مقالات

عن مكانين يكثر فيهما القفاصة…!

سرى العبيدي||

الأقفاص بيوت صغيرة جدا يصنعها “البستنجية” من أغصان أشجار الرمان الرفيعة في أوقات فراغهم، ولأن البساتين تعج بالبلابل التي يرغب بأقتنائها أهل المدن، فأن البستانيين يضعون داخل القفص تمرات ، فيدخل أحد البلابل القفص كي يأكل منها، فينغلق باب القفص عليه، ليحتفظ به البستاني أسيرا عنده..
البلبل بعد أن يجد نفسه أسيرا داخل القفص يشرع بالبكاء رافضا الأسر، غير أن “الإنسان ـ البستاني” يحسب ذلك البكاء تغريدا فيطرب له، تماما كنواح الثكالى الذي عده بعض الموسيقيين من تراث الفن، ومثل هذا القفص صنعته قوى سياسية قدمت (تمراتها) برامج براقة، حسبها المواطن العراقي أنها ما سيحل مشكلاته في الحرية والإقتصاد والعدالة الإجتماعية، وأنها ستوفر عمودا يرتفع في نهايته مصباح يضيء عتمة الليل، و تعطيه مسكنا متواضعا يأوي عياله، ولهم مدرسة جدرانها ليست من طين،مثل جدران كثير من مدارس الجنوب المنكوب.. كما وعده بعضهم براتب دائم كحصة ثابتة من النفط! ولذلك هرع 70% من العراقيين الى صناديق الأنتخابات!…
ولأني بلبل من البلابل التي دخلت القفص، فلقد قرأت بإمعان عدداً كبيراً من برامج الأحزاب والكيانات والكتل السياسية كانت قد عرضتها على (البلابل)امثالي إبان إنتخابات برلماننا الحالي، فوجدتها لا تختلف عن بعضها البعض بالرؤى والآمال والأحلام والوعود والمواعيد التي تعد المواطن بها.. بل وجدت بعضها متطابقة الى حد كبير بالتفاصيل، وبعضها متطابقة بالمعنى اللغوي، ومنها ما هو متطابق حرفيأ!!
أعدت القراءة مرات ومرات فوجدت أن بعضها كتبها شخص واحد لتلك الكيانات المختلفة بالمواقع السياسية!! ومع أن منهم من يضع الدين أساسا لعقيدته السياسية، ومنم من يضع القومية نبراسا لمسيرته، وآخر يعتبر الديمقراطية أولويته، لكنها جميعا تتحدث عن الوطن (القفص) بنفس اللغة! ولكن وعلى أرض الواقع فأن وطنها هو فئتها السياسية أو الحزبية، أو الجماعة، ومنهم من كان وطنه الحلقة الضيقة التي تحيط برئيس الكتلة، ويسمون ذلك (المشروع الوطني العراقي)..
وهو(تقفيص) سياسي ليس إلا…إنهم بلا شك صانعو أقفاص ليس إلا!.. ترى هل جاءت مفردة “القفاصة” من القفص؟ ربما…
سأدلكم سادتي على مكانين يكثر فيهما القفاصة، واحد في منطقة الباب الشرقي والثاني في الجهة المقابلة للباب الشرقي، أقصد في الكرخ، في منطقة أطلق عليها رجل أجنبي أسم المنطقة الخضراء…
في المنطقة الأولى يمكن أن تضيع أنت وفلوسك و”لا من شاف ولا من درى”.
وفي المنطقة الثانية يضيع حاضرنا ومستقبلنا ويشوه ماضينا، لكن تحت سمعنا وبصرنا وبرضانا “فوكَاتهه”.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار