلات المجتمع.
والحل الحضاري يتحرك على ثلاثة مديات (جمع مدى): المدى القريب العاجل (سنة او ما يقرب منها)، المدى المتوسط (اربع سنوات او ما يعادل دورة تشريعية كاملة)، المدى البعيد (١٢ سنة، او ما يعادل دورة دراسية كاملة، او ما يقرب من جيل كامل).
دور الاقلية المبدعة يتمثل هذا في زرع بذور النهضة على اساس الحل الحضاري، ونشر الثقافة المتعلقة به، وتأسيس الوعي السياسي في ضوء هذه الثقافة.
وبدون هذا الحل الحضاري سوف يبقى المجتمع العراقي يدور في حلقة مفرغة.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار